قائمة الموقع

"تهجير الفلسطينيين".. خطط ومشاريع بريطانية وأمريكية وإسرائيلية منذ نحو قرن

2025-02-08T17:30:00+02:00
فلسطين أون لاين

أعادت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الرامية إلى تهجير سكان قطاع غزة، إلى الأذهان سلسلة طويلة من الخطط والمشاريع والتفاهمات التي تعود إلى نحو قرن من الزمن، والتي هدفت إلى تصفية القضية الفلسطينية وسرقة حقوق أصحابها الأصليين.

ولا تبدو خطة الرئيس الأمريكي الجديد، الذي تسلّم منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، جديدة من حيث الهدف، بل سبقها منذ القرن الماضي خطط ومشاريع وضعها رؤساء وقادة أمريكيون وإسرائيليون، سعوا إلى التخلص من الفلسطينيين أو مما وصفوه بـ"عقدة غزة" ومقاومتها.

ورغم اختلاف مسميات تلك الخطط وتفاصيلها، فإن القاسم المشترك بينها كان "الفشل" الذريع الذي واجهته بسبب صمود الفلسطينيين وانتفاضاتهم المتكررة، رغم مجازر القتل والدمار التي تعرضوا لها.

ومن القواسم المشتركة أيضًا، أن هذه الخطط والمشاريع سعت في الغالب إلى دفع الفلسطينيين إلى الهجرة نحو مناطق أخرى، مثل سيناء، أو مناطق في الأردن، أو التحفيز على العمل والاستقرار في دول الخليج، أو حتى إعادة توطينهم في دول إسلامية أخرى.

البدايات.. تهجير مخطط منذ عقود

تعود محاولات تهجير الفلسطينيين إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديدًا قبل وقوع نكبة عام 1948.

فكانت أولى هذه الخطط عام 1937، عندما اقترحت "لجنة بيل" البريطانية تقسيم فلسطين وتهجير الفلسطينيين من المناطق التي تزايد فيها الوجود اليهودي، حيث تسلل المستوطنون إلى المدن والقرى قبل النكبة. وردًا على ذلك، جدد الفلسطينيون ثورتهم التي انطلقت عام 1936.

وبعد نكبة عام 1948، التي هُجِّر خلالها مئات الآلاف من الفلسطينيين، جاءت "خطة سيناء" عام 1953، والتي اقترحتها الولايات المتحدة لتهجير الغزيين إلى مصر، لكنها باءت بالفشل بسبب مقاومة الفلسطينيين.

وفي عام 1965، اقترح رئيس وزراء الاحتلال ليفي أشكول مشروعًا لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، لكنه قوبل بالرفض العربي، إلى جانب تزايد النشاط السياسي الفلسطيني، حيث بدأ الفلسطينيون بإنشاء مؤسسات تعبر عن تطلعاتهم الوطنية، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية.

توالت الخطط.. لكنها فشلت

في عام 1970، تبنى قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، أرئيل شارون (الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء)، خطةً لتفريغ قطاع غزة من سكانه، ونقلهم إلى سيناء ومدينة العريش، اللتين كانتا تحت الاحتلال الإسرائيلي آنذاك.

وتضمنت خطته منح تصاريح للفلسطينيين الراغبين في مغادرة غزة للدراسة والعمل في مصر، مع تقديم حوافز مالية لتشجيعهم على ذلك، بهدف إحداث تغيير في التوزيع السكاني وتقويض المقاومة، في ظل تعداد سكاني في غزة لم يتجاوز 300 ألف نسمة آنذاك.

إلا أن هذه الخطة انتهت بالفشل بفضل انتفاضة الفلسطينيين في "هبة مارس"، كما انتهى المطاف بـ"شارون" عام 2005 بإعلان انسحاب الاحتلال من غزة وإزالة المستوطنات، نتيجة تصاعد عمليات المقاومة خلال "الانتفاضة الثانية".

وفي عام 1967، قدم القائد العسكري والسياسي الإسرائيلي إيجال آلون خطةً لضم غزة بأكملها إلى (إسرائيل) وتهجير سكانها إلى الأراضي العربية المجاورة، بعد إعادة سيناء إلى مصر مع الاحتفاظ بالساحل الجنوبي الشرقي لسيناء تحت السيطرة الإسرائيلية.

وعقب توقيع اتفاق "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال، ظهرت عام 1995 وثيقة تحمل اسم "أبو مازن - بيلين"، والتي تضمنت اعتراف الاحتلال بحق العودة للفلسطينيين "كمبدأ"، بشرط اعتراف الجانب الفلسطيني بعدم إمكانية تنفيذ العودة كما نص عليها القرار 194.

وكان من المفترض أن يكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين عن هذه الوثيقة ضمن برنامجه الانتخابي لحزب العمل عام 1996، إلا أن اغتياله عام 1995 حال دون ذلك، ما أبقى الاتفاق طي الكتمان.

محاولات التهجير مستمرة

لم تتوقف المشاريع الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين، ففي عام 2000، طرح الجنرال الإسرائيلي غيورا أيلاند مشروعًا يقضي بتنازل مصر عن أجزاء من سيناء لصالح دولة فلسطينية مقترحة، لكن المشروع فشل.

وفي عام 2004، عاد الرئيس السابق للجامعة العبرية، يوشع بن آريه، لاقتراح خطة لنقل الفلسطينيين إلى سيناء مقابل حصول مصر على أراضٍ في النقب، لكنها بقيت مجرد فكرة لم تدخل حيّز التنفيذ.

ومع وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة الأمريكية عام 2018، طرح ما سُمّي بـ"صفقة القرن"، التي تضمنت خططًا لتهجير الفلسطينيين ومصادرة حقوقهم، لكن هذه الخطة قوبلت برفض عالمي واسع.

حرب إبادة.. ومحاولات تهجير جديدة

في أكتوبر 2023، شن الاحتلال حرب إبادة جماعية على غزة، ترافقت مع دعوات وخطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء المصرية.

وخلال الحرب، كُشف عن وثيقة سرية لوزارة المخابرات الإسرائيلية تدعو إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء عبر ثلاث مراحل: إنشاء مدن خيام في سيناء. إقامة ممر إنساني لمساعدة السكان، بناء مدن في شمال سيناء لنقل النازحين إليها،

وفي أكتوبر 2024، نفذ جيش الاحتلال "خطة الجنرالات"، التي استهدفت تفريغ شمال غزة بالكامل، وإلحاقه بالمستوطنات الإسرائيلية. إلا أن المقاومة الفلسطينية وجهت ضربات موجعة للاحتلال، مما أدى إلى فشل الخطة.

وفي أعقاب هذا الفشل، وقّعت المقاومة الفلسطينية اتفاقًا مع الاحتلال، برعاية أمريكية ومصرية وقطرية، تضمّن عودة النازحين إلى شمال القطاع.

ترمب يعود مجددًا بمخطط تهجير جديد

وفي فبراير 2025، عاد دونالد ترمب بطرح خطة جديدة تهدف إلى تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى، تحت ذريعة "إعادة الإعمار المؤقت"، مع ممارسة ضغوط على الدول العربية لتنفيذها.

وزعم ترمب أن خطته "محبوبة من الجميع"، وهو ما دفع البيت الأبيض إلى إعلان رفضه تمويل إعمار القطاع.

وأثارت خطة ترمب ردود فعل غاضبة على المستويات العربية والإسلامية والأوروبية والدولية.

وفي هذا السياق، أكد الكاتب الفلسطيني د. عبد الباري عطوان أن هذه الخطة تعكس تجاهل ترمب للرؤساء العرب، الذين تركوا غزة وحيدة في مواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية.

وأشار عطوان إلى أن الدعم الأمريكي غير المحدود لجيش الاحتلال كان السبب الرئيسي في تحويل غزة إلى "أرض غير قابلة للحياة".

وختم قائلًا: "الحياة الأجمل لهذا الشعب هي أن يعود إلى أرضه ومدنه وقراه، لا أن يُهجَّر إلى دولة ثالثة".

على مدار قرن تقريبًا، فشلت جميع محاولات التهجير والاقتلاع، بفضل مقاومة الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء، إلى جانب الدعم الشعبي العربي والدولي، مما أدى إلى إحباط المخططات الإسرائيلية والأمريكية المتتالية.

اخبار ذات صلة