لا يدخر الاحتلال الإسرائيلي جهداً في إطلاق الاتهامات بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونه خصوصاً الذين اعتقلهم خلال حرب الإبادة الجماعية التي امتدت على مدار أكثر من 470 يوماً، فكانت أبرزها "المقاتل غير الشرعي".
و"المقاتل غير الشرعي" هو قانون إسرائيلي صودق عليه عام 2002، ويُطبقه الاحتلال منذ عام 2005 على المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، بحيث يجردهم بمقتضى القانون من حقوق المراجعة القضائية والإجراءات القانونية والمثول أمام محاكمة عادلة.
وفي أعقاب حرب الإبادة الجماعية التي بدأها الاحتلال في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصدرت سلطات الاحتلال قراراً يقضي باعتبار جميع المعتقلين من قطاع غزة "مقاتلين غير شرعيين" وعلى احتجازهم في قاعدة "سديه تيمان" العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، ومن بين هؤلاء الأسرى مدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية.
ووفقاً لهذا القانون، فقد اعتقل الاحتلال آلاف المواطنين من قطاع غزة، بينهم مسنون ونساء وقُصّر، وزجّهم في سجون عسكرية تابعة للجيش، إذ يواجهون شتى صنوف التعذيب والتنكيل والإهانة.
ويذكر مدير مركز أحرار لدراسات شؤون الأسرى فؤاد الخفش، أن "المقاتل غير الشرعي" هو أسير فلسطيني من قطاع غزة يقبع في سجون الاحتلال دون توجيه أي تهمة له، كما قضية الاعتقال الإداري ضد معتقلي الضفة الغربية.
وأوضح الخفش لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال يطلق هذا المصطلح ضد المعتقلين من قطاع غزة حتى يتهرب من القوانين والحقوق الخاصة بالمعتقلين الإداريين لأسرى الضفة وفق ما تنص قوانين الاحتلال.
وقال" الاحتلال أطلق على أسرى غزة صفة المقاتل غير الشرعي حتى لا يكون لهم حقوق كباقي الإداريين ومن أجل إطالة أمد الاعتقال دون توجيه تُهم واضحة"، مشيراً إلى أن الاحتلال يدّعي وجود ملف سري مُقدم من جهاز أمن الاحتلال العام "الشاباك" ضد الأسير ولا يُمكن الكشف عن تفاصيله.
وبيّن خفش أن هذه الصيغة هي أحد أشكال إطالة أمد الاعتقال دون وجود قانون يُطلق سراحه، لافتاً إلى أن هذا الأمر تضاعف بحق أسرى غزة خلال حرب الإبادة الأخيرة، حيث يتم تصنيفهم بهذه الصفة.
وشدد على أن "هذا التصنيف لا يوجد له مثيل في العالم وهو مخالف للأعراف والقوانين الدولية وبالذات أنه لا يُحدد مدة الاعتقال بل بخضع ذلك لأهواء جهاز الشاباك".
بدوره، قال مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في جنوب الضفة فريد الأطرش، إن الاحتلال يستخدم هذا المصطلح لنزع صفة أسرى الحرب عن معتقلي غزة ومحاكمتهم كأنهم "مجرمون".
وأكد الأطرش لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال أقرّ هذه الصفة ضد أسرى غزة، من أجل تجاوز القانون الدولي الإنساني وحقوق الأسرى ويتعامل معهم على أنهم "جنائيون" وليسوا أسرى حرب.
وشدد على أن "الاحتلال يسعى من خلال الصاق هذه الصفة بالأسرى إلى إطالة أمد الاعتقال دون توجيه أي لائحة اتهام ضدهم، وهذا الأمر تضاعف خلال حرب الابادة على قطاع غزة"، معتبراً ذلك "مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة واتفاق القانون الدولي الإنساني".
تجدر الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي عرّف "المقاتل غير الشرعي" بأنه الشخص الذي شارك في أعمال عدائية ضد (إسرائيل) بشكل مباشر أو غير مباشر، أو هو عضو في قوّة تقوم بتنفيذ أعمال عدائية ضد (إسرائيل).
وبمقتضى القانون يتوجب على سلطات الاحتلال عرض المعتقل أمام "محكمة مدنية محلية" في غضون 14 يوماً من تاريخ الاعتقال، ويوجب قبول المحكمة ادّعاء سلطات الاحتلال بأن مجموعة ما تشكّل قوة "معادية" وأن انتماء المحتجز لها يجعل الافراج عنه مضراً بأمن دولة الاحتلال.