قائمة الموقع

"تزامنًا مع بدء المفاوضات"... ما رسالة القسَّام من فيديو المجنَّدة الإسرائيليَّة الأسيرة؟

2025-01-05T16:04:00+02:00
"تزامنًا مع بدء جولة المفاوضات".. ما رسالة القسام ودلالات التوقيت لفيديو المجندة الإسرائيلية الأسيرة؟

للمرة الأولى، يُبث القسام مقطع لمجندة إسرائيلية في الخدمة العامة، حيث تعمل في المراصد العسكرية حول غزة، وهو القطاع الذي يحظى بأهمية خاصة في المجتمع الإسرائيلي.

وظهرت المجندة الإسرائيلية مرتدية زيها العسكري ويبدو عليها علامات القلق والخوف على مصيرها المهدد بأيدي جيش الاحتلال وإصرار الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو على المضي قدمًا في طريق الحرب دون أي اعتبار لأرواح المحتجزين التي تُزهق واحدة تلو الأخرى على أيدي الإسرائيليين أنفسهم.

المقطع بكل تفاصيله الاستثنائية قدم العديد من الرسائل السياسية التي تحاول المقاومة إيصالها للاحتلال، تزامنًا مع جولة المفاوضات الحالية التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة، وفي الوقت ذاته أثار حزمة من التساؤلات المقدمة لنتنياهو وحكومته حول موقع الأسرى من قائمة الأولويات التي حصرتها حكومة الاحتلال في استمرار الحرب التي باتت بلا رؤية ولا هدف بعد مرور أكثر من 450 يومًا عليها.

كيف علق الإعلام العبري على الفيديو؟

تفاعل الإعلام العبري بشكل كبير مع الفيديو الذي نشرته كتائب القسام للأسيرة المجندة المحتجزة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، ليري ألباج، التي تبلغ من العمر 19 عامًا.

وذكرت قناة "كان" العبرية، أن الفيديو الذي نشره الذراع العسكري لحماس هو أكثر فيديو أثّر على (إسرائيل) منذ بداية الحرب، وذلك لعدة أسباب.

وأوضحت القناة أن السبب الأول هو أن المجندة كانت من المراقبات اللواتي تم أسرهن، وكان هناك جدل بشأن التسجيلات التي قُدمت لعائلاتهن حول اللحظات الأخيرة قبل وقوعهن في الأسر.

أما السبب الثاني، وفق القناة، فهو ظهور المجندة في موقف ضعيف جدًا، مما أثّر سلبًا على معنويات الجنود والمجندات في الميدان، وشكّل ضغطًا كبيرًا على السياسيين والعسكريين.

توقيت مدروس

في الرسائل السياسية، يرى الكاتب والباحث السياسي ساري عرابي أن نشر الفيديو يحمل أبعادا متعددة تبدأ من اختيار التوقيت المدروس، حيث تم البث يوم السبت لاستهداف المجتمع الإسرائيلي في يوم عطلته الأسبوعية، مما يتيح فرصة أكبر للمشاهدة والتفاعل في الشارع الإسرائيلي.

ويضيف أن هذا التوقيت يتزامن مع جولة المفاوضات الجارية في الدوحة، في إطار إستراتيجية إعلامية متكاملة.

ويلفت عرابي إلى أن ظهور المجندة بالزي العسكري كان مقصودا، مشيرا إلى رمزية اختيار فتاة في الـ19 من عمرها، كانت في الـ18 حين أُسرت، مما يجعلها نموذجا للشباب الإسرائيليين في طور الخدمة الإجبارية.

كما يكشف عن البعد العسكري في الفيديو من خلال ربطه بالعمليات الإسرائيلية في غزة، حيث أشارت المجندة إلى تعرضها وزميلتها لخطر حقيقي بسبب القصف الإسرائيلي.

ويشير الباحث إلى، أن الرسالة جاءت مزدوجة من حيث المخاطَب، فهي من جهة توجه مسؤولية مباشرة إلى وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي يبدو أنه يعرف والدها، ومن جهة أخرى تحمّل نتنياهو والحكومة وجيش الاحتلال المسؤولية عن مصير الأسرى.

كما يلفت عرابي إلى وجود "متكلم ضمني" في الشريط يتمثل في زميلة المجندة المصابة بجروح خطيرة، حيث أكدت الأسيرة أن فرصة إنقاذها تتضاءل باستمرار بسبب خطورة إصابتها والظروف الصعبة في قطاع غزة.

ويقدم الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى قراءة متعددة المستويات لتأثير الفيديو، إذ يبدأ بما يصفه بالمستوى "البسيط والأساسي" المتمثل في تأكيد أن الأسيرة على قيد الحياة.

أهمية استثنائية

ويشير إلى أن هذه الحقيقة البسيطة تكتسب أهمية استثنائية لدى العائلة والمجتمع الإسرائيلي في ظل حالة الشك السائدة حول مصير الأسرى لدى حماس والفصائل الفلسطينية.

ويرصد مصطفى تحولا لافتا في تعامل الإعلام الإسرائيلي مع فيديوهات الأسرى، حيث أصبح هناك تفاعل سريع وواسع مع هذه المواد، بعد أن كانت وسائل الإعلام تمتنع عن بثها في السابق.

ويعزو هذا التحول إلى وجود تأييد متزايد في المجتمع الإسرائيلي للذهاب نحو صفقة تبادل أسرى، مستشهدا بسرعة تداول خبر الفيديو في وسائل الإعلام الإسرائيلية المركزية.

ويلفت الخبير إلى خصوصية هذا الفيديو، مشيرا إلى أنها على الأرجح المرة الأولى التي تبث فيها كتائب القسام فيديو لمجندة إسرائيلية في هذا العمر.

ويرى أن تأثير ظهور شابة في الـ19 من عمرها يفوق تأثير كل الفيديوهات السابقة، خاصة في ظل السردية السائدة في المجتمع الإسرائيلي عن "الخطر الحقيقي" على النساء الإسرائيليات في غزة.

ويضيف مصطفى بُعدا آخر يتعلق بكون المجندة تنتمي إلى فئة المجندات اللواتي عملن في المراصد العسكرية حول غزة، وهي فئة تحظى بمكانة خاصة في المجتمع الإسرائيلي.

ويختتم تحليله بملاحظة لافتة عن كون هذا الفيديو يتضمن، للمرة الأولى، توجيه اتهام مباشر للجيش الإسرائيلي إلى جانب الحكومة، في إشارة إلى ما يصفه بـ"تواطؤ" المؤسسة العسكرية مع الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة.

نقلة نوعية

بدروه، يرى الباحث السياسي سعيد زياد أن الفيديو الأخير يمثل نقلة نوعية من حيث الإنتاج والإخراج مقارنة بالفيديوهات السابقة للأسرى الإسرائيليين منذ بداية الحرب.

ويشير إلى التفاصيل التقنية في التصوير، خاصة مشهد النفق الذي تم تصويره باحترافية عالية، مما يعكس عناية خاصة في إخراج المشهد لإيصال رسائل محددة في هذا التوقيت.

ويكشف زياد عن أبعاد أخرى في الفيديو تتعلق بالإشارة إلى وجود مجندة جريحة في حالة خطيرة، مما يضع المفاوضات في إطار زمني حرج، فإما التوصل إلى صفقة سريعة لإنقاذ حياتها، أو انهيار المفاوضات مع ما قد يتبع ذلك من إعلان وفاتها.

ويربط الباحث السياسي ذلك بإعلان سابق للقسام عن إصابة مجندتين في قصف إسرائيلي، وفشل محاولة إنقاذ إحداهما.

ويشير زياد إلى التمايز الواضح بين هذا الفيديو وسلسلة الفيديوهات السابقة التي شملت كبار السن والأطفال وجنود الاحتياط، معتبرا أن استخدام مجندة في الخدمة الفعلية في هذا التوقيت يمثل تصعيدا محسوبا في الخطاب الإعلامي للمقاومة، خاصة مع التركيز على معاناتها النفسية وتأثير ذلك على المدى البعيد.

وعقب نشر القسام لرسالة الأسيرة، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن والدتها قولها "نحتاج لأفعال من (بنيامين) نتنياهو وحكومته لاتخاذ قرار بإعادة الأسرى"، في حين اعتبرت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، أن إشارة الحياة من ليري ألباج دليل قوي على ضرورة الاستعجال بإعادة كل الأسرى من قطاع غزة.

 

اخبار ذات صلة