قائمة الموقع

مُخيَّمات غزَّة: الظَّلام يخيِّم والشُّموع تثير الرُّعب

2025-01-08T11:00:00+02:00
فلسطين اون لاين

يعيش النازحون في قطاع غزة كابوساً حقيقياً مع دخول فصل الشتاء، حيث يعتمدون بشكل أساسي على الشموع لإضاءة خيامهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

ومنذ اندلاع حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شدّد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة ومنع إدخال السولار اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، مما جعله يغرق في ظلام دامس منذ 16 شهراً.

حين يسدل الليل ستاره ويحل الظلام، يتسلل القلق إلى قلب المواطن إبراهيم المدهون بعد إشعاله "الشموع" لإنارة خيمته، التي نصبها في أحد مخيمات النزوح في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، خوفاً على حياة أطفاله.

ويخشى المدهون، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، من سقوط الشمعة المشتعلة داخل الخيمة، مما قد يتسبب باحتراقها ووفاة أطفاله الثلاثة، كما يروي لصحيفة "فلسطين".

ويزداد الخوف في قلب المدهون في ظل أجواء الطقس الباردة وهبوب الرياح في ساعات الليل، إذ يقول: "بخاف من الريح توقع الشمعة على أرضية الخيمة وتحرقها وتحرق أطفالي."

ويضيف أنه يضطر لإطفاء الشمع قبل أن يخلد إلى النوم خوفاً من وقوعها وحرق الخيمة، مما يجعل جميع أفراد عائلته ينامون في الظلام، ما يفاقم من المعاناة داخل الخيمة التي لا تقي من برد الشتاء ولا حر الصيف.

ويروي المدهون أنه قبل عدة أيام كادت خيمته تحترق مع دخول ساعات المساء الأولى، وبداخلها طفلته الصغيرة، بعدما هبّت رياح قوية أسقطت الشمعة أرضاً. ولكنه كان يقظاً وسرعان ما انتشل الشمعة وطفلته، لينقذ الموقف.

ويناشد المدهون الجهات المعنية توفير مستلزمات الإنارة داخل الخيمة التي يعيش بها، حفاظاً على سلامة عائلته.

"كابوس الشموع" يطارد الجميع

لا يختلف الحال كثيراً لدى المواطن عماد أبو عون، الذي يعيش برفقة أسرته المكونة من سبعة أفراد داخل خيمة لا تتجاوز مساحتها ثلاثة أمتار، وتفتقد لأدنى مقومات الحياة الأساسية، وأبرزها "الإضاءة".

يقول أبو عون لـ"فلسطين" إنه يضطر لإضاءة الخيمة بالشموع رغم المخاطر التي قد تنجم عنها مع حلول ساعات المساء، مشيراً إلى أنه لا يمتلك أي بدائل تُغنيه عن استخدام الشموع يومياً.

ويقطن أبو عون في خيمة بمخيم الشاطئ غربي مدينة غزة منذ السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعدما نزح من مخيم جباليا شمال القطاع نتيجة العملية العسكرية الإسرائيلية الثالثة، المستمرة منذ ما يزيد عن 96 يوماً.

ويضيف: "منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أستخدم الشموع لإنارة الخيمة في ظل عدم توفر بدائل، وهو ما يزيد خوفي وقلقي على عائلتي، خاصة أن لديّ طفلاً رضيعاً."

ويصف الحياة داخل الخيام بلا وسائل الإنارة بأنها "كابوس ومعاناة إضافية"، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية. ويلفت إلى أن سعر الشمعة الواحدة يبلغ ثلاثة شواكل، ما يزيد العبء المالي عليه.

ويطالب أبو عون الجهات المسؤولة عن إدارة المخيمات وكل المعنيين بتوفير وسائل إنارة آمنة بدلاً من الشموع، للحفاظ على أرواح عائلته قبل فوات الأوان.

الحل المؤقت: إضاءة الهاتف المحمول

أما المواطن سامح عليان، الذي يقطن مع عائلته المكونة من ستة أفراد في خيمة أخرى، فإن الخوف يجتاح تفاصيل حياته في ظل اعتماده الكامل على "إنارة الشموع".

يقول عليان لـ"فلسطين أون لاين": "أعيش حالة من القلق على أطفالي من احتراق الخيمة وهم بداخلها بفعل شمعة مشتعلة تُستخدم للإنارة."

ويوضح أنه يضطر لاستخدام إضاءة هاتفه المحمول كبديل مؤقت، لكنها لا تكفي لساعات طويلة من الليل، مما يدفعه للعودة لإشعال الشموع. ويشير إلى أنه لا يغفو كثيراً ليلاً، إذ يحرص على الاطمئنان على سلامة عائلته.

ويتساءل بمرارة: "إلى متى سنبقى على هذا الحال؟ هل سننتظر حتى تحدث كارثة تحصد أرواح عائلات بأكملها في المخيمات؟"

ويحذّر من أن احتراق أي خيمة قد يؤدي إلى اشتعال بقية الخيام بسبب قربها الشديد من بعضها البعض، مما يهدد حياة الجميع.

مناشدات عاجلة

النازحون في مخيمات غزة يوجهون نداءً عاجلاً للجهات المعنية والمنظمات الدولية لتوفير وسائل إنارة آمنة ومستدامة، بهدف إنهاء كابوس الشموع الذي يهدد حياتهم، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها بفعل الحصار والحرب المستمرة.

الظلام لا يخفي فقط المعاناة، بل يزيدها ألماً وخطراً.

اخبار ذات صلة