قائمة الموقع

مواطنون يروون تفاصيل رحلتهم مع سياسة التَّجويع الإسرائيليِّ خلال حرب الإبادة

2025-02-06T20:33:00+02:00
مواطنون يروون تفاصيل رحلتهم مع سياسة التَّجويع الإسرائيليِّ خلال حرب الإبادة

منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2023م، عانى قطاع غزة، من حصار خانق فرضه الاحتلال الإسرائيلي، تزامنًا مع الحرب المدمرة التي أودت بحياة الآلاف وخلّفت آثارًا كارثية على السكان المدنيين، خاصة الأطفال، إذ ارتفعت أعداد الضحايا بسبب سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية اللازمة، وسط صمت دولي وتواطؤ من بعض المنظمات الإنسانية.

ومن بين هؤلاء الضحايا الطفل يزن الكفارنة، الذي لقي حتفه في الرابع من مارس 2024م، بسبب الجوع وسوء التغذية، وكذلك فايز عطايا، الطفل الذي لم يتجاوز الستة أشهر، الذي توفي في 30 مايو 2024، بمستشفى الأقصى بدير البلح، ثم توالت حالات الوفاة نتيجة لهذه الأسباب كالطفل عبد القادر السرحي (13 عامًا)، وأحمد أبو ريدة (9 سنوات)، كانوا جميعهم ضحايا سياسة التجويع المتعمدة التي تتبعها سلطات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة.

أعشاب برية

وفي أيام الحرب العصيبة، يستذكر المسن خضر موسى، من مخيم الشاطئ شمالي غرب غزة، كيف اضطر للعيش على الأعشاب البرية بسبب نقص المواد الغذائية.

ومع تواصل الحرب والحصار، بدأ موسى، وفق ما قاله لمراسل صحيفة "فلسطين" وعشرات الآلاف من سكان القطاع، في البحث عن بعض الأعشاب البرية كـ"الخبيزة" و"اللسان" و"الحميض" لإطعام أسرهم، في ظل الحظر الكامل على دخول المواد الغذائية الأساسية.

وفي 9 أكتوبر 2023م، أمر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، قواته بفرض حصار كامل على القطاع، مانعًا تدفق الطعام، الماء، والوقود والدواء، وحتى المساعدات الإنسانية التي كانت تصل من المنظمات الدولية.

جريمة حرب

المواطن شادي السكني، روى شهادته القاسية قائلا إن جيش الاحتلال دمر العديد من المرافق الحيوية في غزة، بما في ذلك آبار المياه والمرافق الصحية، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا، بالإضافة إلى ذلك دمرت الأراضي الزراعية وتجريف مناطق شاسعة كانت تزرع المحاصيل الغذائية، ما أدى إلى فقدان مصادر الغذاء الأساسية، كما تم منع إدخال بذور جديدة وأدوات الزراعة، مما جعل فرص التعافي الزراعي شبه مستحيلة.

وقال السكنى لصحيفة "فلسطين": إنه وعلى الرغم من محاولات سلطات الاحتلال إدخال بعض المواد الغذائية إلى القطاع، إلا أن تلك المواد كانت لم تكن تفي بكافة احتياجات السكان، وكانت تأتي بكميات ضئيلة، ما أضطر السكان بمدينة غزة وشمالها لتناول الأعشاب البرية بمختلف أنواعها لتبقيهم على قيد الحياة.

كان السكان مجبرين على اللجوء على أكل الأعشاب البرية، في حين أن الماء الذي كان يصلهم كان غير صالح للشرب، إذ كانوا يحصلون على أقل من لترين من الماء يوميًا، وهو ما يعكس حجم الأزمة، وفقا لتأكيدات لمؤسسة "أكشن إيد" الخيرية.

وأكد محمود العطار، أن الاحتلال حاول بشكل متعمد إدخال أنواع محدودة من الطعام والفاكهة، على أمل التخفيف من الضغط الدولي، لكنه في ذات الوقت كان يواصل تدمير الأراضي الزراعية وإغلاق الممرات الإنسانية للضغط على السكان وإجبارهم للرضوخ لإملاءاتهم ورفع الراية البيضاء.

ممرات انسانية

من جهته، أكد الخبير القانوني أحمد المصري، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اتبعت سياسة التجويع ضد قطاع غزة، خاصة ضد مدينة غزة وشمالها، خلال حربها المدمرة والتي استمرت 471 يومًا.

وقال المصري، لـ"فلسطين": إن ما قام به جيش الاحتلال من تجويع المدنيين والأبرياء العزل واستهداف كافة مناحي الحياة في غزة، يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والإنساني.

وأشار الخبير القانوني، إلى أن الاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق الذي تم مؤخرا بين الفصائل الفلسطينية بوساطة دولية لفتح ممرات انسانية لإدخال احتياجات القطاع، مؤكداً أن المجاعة لا تزال مستمرة وأن المواطن الفلسطيني لا يجد قوت أطفاله أو يشبع نفسه.

كما استغرب من صمت المجتمع الدولي تجاه الحرب وحملات التجويع، مشيرًا إلى ضرورة أن يكون للمجتمع الدولي موقف حاسم من الاحتلال وإجباره على وقف هذه السياسات.

وأضاف: أن سياسة التجويع الإسرائيلية كانت ممنهجة بهدف دفع المواطن الفلسطيني للهجرة من أراضه، مطالبًا الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية باتخاذ موقف جاد من الاحتلال ومحاسبة قادته في المحاكم الدولية.

وكانت تقارير الأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية تشير بوضوح إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تقتصر فقط على استخدام الأسلحة التقليدية، بل تم استخدام "التجويع" كسلاح حرب.

إبادة جماعية

من جانبه، أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، أن قطاع غزة، شهد على مدار 471 يومًا، من جريمة الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي، حيث سعى جيش الاحتلال لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية أعلنها وزراء في حكومتها العنصرية بشكل صريح: أولها القتل والإبادة، ثانيها التهجير القسري، وثالثها التدمير الشامل للقطاعات الحيوية، وهي جميعها تتناقض مع القانون الدولي.

وأضاف الثوابتة، لـ"فلسطين" أن الاحتلال استخدم سياسات متعددة لتحقيق أهدافه، مثل التجويع ضد الشعب الفلسطيني، حيث أغلق المعابر لمئات الأيام ومنع إدخال المساعدات الأساسية مثل الطعام والماء، وكان من أبرز تداعيات ذلك منع إدخال الدقيق إلى محافظة غزة والشمال، مما أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير.

وأشار إلى أن عشرات المواطنين توفوا جراء المجاعة، حيث كان المواطن الفلسطيني يواجه صعوبة في الحصول على رغيف الخبز، كما استهدف بشكل مباشر المخابز وطوابير المواطنين الذين ينتظرون الحصول على الخبز، ومنع وصول حليب الأطفال العلاجي والمواد الغذائية الضرورية لنحو 3500 طفل دون سن الخامسة.

وأوضح أن نسبة الوفيات خلال حرب الإبادة الجماعية ارتفعت إلى سبعة أضعاف، مما يبرز حجم الكارثة الإنسانية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة.

اخبار ذات صلة