رأى محللان سياسيان أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في العاصمة القطرية الدوحة ودخل حيز التنفيذ اليوم الأحد، أظهر فشلا ذريعا لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان يتغنى بأنه يسعى لـ"النصر المطلق" وأنه مُني بهزيمة عسكرية ميدانية واستراتيجية.
وأوضح المحللان لـ"فلسطين"، أن الاحتلال الإسرائيلي فشل خلال خمسة عشر شهرًا من حرب الإبادة أن يحقق أهدافه الاستراتيجية الثلاثة التي أعلنها نتنياهو في بداية الحرب المتمثلة بتحرير أسراه من قبضة المقاومة وتدمير قوة حماس العسكرية وإنهاء حكمها لقطاع غزة.
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية أمريكية قطرية اليوم الأحد في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا.
ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، تشتمل المرحلة الأولى ومدتها ٤٢ يومًا على وقف لإطلاق النار، وانسحاب وإعادة تموضع قوات الاحتلال خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين إلى أماكن سكناهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج.
هذا الاتفاق جاء بعد صمود أسطوري للمقاومة ومن خلفها حاضنتها الشعبية في قطاع غزة بعد أكثر من أربعمئة وستين يومًا من القتل والإبادة والتجويع والحصار.
هزيمة إستراتيجية
المحلل السياسي الفلسطيني معين نعيم قال إن الخسائر الإسرائيلية في هذه الحرب أضرت كثيرا بالرواية الصهيونية والصورة النمطية التي صنعها الاحتلال لنفسه حول أحقيته بفلسطين ومظلوميته، لذلك هي "قطعا هزيمة استراتيجية لنتنياهو حكومته وروايتها وبداية سقوط المشروع الصهيوني الامبريالي".
وقال نعيم لصحيفة فلسطين إن مصادقة الاحتلال على هذه الصفقة قبل أن يحقق أي من أهدافه التي أعلنها في ظل صمود المقاومة المسلحة في غزة تجاوز مفهوم النصر الطبيعي فقد وصل ما يمكن تسميته المعجزة الخارقة.
وأوضح أن الحفاظ على الأسرى وعدم قدرة الاحتلال على الوصول لأي منهم باستثناء حالة أو حالتين أحياء هو رأس الحربة في هذا الصمود وعلامة فارقة من علامات الانتصار.
ولفت نعيم إلى أن الاحتلال لم ينجح في تحقيق أي هدف استراتيجي أهدافه بل كل ما فعله هو عقاب اجرامي لغزة وأهلها على صمودهم وعدم انكسارهم، مشيرًا إلى أن غزة التي ستضمد جراحها سريعا ستكون أول منطقة تكسر جبهة الاحتلال ولن تقبل باستبدال الاحتلال باحتلالات مقنعة أو ملونة بألوان زاهية.
وتوقع أن صمود المقاومة وثباتها سيمنع أي من استغلال الفرصة لتقرير مصير غزة دون إذن أهلها ودون رأي مقاومتها، "فمن يقرر في اليوم التالي لغزة هم أهل غزة ومقاومتها الصامدة".
وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد صادقت رسمياً صباح أمس على اتفاق وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن، المبرم مع حركة حماس في قطاع غزة، بأغلبية كبيرة بواقع 24 وزيراً مؤيداً مقابل 8 وزراء عارضوا الصفقة.
وقالت هيئة البث إن الحكومة اجتمعت طويلاً لتخرج ببيان أكد أن مجلس الوزراء الأمني أعطي موافقة نهائية على اتفاق وقف إطلاق النار، ودخل حيز التنفيذ اليوم الأحد في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحًا.
أما الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات فيعتقد أن حكومة الاحتلال فشلت في فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وعلى مقاومته على الرغم من الدعم الدولي والأمريكي، لافتا إلى أن هذه الحرب لو فرضت على دول لسقطت.
وقال بشارات لصحيفة فلسطين إنه لأول مرة في تاريخ الاحتلال لم يستطع أن يفرض شروطه الكاملة وأهدافه الكاملة رغم استخدام قوته الغاشمة في عملية قتل وإبادة على فترة زمنية كهذه.
وأوضح أنه ليس من الصحيح ربط الاتفاق وانهاء الحرب تحت مصطلح الهزيمة الكاملة والانتصار الكامل، مشيرا إلى أن هذه المواجهة مثلت تحولا مهما في المنظور الإسرائيلي المستقبلي تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وتجاه المقاومة وصمودها بشكل خاص.
وأوضح أن الاحتلال الذي قدم رواية وسردية منذ بداية الحرب لم يستطع أن يثبتها على مدار الحرب في الوعي العالمي تجاه المقاومة بل العكس امام حالة تراجع في قدرته التبريرية على ما قام به منذ الثامن من أكتوبر.
ولفت إلى أنه على الرغم من تدمير الاحتلال لقطاع غزة وارتكابه المجازر النازية إلا أنه فشل في كسر إرادة المقاومة، وإنهاء قضية فلسطين، التي عادت إلى الواجهة بقوة، وحظيت بتأييد وتضامن واسع وغير مسبوق على مستوى الرأي العام العالمي.