أكد القائم بأعمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، هشام أبو محفوظ، أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، يأتي امتدادًا لسياسته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وإعادة تشكيل المنطقة العربية، بما يخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أبو محفوظ في حوار مع صحفية "فلسطين": "إن خطة ترامب هي امتداد لـ"صفقة القرن" التي أطلقها خلال فترة رئاسته الأولى، والتي مثلت انحيازا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي وحكومته اليمينية المتطرفة ودعما سياسيا وعسكريا للاحتلال في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني".
وذكر أن خطة ترامب تأتي استكمالاً لسياسته في دعم الاستيطان وسياسة الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلتين، مشددًا على أن تصريحات ترامب اليومية حول الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه تُمثل تطهيرا عرقيا للشعب الفلسطيني.
ووفقا لأبو محفوظ فإن عقلية ترامب القائمة على الصفقات واضحة في خطة التهجير من خلال الضغط الذي يُمارسه على مصر والأردن لتكون جزء من التهجير باستقبال أهالي قطاع غزة، محذرًا من أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن إمكانية أن تستقبل المملكة العربية السعودية أهالي غزة تأتي في السياق ذاته.
ولذلك، أكد أن خطة تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة هي جزء من مشروع تأمري كبير يقوده ترامب بالتحالف مع نتنياهو لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة بعد الفشل الأمني والعسكري والسياسي الذي مني به جيش الاحتلال في عدوانه ضد قطاع غزة، على مدى 15 شهرا، منذ السابع من أكتوبر 2023.
محطة فارقة
وعن المرحلة المقبلة، رأى أبو محفوظ أن القضية الفلسطينية أمام محطة جديدة وفارقة، وأن خطة ترامب جزء من جملة محاولات تصفية قضية فلسطين منذ النكبة عام 1948، مشددًا على الشعب الفلسطيني أفشل هذه المشاريع بصموده وتضحياته ووحدته وتمسكه بحقوقه المشروعة وفي مقدمتها حق العودة.
وقال: إن الشعب الفلسطيني رغم حالة التشظي بين الضفة الغربية وقطاع غزة والأوضاع التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية لايزال قادرًا على إفشال مخططات تصفية القضية الفلسطينية، كما أفشل غيرها من المخططات عبر مسيرة طويله من نضاله المشروع منذ تهجيره عام 1948، وخاصة خطة ترامب التي لن تكون الأخيرة.
وأضاف: "نحن أمام فرصة مهمة لإفشال خطة ترامب، خصوصًا بعد أن ألحق الشعب الفلسطيني ومقاومته "أكبر هزيمة أمنية وعسكرية وسياسية" بالاحتلال الإسرائيلي منذ نشأته، وهي هزيمة أيضًا للإدارة الأمريكية التي تساند الاحتلال منذ إيجاده على أرض فلسطين".
وشدد على أن المشهد في الضفة الغربية يتطلب تحركًا فلسطينيًا موحدًا وموقفا حازما يطالب السلطة بإنهاء اتفاق "أوسلو" ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال والانحياز الكامل لخيار الشعب الفلسطيني. معتبرًا أن يحدث في الضفة الغربية وخاصة في مخيم جنين هو عبارة عن رفض صريح من الاحتلال والإدارة الأمريكية لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يتطلب موقفا فلسطينيا موحدًا للتصدي للعدوان بكافة الوسائل المشروعة والمكفولة بالقوانين الدولية.
أما في قطاع غزة، أكد أبو محفوظ أن المشهد يعكس الأزمة الإنسانية الكبرى، بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية التي قتلت عشرات الآلاف ودمرت المشافي والمباني والبنى التحتية، ومع ذلك أشار إلى أن صمود الشعب الفلسطيني ومقامته التي تدير صفقة تبادل بكل جدارة شكل فشلا لنتنياهو ولعدوانه على شعبنا بإنهاء المقاومة.
ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية بعد أن شاهدت المقاومة الفلسطينية لا زالت موجودة وتتحكم بالمعركة رغم الظروف الصعبة وفقدان العديد من قياداتها، أدركت فشل نتنياهو في تحقيق أي من أهداف حربه على قطاع غزة.
سلم الأولويات
وفي حديثه عن معركة "طوفان الأقصى"، أكد القائم بأعمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، أن المعركة أعادت وضع القضية الفلسطينية إلى سلم أولويات العالم، حيث لم تتوقف خلال 15 شهرا من الإبادة الإسرائيلية التحركات السياسية والشعبية والقانونية والإعلامية حول العالم لكشف الوجه الحقيقي للاحتلال ومحاولة نزع الشرعية عنه بوصفه "مجرم حرب".
وذكر أبو محفوظ أن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة دفعت العديد من دول العالم إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهو ما قابله الاحتلال بمواقف منددة، مما ساهم في توسيع العزلة الدولية ضد الاحتلال المجرم وقطع العلاقات معه من قبل العديد من الدول.
ولفت إلى أن جنوب إفريقيا رفعت دعوى في محكمة العدل الدولية ضد نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم إبادة في قطاع غزة، حيث انضمت العديد من الدول إلى هذه الدعوى، ما شكل حالة قلق لدى الاحتلال وما ترتب أيضا من اصدار محكمة الجنايات الدولية أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب يواف غالانت ورئيس الأركان "هرتسي هاليفي".
وشدد على أن حالة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني تعاظمت بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث وجد الاحتلال الإسرائيلي نفسه أمام عزلة دولية تتسع في ظل استمرار جرائم الإبادة التي ترتكب في قطاع غزة.
تحركات في مختلف الاتجاهات
وعن دور فلسطينيو الخارج في إسناد شعبهم، وصفهم أبو محفوظ بأنهم جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، حيث كانت المخيمات الفلسطينية في الخارج هي شرارة الثورة الفلسطينية، كما كان لفلسطينيي الخارج تحركات في مختلف الاتجاهات السياسية والشعبية والإعلامية والإغاثية منذ بداية حرب الإبادة على غزة.
وأوضح أن المؤسسات الفلسطينية في الخارج منتشرة في مختلف دول العالم، وكان لها تحركات متواصلة من التظاهرات والتحركات الدبلوماسية والشعبية والإعلامية التي فضحت الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وكان لهذه التحركات المستمرة دور مهم في حشد الدعم للقضية الفلسطينية ورفض الإبادة الإسرائيلية.
وبعد طرح خطة ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، ذكر أبو محفوظ أن هناك تحركات رافضة لهذه الخطة سياسية وشعبية وقانونية وإعلامية، وكذلك تحركات تهدف إلى التأكيد على حق العودة في مواجهة التهجير.
كما ذكر أن المؤتمر عمل منذ معركة "طوفان الأقصى" في عدة مسارات سياسية وشعبية وإعلامية وإغاثية لدعم الشعب الفلسطيني في الداخل. فعلى الصعيد السياسي، أكد المؤتمر على رفض حرب الإبادة وتجريم الاحتلال ودعوة الحكومات والدول والمؤسسات والهيئات للتدخل، كما تواصل مع العديد من البعثات الدبلوماسية في مختلف الدول لفضح جرائم الاحتلال ووقف العدوان.
وأضاف: "كما أطلقنا التحالف العالمي لمناهضة احتلال فلسطين بمشاركة شخصيات وممثلي هيئات من أكثر من 30 دولة حول العالم، ومن جنسيات وتوجهات سياسية ودينية مختلفة، وذك في إطار حشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية"، مشيرًا إلى أن الأمانة العامة كانت في حال انعقاد مستمر ومواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
أما على الصعيد الشعبي، ذكر أن المؤتمر الشعبي نظم بالشراكة مع العديد من المؤسسات الفلسطينية والعربية فعاليات ميدانية في مختلف الدول، كما عقد العديد من الندوات والمؤتمرات الصحفية حول تطورات العدوان الإسرائيلي.
ومن الناحية الإعلامية، أطلق المؤتمر العديد من الحملات الإعلامية التي تنقل حقيقة الاجرام الإسرائيلي بحق أهالي قطاع غزة، وعمل على نقل هذه الصورة إلى العالم وبلغات مختلفة.
وفيما يتعلق بالدعم الإنساني وتعزيز صمود أهالي قطاع غزة، أطلق المؤتمر الشعبي حملة "المؤاخاة"، ونفذ العديد من البرامج والحملات الإنسانية داخل قطاع غزة بهدف دعم أهالي القطاع، والتأكيد على وحدة المصير بين الفلسطينيين في الداخل والخارج.
كما أطلق المؤتمر، وفق أبو محفوظ، منصة "إسناد العالقين" من أبناء قطاع غزة في خارج فلسطين، وسعى إلى مد يد العون لهم، مشيرًا إلى أن المؤتمر يبذل جهودًا في ملف إعادة إعمار قطاع غزة، بعد التدمير الكبير الذي طاله.
وأشار إلى أن المؤتمر الشعبي يسعى، خلال الفترة القادمة، إلى مزيد من الحملات الإنسانية التي تعزز صمود الشعب الفلسطيني وتثبيته في أرضه، وهو ما يعني فشل خطة ترامب في التهجير.
وعن غياب الدور الجماهيري والطلابي العربي والإسلامي، أوضح أن الدور الشعبي العربي والإسلامي لم يكن بمستوى التحركات الغربية التي كانت لافتة وهامة في التعبير عن الرفض الدولي لحرب الإبادة الإسرائيلية، لكنه أكد أن ذلك لا يعني أن الشعوب العربية والإسلامية بعيدة عن القضية الفلسطينية، على العكس فإن القضية الفلسطينية قضية مركزية لدى الشعوب العربية والإسلامية.
وأرجع ضعف حالة التفاعل العربي والإسلامي إلى تضييق حكومات هذه الدول على فعاليات الدعم والاسناد، وما يتعلق بالأزمات الداخلية في هذه الدول، مؤكدًا أن هذا لا يبرر حالة التفاعل ما دون المستوى مع حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة.