فلسطين أون لاين

"حلا ومسك".. شقيقتان بتَر الاحتلالُ طفولتَهما

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة حمدان

طفلتان شقيقتان في عمر الطفولة الغض لم تعرفا من الدنيا إلا القليل، لكن الأشهر الأخيرة حملت لهما ما يعجز الكبار عن تحمله، لترقدا على أسرّة المستشفى دون حضن أم أو أقدام تحملهما لساحات اللعب والمرح مع أقرانهن.

فبعد أن كانت ضحكات الطفلتين تملأ قلبي والديهما سرورًا وفرحًا في بيت دافئ تشعر فيه الأسرة بالأمان، وترسم في مخيلتها صورة المستقبل المشرق لزهرتي حياتها، بدلت غارة إسرائيلية غادرة الحال مئة وثمانين درجة.

أودت تلك الغارة بحياة الأم، لتترك الشقيقتين تبحثان في وجوه النساء من حولهن عن تلك اليد الحانية التي حرمتا منها للأبد. ولم تقف مرارة الفقد عند هذا الحد، بل فقدتا أطرافهما السفلية، فأصبحتا عاجزتين عن اللعب والمرح وأصبحتا نزيلتين في مستشفى شهداء الأقصى، تنتظران أن تلتفت المؤسسات الصحية الدولية لمعاناتهما وتسرع في تسفيرهما للعلاج في الخارج.

وفي حين يصارع الأب مرارة فقد زوجته، وأقدام طفلتيه، وتبعات الإصابة الخطيرة التي أصيب بها جراء الغارة ذاتها – حيث يرقد أيضًا في المستشفى ذاته مصابًا بحروق وكسر في الجمجمة – فإن مهمة رعاية الشقيقتين يتولاها عمهما يوسف، الذي يلازمهما في المستشفى ويتابع علاجهما.

تمر الأيام ببطء شديد مع صرخاتهما من الألم الذي تعانيانه طوال الأشهر الأربعة الماضية من تبعات إصابتهما الخطيرة، حيث خضعتا لعدة عمليات جراحية. "لا يتوقف الألم عند البتر الأول الذي خضعتا له، بل لكونهما صغيرتين في السن، فإن العظم ينمو مجددًا وهما بحاجة إلى عملية بتر كل فترة، وهو أمر مؤلم جدًا"، يقول العم بحسرة.

أما الوضع النفسي للطفلتين فهو بالغ السوء في ظل غياب الرعاية النفسية في قطاع غزة بسبب الحرب. "بالكاد نحصل هنا على العلاج الطبي، في حين أن حلا (ثلاث سنوات ونصف) ومسك (عامان ونصف) بحاجة إلى دعم نفسي كبير كي تستطيعا مواصلة حياتهما. نحاول كعائلة احتوائهما بكل الطرق، لكن ذلك لا يغني عن حاجتهما للدعم النفسي المتخصص".

يقول يوسف الدقي لموقع "فلسطين أون لاين": "صرت أُعمد إلى إنزالهما بواسطة الكرسي المتحرك إلى ساحة المستشفى لترفِّها عن نفسيهما، لكنني أعجز عن إجابة أسئلتهما عن عدم قدرتهما على اللعب مثل بقية الأطفال في الساحة".

فالطفلتان أصبحتا تميلان إلى العصبية بعدما بدأتا تدركان الوضع الصعب الذي تعيشانه، خاصة حلا التي تفتقد أمها وتسأل عنها باستمرار.

وبحسب تقييم الأطباء لحالتهما، فإنهما بحاجة إلى علاج متواصل في الخارج لمدة خمسة عشر عامًا حتى انتهاء فترة النمو. ولأنهما صغيرتان في السن، فإن العظم سيعاود النمو في مكان البتر، ما يعني الحاجة إلى عمليات جراحية متكررة وتغيير الأطراف الصناعية.

وفي ظل إرهاق العائلة بسبب النزوح، حيث تعيش في منزل أحد الأقارب، تناشد المؤسسات الدولية تسريع سفر الطفلتين لتستطيعا استئناف حياتهما مجددًا، خاصة في ظل عجز النظام الصحي في غزة عن التعامل مع حالتهما أو تقديم أي شيء لهما في المرحلة الحالية.

المصدر / فلسطين أون لاين