استبعدت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن يتم تنفيذ خطة ترامب في المستقبل القريب، إذ إن سكان غزة، الذين نجوا من 15 شهرًا من الهجمات الإسرائيلية العنيفة، لا يريدون العيش في المنفى، كما أن ترامب لن يرسل قوات أمريكية لإجبار نحو مليوني فلسطيني على مغادرة القطاع.
كذلك، فإن مصر والأردن لن توافقا على الخطة، رغم ثقة ترامب بأن اعتمادهما على المساعدات والدعم العسكري الأمريكي يمنحه نفوذًا كافيًا للضغط عليهما لقبول أعداد كبيرة من اللاجئين الغزيين. لكن هذه الخطة تتجاوز الخطوط الحمراء لكلا البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطة ترامب قد تثير مخاوف كبيرة في الأردن، باعتبار أنها تضم بالفعل أغلبية سكانية من أصول فلسطينية، لذا فإن تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الغزيين قد يؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد، التي تواجه بالفعل تحديات سياسية داخلية.
ومن ناحية أخرى، ترى مصر أن تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين من قطاع غزة قد يشكل تهديدًا وجوديًّا لأمنها القومي.
وذكرت الصحيفة، أن هناك العديد من القضايا التي يمكن لترامب ونتنياهو التعاون فيها، مثل إنهاء البرنامج النووي الإيراني، وتعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية، والتصدي للمؤسسات الدولية مثل محكمة العدل الدولية وبعض وكالات الأمم المتحدة. ولذلك فإن إهدار الجهود السياسية على خطة ترامب بشأن غزة، قد لا يكون الخيار الأفضل.
وعلى صعيد آخر، قد تؤثر تصريحات ترامب بشأن غزة في مفاوضات الأسرى، حيث قد تدفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى الاحتفاظ بالمحتجزين الذكور، كورقة ضغط لمنع تنفيذ أي مخطط للتهجير. كما قد تمنح هذه التصريحات للحركة فرصة لتقديم نفسها بوصفها قوة تواجه المخططات الأمريكية والإسرائيلية لإخراج الفلسطينيين من أرضهم، بحسب الصحيفة.
وختمت الصحيفة بالقول، إنه على الرغم من أن ترامب قد يكون منفصلًا عن واقع المنطقة، فإن استعداده للتخلي عن الحلول الفاشلة التي سادت لعقود، قد يفتح الباب لنقاشات جديدة حول مستقبل القضية الفلسطينية، وهو تحدٍّ يتطلب حلولًا إبداعية في السنوات المقبلة.
وفي السياق ذاته، أفاد تقرير بثته القناة 12 الإسرائيلية، بأن خطة ترامب لإجلاء سكان غزة ووضعها تحت السيطرة الأمريكية، تواجه عقبات قانونية وأمنية واقتصادية، وقد تؤدي إلى حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط.
ونقل التقرير عن خبراء في القانون الدولي تحذيراتهم من أن التهجير الجماعي للفلسطينيين قد يشكل “جريمة حرب” وفق اتفاقيات جنيف؛ مما يثير انتقادات عالمية واسعة.
وحذرت القناة من أن نشر قوات أمريكية داخل غزة قد يعرّضها لخسائر كبيرة، إضافة إلى احتمال مواجهة طويلة الأمد مع المقاومة الفلسطينية، في سيناريو يعيد إلى الأذهان التجارب السابقة للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
وأشارت القناة إلى أن تكلفة تنفيذ الخطة قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات؛ مما أثار اعتراضات حتى داخل الحزب الجمهوري، حيث يرفض البعض تمويل مشروع بهذا الحجم. كما لقيت الخطة معارضة واسعة داخل الولايات المتحدة، إذ اعتبرها الديمقراطيون انتهاكًا للقانون الدولي.
أما وول ستريت جورنال الأميركية، فقالت إن اقتراح ترامب بشأن السيطرة على غزة "أذهل حلفاءه وخبراء الشرق الأوسط، وترك العديد من الأسئلة دون إجابات".
وأضافت الصحيفة أن "أي انتشار عسكري أميركي من هذا النوع سيكون طويل الأمد، وهو أمر أدانه ترامب مرارا وتكرارا" معربة عن اعتقادها بأن المقترح "سيُجابه بالرفض في العالم العربي".
ولدى فايننشال تايمز البريطانية، قال جوناثان بانيكوف -وهو مسؤول استخبارات أميركي سابق يعمل الآن بالمجلس الأطلسي- إن حديث ترامب عن ضم غزة "سيتطلب تسخير عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين وعقودا من الزمن".
ولفت بانيكوف إلى أن هذا الأمر "سوف يذكّر الزعماء العرب والشارع العربي بتجارب الفشل الأميركي في العراق وأفغانستان".
بدورها، قالت تايم الأميركية إن مقترح ترامب "لاقى انتقادات حادة" مشيرة إلى أن "بعض الديمقراطيين وصفوا الاقتراح بالمجنون وغير اللائق أخلاقيا".
وأشارت المجلة إلى أن النائبة الديمقراطية رشيدة طليب دانت الخطة واعتبرتها تطهيرا عرقيا "بينما أبدى نتنياهو اهتماما بالفكرة، ورأى أنها تستحق الدراسة".
وأخيرا، قالت فورين بوليسي الأميركية إن ما يخططه الرئيس ترامب لغزة "سيكون وبالا على الجميع، وتحديدا على الأردن الذي يأخذ حديث الرئيس عن الترحيل القسري لسكان غزة بجدية كبيرة".
وختمت المجلة بالقول إن ما يجهله ترامب "هو حجم الضرر الذي سيلحق بالمصالح الأميركية، إذا تعرّض الأردن لأي اضطرابات جراء خططه".