أكد الخبير العسكري والاستراتيجي أحمد عبد الرحمن أن المقاومة في قطاع غزة قادرة على فرض معادلاتها السياسية والميدانية على الاحتلال الإسرائيلي، مستندةً إلى ورقة الأسرى كأحد أهم عوامل الضغط.
وقال عبد الرحمن في حديث لفلسطين أون لاين: "تهديد المقاومة بتأجيل تسليم أسرى الاحتلال دفعه إلى الرضوخ لمطالبها، خاصة بعد تدخل الوسطاء الذين حصلوا على تعهد إسرائيلي بالالتزام ببنود اتفاق وقف العدوان على غزة الموقع في يناير الماضي، والذي يتضمن البنود الإنسانية وإعادة مقومات الحياة للقطاع".
وفي خطوة تعكس تأثير هذا الضغط، أفادت القناة 12 العبرية بأن منظمات دولية تستعد لإدخال الوقود والمساكن المؤقتة والمعدات الطبية إلى غزة بشكل عاجل، مما يمهد الطريق لإتمام صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وكان الاحتلال قد عرقل دخول هذه المساعدات في محاولة لفرض واقع جديد يدفع الفلسطينيين نحو التهجير، في إطار سياسات تتماشى مع المخططات الأميركية لإعادة تشكيل الخارطة السياسية في المنطقة.
واضاف عبد الرحمن أن 3 من الأسرى الإسرائيليين عادوا بفضل صفقة تبادل جديدة مع المقاومة الفلسطينية، التي نجحت في فرض شروطها مرة أخرى على الاحتلال، مؤكدا ان هذا الإنجاز يؤكد مجددًا أن خيار المقاومة هو السبيل الوحيد لتحرير الأسرى الفلسطينيين وإجبار الاحتلال على الخضوع، رغم ما يمتلكه من قوة عسكرية ودعم غربي غير محدود.
وأوضح أنه رغم محاولات حكومة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو، الترويج للصفقة كإنجاز لها، إلا أن الواقع يكشف عن فشلها الاستراتيجي الذريع. فمنذ بدء العدوان، كانت سلطات الاحتلال تسعى إلى استعادة الأسرى بالقوة وسحق المقاومة، لكنها وبعد أكثر من ١٦ شهرًا من العدوانات العسكرية المكثفة، وجدت نفسها مجبرة على التفاوض وفق شروط المقاومة، وهو ما يبرز تحولًا في ميزان القوى.
واشار عبد الرحمن الى أن إعلان حركة حماس تاجيل تسليم الأسرى، ثم استئنافه بعد تعهدات الوسطاء، يعكس مدى تحكم المقاومة في مسار الأحداث. وعلى الجانب الآخر، تحاول حكومة بنيامين نتنياهو التغطية على هذا الإخفاق عبر تصعيد الخطاب الإعلامي والتلويح بمزيد من العدوانات العسكرية، إلا أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن الاحتلال فقد زمام المبادرة وأصبح خاضعًا لمعادلات فرضتها المقاومة.
وختم عبد الرحمن بأن صمود الشعب الفلسطيني رغم الحصار والدمار يعزز القناعة بأن الاحتلال بات عاجزًا عن فرض رؤيته السياسية، وأن معادلات الصراع تتغير تدريجيًا لمصلحة المقاومة، مما يجعل الاحتلال أمام تحديات متزايدة على المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية.
وأطلقت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، أمس السبت، عن ثلاثة أسرى إسرائيليين، أحدهم أميركي، ضمن الدفعة السادسة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وذلك مقابل إفراج الاحتلال عن 369 أسيراً فلسطينياً.
وتشمل صفقة "طوفان الأحرار" في مرحلتها الأولى بشكل كلي، الإفراج عن 1737 أسيراً فلسطينياً، حيث تمتد هذه المرحلة على مدار ستة أسابيع، بواقع دفعات أسبوعية.
يأتي ذلك فيما كررت حركة حماس، الجمعة، تأكيد التزامها باتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ كل مراحله وفقاً للمواعيد المقررة، في حين قال القيادي في الحركة طاهر النونو في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن حماس تتوقع بدء مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مطلع الأسبوع الحالي، موضحاً أن "الوسطاء يواصلون المباحثات في هذا الشأن".
وفي 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأ سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، ويستمر في مرحلته الأولى 42 يوما، يجرى خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.