يعاني العديد من جنود الاحتياط الإسرائيليين من أزمات مالية واجتماعية خانقة بعد عودتهم من الخدمة العسكرية خلال الحرب الأخيرة على غزة.
وسلط تقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية الضوء على معاناة هؤلاء الجنود، مشيرًا إلى أنهم يواجهون ديونًا ضخمة وفقدانًا لمصادر الدخل، دون وجود حلول حقيقية من قبل الحكومة لمساعدتهم.
ليئور (ليونيد) موشيف، البالغ من العمر 39 عامًا، هو أحد جنود الاحتياط الذين خدموا في وحدات الهندسة التابعة لفرقة جولاني 51. شارك ليئور في ثلاث جولات قتالية منذ بداية حرب الإبادة الأخيرة على غزة، وقضى أكثر من 200 يوم في الخدمة العسكرية. ومع ذلك، فإن عودته إلى الحياة المدنية لم تكن سهلة، حيث يواجه هو وعائلته أزمات مالية طاحنة بسبب تراكم الديون وفقدان مصادر الدخل خلال فترة خدمته.
يقول ليئور: "نحن في قتال مستمر منذ 7 أكتوبر دون توقف أو راحة – أحيانًا على حدود الدولة، وأحيانًا من أجل لقمة العيش وطعام أطفالنا، وأحيانًا في مواجهة بيروقراطية غير منطقية. كل جانب من هذه الجوانب أكثر إرهاقًا من الآخر".
ليئور، الذي يدير عملًا عائليًا مع والدته وشقيقه سيرجي (المقاتل أيضًا في جولاني)، أوضح أن العمل العائلي الذي كان يديره مع عائلته تعرض لانهيار كامل خلال فترة خدمتهم العسكرية. وقال: "كنا منفصلين عن العمل لفترة طويلة، وحاولت والدتي والأصدقاء إدارته، لكن دون نجاح. والدتي دخلت العناية المركزة ثلاث مرات بسبب سكتات دماغية وفقدان البصر جراء الضغوط. السوبر ماركت الذي كنا نديره انهار تمامًا بعد عودتنا من الجولة القتالية الأولى، واضطررنا إلى إغلاقه".
بعد الجولة القتالية الأولى، بدأت عائلة ليئور في بناء عمل جديد من خلال عقد تم توقيعه قبل الحرب. العمل الجديد، المسمى "مركز ميديكال سبا"، يقع في البلدة القديمة ببئر السبع وتم افتتاحه في مايو الماضي. ومع ذلك، تراكمت على العائلة ديون تصل إلى 1.4 مليون شيكل بسبب إغلاق الأعمال السابقة وعدم تلقي أي تعويضات من "الدولة".
يقول ليئور: "أنا بدون معاش تقاعدي، وضعنا رهنًا على منزل والديّ، وحظنا أن لدينا عائلة تدعمنا. هناك أشخاص ليس لديهم أحد، وهم وحيدون تمامًا، وكل حياتهم تنهار – هذا أمر عبثي".
مظاهرات للمطالبة بالمساعدة
في ظل هذه الأوضاع الصعبة، قرر ليئور الخروج في مظاهرة للمطالبة بمساعدة من "الدولة". يقول: "المظاهرة ولدت من الإحباط، عندما أدركت أن لا شيء سيتغير. فكرت أن وجهي قد يكون قادرًا على إحداث بعض التغيير. نحن غير مرئيين ولا يهتم بنا أحد. من ناحية أخرى، العديد من جنود الاحتياط، وخاصة المقاتلين، يشعرون بالحرج من طلب المساعدة. الناس يخشون أن يظهروا بمظهر الضعفاء".
ويهدف ليئور إلى لفت الانتباه إلى المشاكل التي يواجهها جنود الاحتياط، قائلًا: "آمل أن نتمكن من جعل الناس يتحدثون عن مشاكلهم. هناك أشخاص لا يعرفون حتى أن هناك تعويضات أو كيف يقدمون طلبًا للحصول عليها. أنا شخصيًا تلقيت إجابة من محاسب ثلاث مرات بأنني غير مؤهل للحصول على تعويضات، لذلك لم أقدم طلبًا. فقط بعد أن ظهرت في الكنيست، اتصل بي محاسب اسمه جيندي وعرض مساعدتي بشكل تطوعي للحصول على التعويضات".
جيرشون شفايكلر، البالغ من العمر 39 عامًا، هو جندي احتياطي آخر يخدم في وحدات الهندسة التابعة لفرقة جولاني. يدير جيرشون عملًا خاصًا في مجال تصميم الأثاث، لكن عمله تعرض لضربة قاسية خلال فترة خدمته العسكرية.
يقول جيرشون: "7 أكتوبر وجدت نفسي وحيدًا في العمل، دون عمال، لذلك ظل العمل مغلقًا معظم فترة الحرب. حاولت عائلتي المساعدة، لكن الأمر كان صعبًا. بعد عودتي، واجهت بيروقراطية معقدة للحصول على تعويضات، ولم أتلقَ سوى 30% من الخسائر، مع خصم 25% كضرائب".
الحياة الخاصة تحترق خلفنا
ماتان حلبي، البالغ من العمر 27 عامًا، يخدم في وحدة النخبة "نسييرت ناحال" ويدير عملًا خاصًا في مجال المطاعم. يقول ماتان: "كان من المفترض أن يفتح عملي الجديد في أكتوبر 2023، لكن الحرب أجبرتني على الخدمة لأكثر من عام. العمل ظل مغلقًا، بينما كنت أدفع جميع الفواتير. بعد معاناة بيروقراطية، تلقيت بعض التعويضات، لكنها لم تكفِ لإنقاذ العمل".
وتابع: "هناك أشخاص يعيشون بمفردهم، وكل حياتهم تنهار – هذا أمر غير مقبول. الناس يعودون من ساحات القتال ولم يتمكنوا حتى من استيعاب ما مروا به. لماذا تنتظر الدولة حتى يصل الناس إلى حافة الهاوية؟".