قائمة الموقع

"كم موتًا يريدنا".. كتابٌ يعكس وجع الحرب وصور الصُّمود في غزَّة

2025-01-10T09:15:00+02:00
فلسطين أون لاين

في خضم القصف والحصار والجوع والنزوح، يطل الكاتب الفلسطيني محمود عساف على قرائه بكتاب بعنوان "كم موتًا يريدنا"، ووصايا من الحرب الكونية على غزة.

الكتاب، الذي كتبه عساف تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المستمر، يروي حكايات الحرب ويعكس مشاعر الشوق للذكريات المفقودة، معالجًا أدق تفاصيل حياة الناس من نزوح وفقد وقصف، بأسلوب أدبي راقٍ يلامس الوجدان.  

يقول عساف: "قدرتي على الكتابة جاءت من كمية المواقف المؤلمة والمعاناة اليومية التي نعيشها، ومن حالة الخوف والرعب التي تسيطر علينا منذ بدء الحرب. الأزمات التي نواجهها، من النزوح إلى الفقد وانتهاءً بالألم الذي يستقر في أعماقنا، كانت دافعًا لي لأعبر عما يدور في داخلي".  

يعد هذا الكتاب إنجازًا أدبيًا يعكس صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الإبادة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي. ويضيف عساف: "كنت أعتبر أن اليوم الذي لا أكتب فيه حزنًا جديدًا أو موتًا جديدًا هو يوم ينقص من عمري. لكن كتابة هذا العمل لم تكن سهلة، بل كانت بمثابة نزع روح متشبثة بالجسد".  

اعتمد عساف في كتابته على مجموعة من المحددات السردية التي تعكس انعكاسات وجدانية ومشاعر داخلية نابعة من الفقد والانكسار والحزن. ففي بعض النصوص، كان الحزن الناجم عن الذكريات قبل الحرب هو المحور الرئيسي، بينما تناول في نصوص أخرى الشعور بالخذلان جراء عجز الدول العربية عن دعم شعبه. كما استخدم التصوير البلاغي لوصف الحالة التي وصل إليها، مؤكدًا أن من لم يعش هذه الظروف لن يتمكن من وصفها بهذه الصورة الحية.  

ويشير عساف إلى أن الحرب الكونية التي يتحدث عنها في كتابه هي تعبير عن حجم الدمار الذي لحق بغزة، وكأن الكون بأسره يحاربها. يقول: "كان عامًا كاملًا توزعت فيه الأكفان بالمجان، وأصبح العزف على أحزاننا يأخذ أبعادًا جديدة، في ظل صمت مطبق تجاه الموتى بلا موت".  

كما يتطرق الكتاب إلى رمزية الخيمة، التي أصبحت حلماً للعديد من الأسر المشردة في غزة. فبالرغم من صعوبة العيش فيها وعدم قدرتها على حماية ساكنيها من حر الصيف أو برد الشتاء، إلا أنها باتت رمزًا للنكبة الحالية، تمامًا كما كانت رمزًا لنكبة عام 1948. لكن الفرق، كما يوضح عساف، هو أن الناس اليوم يشعرون بفقدان أكبر بسبب مستوى المدنية والحضارة الذي وصلوا إليه، مما يجعل الانتقال إلى الخيمة بمثابة بدء حياة جديدة من الصفر.  

ويستنكر عساف في كتابه الصمت العربي تجاه جرائم الاحتلال والإبادة الجماعية، قائلاً: "من المؤلم أن نرى الأنظمة العربية تتفرج على جرائم الاحتلال دون تحريك ساكن أو اتخاذ إجراءات تعري إجرامه".  

ويختم عساف حديثه بقناعة راسخة رغم الألم: "رغم الوجع والفقد والشعور بالضياع، إلا أنني مقتنع أن كل ما يحدث لحكمة يعلمها الله. لم أتوقع يومًا أقل مما فعله الاحتلال بنا، لكن ما لم أتوقعه هو أن يتخلى الناس عن بعضهم بهذه السهولة. كل ما أريده هو العودة إلى الشخص الذي كنته قبل الحرب".

اخبار ذات صلة