من داخل مقبرة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، التي حفرها جيش الاحتلال لشهور طويلة، وأخرج جثث الشهداء ونبشهم، سلمت المقاومة الفلسطينية 4 جثث لأسرى إسرائيليين كانت قد قتلتهم قوات الاحتلال خلال قصف جوي، داخل توابيت سوداء في رسائل تحدّ للاحتلال.
ونجحت المقاومة في إيصال رسائلها لحكومة بنيامين نتنياهو، وجيش الاحتلال، والمجتمع الإسرائيلي، من خلال مشاهد تسليم جثث الأسرى التي كانت مدروسة بعناية في كل خطوة تمت فيها خلال عملية التسليم التي جرت الخميس.
وأظهرت المقاومة قدرتها من خلال تسليم الجثث قوتها، وأن كل ما يروّجه نتنياهو عن الضغط العسكري لم ينجح في تحقيق إعادة الأسرى أحياء أو جثثًا، إلا من خلال صفقة التبادل، وذلك في إشارة للمرحلة الثانية من الصفقة.
رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، رامي الشقرة، أكد أن المشاهد التي صدرتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، والمقاومة الفلسطينية، تحقق الرواية الكاملة للحق الفلسطيني.
وقال الشقرة لـ "فلسطين أون لاين": "تعبر عملية تسليم جثث الأسرى من مقبرة بني سهيلا شرق خان يونس، عن دلالة واضحة أن هذا العدو الذي قتل أسراه بدم بارد، ولم يعطِ أي اعتبار لهم لأنهم أبناء شعبه، وتوهم في كل محاولة أنه قادر على قتلهم بدم بارد وهم من جمهوره، فقتله لهم كقتله للأطفال الفلسطينيين بل تعبير أشد دموية، وظهور الطبيعة الإجرامية التي يتميز بها العدو الإسرائيلي".
وأوضح الشقرة أن المقاومة الفلسطينية أظهرت أنها الأحرص على الدم الإنساني، وسخّرت كل الوسائل لحمايته وصونه، وحافظت على الإنسان وكرامته حيًا وميتًا كاستراتيجية فعّالة لانتصار الدم على آلة البطش الإسرائيلية.
وأشار إلى أن عملية تسليم الجثث هي انتصار للرواية الفلسطينية، وللحق الإنساني للفلسطينيين بالعيش على هذه الأرض، وأنهم الأحق بها، وبينت زيف رواية الاحتلال.
ولفت إلى أن مشاهد تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين سيكون لها تأثير كبير على المجتمع الإسرائيلي، خاصة أن مهندسي الوعي من المقاومة الفلسطينية علموا مدى الإخفاق الذي منِي به الإسرائيلي وقيادته بعدم القدرة على الحسم العسكري مع الشعب الفلسطيني وقواه الحية في الميدان، ولم يقتلع بإبادة الشعب الفلسطيني ولم يأخذ منه موقف استسلام. سينعكس ذلك على الروح المعنوية لجمهوره الإسرائيلي.
وأردف بالقول: "المشاهد ستعزز رواية المقاومة، وسيكون لها تأثير في خلخلة وحدة المجتمع الإسرائيلي الذي توحش في بداية طوفان الأقصى، لكنه الآن بدأ في العد التنازلي لخسارته النفسية والكيانية وحقيقة وجوده على هذه الأرض".
كذلك، اعتبر الكاتب الصحفي أحمد عبد العزيز أن المنطقة الشرقية لخانيونس التي جرت فيها مراسم تسليم جثث أسرى الاحتلال بتوابيت لها، تحمل رمزية عالية في الذاكرة الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء.
وقال عبد العزيز لـ"فلسطين أون لاين": "على هذه الأرض سُجّلت ملاحم بطولية للمقاومة، ليس بدءًا من عملية حد السيف وقائدها الشيخ نور بركة، وليس انتهاءً بكمين الأبرار في رمضان الماضي وقائده سالم الدرديسي، عدا عن عمليات بطولية وعلى درجة عالية من الإتقان والبطولة في يوم 7 من أكتوبر".
وأوضح عبد العزيز أن المنصة حملت لافتة واضحة ردًا على الدعاية الصهيونية التوراتية التي حملتها ملابس الأسرى المحررين في الدفعة الماضية بعبارة "ما كنا لنعفو أو ننسى وكان الطوفان موعدنا".
وأشار إلى أن التوابيت حملت صور الأسرى القتلى الإسرائيليين والمسؤولين عن قتلهم، وهم رئيس حكومة الاحتلال ووزير حربه ورئيس الأركان في الطرف الآخر، إضافة لوضع صور الصواريخ الأمريكية التي قتلت هؤلاء الأسرى.
وبين أن المقاومة تريد إرسال رسالة للمجتمع الإسرائيلي أنها فعلت كل ما يلزم للحفاظ عليهم، لكن آلة القتل الإسرائيلية الأمريكية هي من أصرت على قتلهم.
وأردف بالقول: "كان الحضور لافتًا في تنوعه الواسع من الطيف الفلسطيني ومكونات المجتمع الفلسطيني، دليلاً واضحًا على سيطرة حماس على اليوم التالي للحرب؛ قادة وعلماء ومسؤولون حكوميون وعشائر ومخاتير وذوي الشهداء شاركوا في مراسم التسليم".
واعتبر أن مشاركة عدد من الأسرى المحررين في صفقة طوفان الأقصى من المؤبدات وأصحاب المحكوميات العالية المبعدين لغزة هي رسالة بالغة الأهمية للعدو، أن كل ما مارسه الاحتلال تجاه الأسرى في سجون الاحتلال يعتبر حافزًا أكبر لدفعهم للاستمرار في تحدي العدو ودليلًا على حملهم راية المقاومة من جديد، وليس العكس.