فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"المستعمرون البيض"... الـ "البوت" المؤيِّد لـ (إسرائيل) ينقلب ضدَّ الصَّهيونيَّة.. فما القصة؟

...
"المستعمرون البيض"... الـ "البوت" المؤيِّد لـ (إسرائيل) ينقلب ضدَّ الصَّهيونيَّة.. ما القصة؟
وكالات/ فلسطين أون لاين

كشف تحقيق نشرته صحيفة هآرتس العبرية، أن آلة الدعاية الإسرائيلية "حسبارا" لجأت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي والبوتات لملء الإنترنت ومنصات التواصل بالسردية الصهيونية حول الأحداث، وذلك مع انطلاق حربها ضد شعب غزة، وقصف قوات الاحتلال لـ "مستشفى المعمداني" الذي شكل صدمةً ولحظةً مفصليةً تنبّه لها الرأي العام الغربي، وتحوُّل إسرائيل في نظره من "طرف مُعتَدى عليه" إلى آلة قتل وحشية.

والبوت (أو الروبوت الافتراضي) برنامج آلي مُصمّم لأداء مهمات مُكرّرة ومحددة تلقائياً عبر الإنترنت، مثل نشر المحتوى أو التفاعل مع المستخدمين أو محاكاة السلوك البشري. يعمل "البوت" باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمكنه الانتشار على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام أو تعزيز سرديات معينة بسرعة وكفاءة تفوق القدرات البشرية.

في الغالب، يقوم الروبوت بالردّ على تغريدات الآخرين، حيث نشر حتى الآن حوالي 150,000 رد، مقارنة بـ 15,000 تغريدة فقط. ومن المشاكل التي تواجه الروبوت أنه أصبح "آلة تصيّد إلكترونية"؛ إذ يرد بشكل آلي على الحسابات المؤيدة والمعارضة لإسرائيل على مدار الساعة، بما في ذلك "الحساب الرسمي لدولة إسرائيل".

ويستهدف هذا الروبوت في كثير من الأحيان منشورات حماس والأونروا، داعيًا إلى وقف تمويلها، ولكن على الرغم من محاولات الروبوت في دعم إسرائيل، فقد وقع في العديد من التناقضات التي جعلت من أهدافه الدعائية أقل تأثيرًا.

وفي تطور مفاجئ، فأن أحد البوتات، المُسَمَّى FactFinderAI، الذي يمتلك حساباً على منصة "إكس" المملوكة لإيلون ماسك، انقلب على كيان الاحتلال، ونشر سردية مغايرة تتعارض مع الرواية الإسرائيلية.

ولم يقف الأمر عند ذلك، بل ذهب "البوت" في مواضع كثيرة إلى حد المواجهة مع إسرائيل؛ قائلاً إنها تقف خلف خطة الولايات المتحدة لحظر تطبيق تيك توك، وتخطى ذلك إلى الدعوة إلى "التضامن مع أهالي غزة"، مع توجيه متابعيه إلى مؤسسة خيرية تدعم الفلسطينيين.

وبسبب التشغيل التلقائي، وقع الروبوت في مواقف محرجة، مثل توبيخه لحساب (إسرائيل) الرسمي بسبب تغريدة عن حفل جوائز "غولدن غلوب"، أو إنكاره وقوع هجوم السابع من أكتوبر عندما ردّ على تغريدة عن عائلة قتلت في نير عوز، قائلًا: "هذا الحدث المأساوي لم يقع... من المهم التركيز على الحقائق الحقيقية فقط".

بالإضافة إلى ذلك، وقع الروبوت في خطأ آخر عندما وصف الإفراج المتوقع عن ثلاث "مخطوفات" إسرائيليات بأنه "معلومات غير صحيحة"، مشيرًا إلى أن جميع المخطوفين قد تم الإفراج عنهم سابقًا. وفي إحدى التغريدات، أكد أن قرار حظر "تيك توك" في الولايات المتحدة لم يكن بسبب كونه تطبيقًا صينيًا، بل "لحجب الانتقادات ضد إسرائيل".

ورغم أن الهدف الأساسي من هذا الروبوت كان دعم الرواية الإسرائيلية، فإنه أظهر ازدواجية في الخطاب، حيث تبنى مواقف رسمية إسرائيلية في بعض الردود، مثل تأكيده على "التزام إسرائيل بحل الدولتين". ومع ذلك، في تغريدات أخرى، أكد أنه لا فرصة لذلك، بل اقترح حلولًا من "ثلاث أو أربع دول". كما دعم في إحدى التغريدات اعتراف ألمانيا بدولة فلسطين، معتبرًا أنها "خطوة تجلب السلام والاستقرار". 

وحتى في الحالات التي كان من المفترض أن يدعم فيها "إسرائيل" وقع الروبوت في أخطاء لغوية أو سياقية، مثل وصف إسرائيل بـ"دولة فصل عنصري" بسبب سوء الترجمة، أو الاتفاق عن غير قصد مع تغريدات تهاجم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مما جعله يبدو كأنه يدعوه "جزار غزة".

وتشير التحقيقات التي قامت بها منظمة "Fake Reporter" إلى أن هذا الروبوت مرتبط بمبادرات دعائية إسرائيلية أخرى تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل "Jewish Onliner"، بالإضافة إلى حسابات مزيفة ساهمت في تدريبه. ويبدو أن هذا المشروع هو جزء من جهود دعائية أوسع، تشمل منظمة "ActIL"، التي ترتبط بالمركز متعدد التخصصات في هرتسليا، والتي تهدف إلى محاربة حركة المقاطعة (BDS) والترويج للموقف الإسرائيلي عبر التكنولوجيا.

لكن رغم فشل البوت الإسرائيلي FactFinderAI في خدمة أربابه الصهاينة، فإن هذا لا يعني أن جميع البوتات فشلت أو ستفشل في تحقيق أهدافها. ما زالت هناك آلاف البوتات الأخرى التي تعمل بنشاط لترويج الرواية الإسرائيلية، سواء عبر تضخيم الأخبار المُزيفة أو تشويه صورة المقاومة الفلسطينية أو حتّى مهاجمة الناشطين المؤيدين لفلسطين.

هذه البوتات قد تكون مُتقدّمة تقنياً إلى درجة تجعلها مُقنعة وتبدو مثل حسابات بشرية حقيقية، أكانت جديدة أم قديمة مُخترقة.

لذلك، من المهم أن يبقى المستخدمون في حالة انتباه دائمة؛ فكل تعليق أو منشور أو حساب تواصل اجتماعي يمكن أن يكون جزءاً من شبكة بوتات مُنظّمة، تهدف إلى التلاعب بالرأي العام وتصوير الاحتلال بمنزلة "ضحية". وتتعاظم خطورة هذه الحملات في ظل حرب المعلومات التي لا تهدأ ولا تكنّ أبداً وتُعدّ إحدى أبرز أدوات الحروب الحديثة.