قائمة الموقع

السيدة عوض تقضي نهارها في "ملحمة دجاج" لتحصيل رزق عائلتها

2025-02-14T11:27:00+02:00
السيدة عوض تقضي نهارها في "ملحمة دجاج" لتحصيل رزق عائلتها
فلسطين أون لاين

عصفت رياح الاعتقالات الإسرائيلية المريرة بعائلة السيدة سهاد عوض من مدينة الخليل، فحرمتها من رجال أسرتها - زوجها وأبناؤها-مرارًا وعلى فترات متباعدة. لكن أقسى تلك الفترات وقعًا على قلبها، هي حين يُعتقلون جميعًا دفعة واحدة، تاركين الأسرة بلا معيل أو سند، فلم تجد خيارًا أمامها سوى "نفض الغبار" عن "ملحمة الدواجن" التي يمتلكها زوجها، وتشمر عن ساعديها للعمل وتلبية طلبات الزبائن.

كانت خطوتها الأولى صعبة، خاصة أنها خشيت من ردة فعل أهل بلدتها بيت أمر شمال الخليل، وأن يُستهجن اقتحامها مجال عمل يقتصر عادةً على الرجال. لكن المفاجأة كانت في الدعم الذي تلقته من محيطها، إذ لاقت خطوتها استحسانًا وتقديرًا، عندما رأوها تفتح محل زوجها وتعمل بيديها لتحصيل قوت أسرتها، بدلاً من مدّ يدها لأحد، في ظل تغييب الاحتلال الإسرائيلي لزوجها وثلاثة من أبنائها دفعة واحدة في سجونه.

تزوّجت عوض قبل أن تتم السادسة عشرة من عمرها، ولم تُتح لها فرصة إكمال تعليمها، لكنها امتهنت الطب العربي الذي تعلّمته على يد كبيرات السن في عائلتها، ومنذ اثنين وعشرين عامًا تقصدها النساء من مختلف أنحاء الخليل طلبًا للعلاج.

تقول لـ "فلسطين أون لاين": "كان وقتي مكرّسًا لأسرتي ولممارسة الطب العربي، فيما كان زوجي يدير ملحمة الدجاج وينفق منها على البيت، وكان ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يكبر فيه أبناؤنا ليساعدوه في مهنته، لكنهم، منذ بلغوا سن الشباب، يتنقّلون بين سجون الاحتلال هو وهم".

الأب مرشد عوض وأبناؤه مهند ومجدي ومهدي تعرّضوا لعشرات الاعتقالات منذ قرابة عقدين، فكلما خرج أحدهم من السجن، دخل الآخر، لكن الأصعب كان في عام 2016، عندما اعتُقل الأربعة معًا دفعة واحدة.

حينها، وجدت عوض نفسها مضطرة لفتح محل زوجها والعمل فيه حتى لا تحتاج إلى مساعدة أحد، وحين علم زوجها وأبناؤها بذلك، شجّعوها كثيرًا، معبّرين عن فخرهم بها وبإصرارها.

وتكرر المشهد في عام 2023، حيث كان مجدي معتقلًا في شهر أغسطس، ثم اعتقل الاحتلال والده وشقيقيه، ومنذ ذلك الحين وهم رهن "الاعتقال الإداري"، فما إن ينهي أحدهم ستة أشهر حتى يمدد الاحتلال اعتقاله لستة أشهر أخرى.

اضطرت عوض للعودة إلى العمل، فكانت تفتح المحل منذ السابعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، يساعدها في العمل أصدقاء أبنائها، حيث يتولون ذبح الدجاج، بينما تقوم هي بالتقطيع والبيع للزبائن. تقول: "العمل ليس سهلًا أبدًا، فهو مرهق ومتعب، ويحتاج إلى الوقوف لساعات طويلة وبذل جهد بدني كبير".

وتضيف: "لكن العمل يخفّف من الألم النفسي الذي أعيشه في غياب زوجي وأبنائي، كما يُشغلني قليلًا عن نار الشوق في ظل منع الزيارات وانقطاع الأخبار عنهم. كلما سمعت عن أسير أُفرج عنه، أسرع لإرسال صورهم إليه، لعلّه يحمل لي خبرًا عنهم".

وتتابع بأسى: "هدول أربعة، مش واحد... بهدّ حالي بالشغل عشان لما أروح البيت أحط راسي عالمخدة وأنام من التعب، وما أضل أفكر فيهم وأتخيل ظروفهم الصعبة في السجن".

اخبار ذات صلة