دبَّت روح الحياة من جديد في محافظتي غزة والشمال بعد عودة آلاف النازحين من جنوب ووسط القطاع، على مدار اليومين الماضيين، حيث تشهد الشوارع والأسواق حركة نشطة غير اعتيادية من المواطنين والمركبات، خلافًا لما كانت عليه طيلة أيام الحرب.
ولا يزال آلاف المواطنين النازحين يتوافدون من جنوب القطاع إلى شماله منذ الإثنين الماضي، عبر شارع الرشيد الساحلي غربًا مشيًا على الأقدام، وللمركبات عبر شارع صلاح الدين شرقًا، بعد التوصل إلى تفاهمات أجراها الوسطاء بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، تقضي بعودة النازحين مقابل تسليم المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهودا وآخرين خلال الأيام القادمة.
ورغم حجم الدمار الهائل الذي أحدثه الاحتلال الإسرائيلي في محافظتي غزة وشمالها خلال حرب الإبادة التي شنها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فإن الأمل عاد للمواطنين بعودة الحياة إلى طبيعتها كما كانت سابقًا.
وأبدى مواطنون، خلال أحاديث مع "فلسطين أون لاين"، تفاؤلهم بإعادة إعمار قطاع غزة خلال الأيام القليلة القادمة، من أجل إيجاد مأوى للعائلات التي دمَّر الاحتلال منازلها ضمن حرب الإبادة التي شنَّها على القطاع وامتدت لـ471 يومًا.
يقول المواطن شادي عايش، وملامح الأمل ترتسم على وجهه: "إن عودة النازحين والتئام شمل العائلات الفلسطينية مع بعضها يبعث الأمل في النفوس بعودة الحياة إلى طبيعتها قبل الحرب التي طالت كل مناحي الحياة".
ويضيف عايش، الذي عاد من منطقة الزوايدة في المحافظة الوسطى إلى شمال القطاع قبل يومين: "رغم كل ما حلَّ بنا من دمار ومحاولات الاحتلال تهجيرنا إلى خارج القطاع، فإننا نعود للحياة من جديد، بأمل أن يتم إعمار ما جرى تدميره، وعودة الناس إلى طبيعة الحياة كما قبل الحرب".
فيما يعبِّر الشاب محمود مهدي عن سعادته بالتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم في شمال القطاع، بعد غياب قسري دام أكثر من 15 شهرًا، مؤكدًا أن صمود المواطنين كان السبب الرئيسي في بدء عودة الحياة كما السابق.
ويقول مهدي: "رغم حجم الدمار الهائل، فإن المواطنين يحاولون التغلّب على ذلك الواقع الصعب، وطَيّ صفحة الحرب السوداء، والبدء في استعادة الحياة بعيدًا عن أصوات القصف والدمار ومشاهد القتل".
من جانبه، يقول خالد موسى: "إن حرب الإبادة التي عايشناها في شمال القطاع خلَّفت حالة مأساوية لدينا، لكننا بدأنا نستعيد الأمل من جديد من خلال التعايش مع الواقع المفروض علينا".
ويضيف موسى، الذي يعيش في منزله المُدمَّر جزئيًّا: "إن عودة النازحين ولقاء الأحبة أعاد لنا بصيصًا من الأمل بأن تعود عجلة الحياة من جديد، خاصة بعد فترات المجاعة والقصف الكثيف التي عشناها"، معبِّرًا عن تفاؤله بأن تشهد الأسواق مزيدًا من السلع والبضائع في الأيام القادمة، بأسعار أقل من السابق.
هكذا بدا الحال لدى المواطن محمد داوود، الذي عاد من مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى، حيث يقول: "بدأنا نشعر بعودة الحياة بشكل تدريجي، بعد معاناة طويلة في العيش داخل خيام خلال فترة النزوح".
ويضيف داوود، الذي يقطن في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة: "إن الحياة في شمال القطاع تكتمل بلمَّة العائلة بعد غياب قسري دام أكثر من 14 شهرًا، في ظل العدوان الذي خلَّف ظروفًا معيشية واقتصادية صعبة".
وأجبرت المقاومة الفلسطينية سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بوساطة دولية، على وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والتي استمرت 471 يومًا، والسماح بعودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى منازلهم في محافظتي غزة والشمال، بعد أن كانت ترفض ذلك.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيِّز التنفيذ في التاسع عشر من يناير الجاري، ليطوي معه 471 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي شنَّها الاحتلال الإسرائيلي، حيث لم يُفرِّق خلالها بين البشر والحجر والشجر.
وشنَّ الاحتلال، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية ضد قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 157 ألف شخص، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بالإضافة إلى الدمار الكبير الذي طال كل القطاعات الحيوية.