تشهد المفاوضات غير المباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس و(إسرائيل) بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، تحركات مكثفة لبلورة اتفاق نهائي بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف الإبادة المستمرة منذ 16 شهرًا على قطاع غزة.
وعلى مدار الأسابيع الماضية، كثف الوسطاء جهودهم لعقد لقاءات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل، ما أدى إلى تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، حيث أصبحت تفاصيل الصفقة شبه مكتملة بنسبة 90 بالمئة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية.
وعن ملامح الاتفاق المرتقب، نقلت هيئة البث العبرية، عن مصادر أميركية وصفتها بالمطلعة ملامح صفقة محتملة قد تفضي إليها المحادثات غير المباشرة الجارية بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) و(إسرائيل) والرامية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
وقالت المصادر الأميركية، التي لم تسمها الهيئة الإسرائيلية الرسمية، إن الحديث يدور عن صفقة متعددة المراحل وتضمن إعادة كل المحتجزين الإسرائيليين، لافتةً إلى أن التعهدات بين كل مرحلة وأخرى من مراحل الصفقة هي مفتاح التوصل إلى اتفاق.
وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور إبراهيم الخطيب، أستاذ إدارة النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، إن احتمالات التوصل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة باتت قريبة لكن “مشروطة”، مشيرًا إلى أن الاتفاقات السابقة كانت تصل إلى مراحل متقدمة دون توقيع نهائي.
وأضاف الخطيب، في حديث صحفي، أن الوضع الحالي مختلف بسبب قرب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض، وهو عامل حاسم في دفع الأطراف نحو اتفاق.
وأوضح أن الضغط الأمريكي المكثف، سواء عبر المبعوثين أو الرسائل المباشرة، يدفع الأطراف إلى تقديم تنازلات متبادلة، في حين تُظهر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرونة نسبية في القضايا العالقة.
فيما أكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، سليمان بشارات على أن غالبية العوامل والظروف باتت أكثر نضوجا للذهاب إلى توقيع اتفاق في القريب، وربما قد يكون هناك بلورة لاتفاق يمكن أن يُوَقَّع خلال الأيام القليلة المقبلة.
ويرى بشارات أنّ عدة عوامل تضافرت وأسهمت في تقريب الطريق نحو الصفقة "وفي مقدمتها أنّ الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة دونالد ترامب، تدفع باتجاه توقيع الاتفاق".
وأضاف "كما أنّه من الواضح أنّ هناك انسجام ما بين إدارة بايدن، وإدارة ترامب فيما يتعلق بمستقبل الحرب على قطاع غزة، وهذا الانسجام ليس نابعاً من الحرص على الفلسطينيين، بل لمصلحة الطرف الإسرائيلي" وفق تقديره.
وأعرب بشارات، عن اعتقاده أن "واشنطن باتت على يقين تام أن هذه الحرب كلما امتدت وطالت سيكون لها انعكاس سلبي على إسرائيل، خصوصا أنها حتى هذه اللحظة لم تستطع أن تحقق الهدفين الرئيسيين منها وهو إعادة الأسرى أحياء، والقضاء التام على المقاومة، فكلا الهدفين لم يحققها".
وحول تموضع المقاومة في تلك المفاوضات، رأى بشارات أن "حركة حماس والمقاومة الفلسطينية هي الأخرى استطاعت أن تعزز من آليات التفاوض وأوراق القوة من خلال استخدامها لورقة الأسرى الإسرائيليين".
مشيرا إلى أن المقاومة الفلسطينية حددت هدفا أساسيا "وهو ضرورة أن يُوضَع حد لهذه الحرب حتى يُعَاد الواقع الإنساني والإغاثة وإعمار قطاع غزة، إضافة إلى تنفيذ صفقة التبادل للأسرى".
الخسائر الإسرائيلية.. هل تؤثر في قرار الصفقة؟
وبالتزامن مع الحديث عن الصفقة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 4 جنود وإصابة ضابط وجندي بجروح خطرة، خلال كمين نفذته المقاومة الفلسطينية في بيت حانون شمالي قطاع غزة.
ويأتي هذا التطور، الذي وصفه الخطيب بأنه مؤشر على استمرار قدرات المقاومة، بعد أكثر من 460 يومًا من الحرب، التي لم تحقق إسرائيل خلالها أهدافها المعلنة.
وأشار الخطيب إلى أن هذه الخسائر قد يستغلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بطرق متباينة، إما لتبرير التصعيد أو للضغط نحو الصفقة لإنهاء الحرب، خاصة مع تنامي احتجاجات الداخل الإسرائيلي للمطالبة بإعادة الأسرى.
وبالتزامن مع النقاشات السياسية، تشهد تل أبيب مظاهرات حاشدة تطالب بتسريع الصفقة مع المقاومة لإعادة الأسرى، في احتجاجات تزيد من الضغوط على نتنياهو وحكومته، التي تحاول الموازنة بين مطالب الداخل والحفاظ على صورتها أمام المجتمع الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، أكد الخطيب أن الحل الوحيد لإنهاء هذه الحرب الكارثية، يتمثل في صفقة تضمن إنهاء المعاناة الإنسانية في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن المشهد الحالي يراوح مكانه، في ظل غياب أي تقدُّم حاسم على الصعيد الميداني أو السياسي.