تشكل ظاهرة "الكلاب الضالة" وهي تنهش جثامين شهداء ارتقوا بالغارات والقصف الإسرائيلي، الصور الأكثر إيلامًا وسط تفاقم الأزمة الإنسانية واستفحال المجاعة في قطاع غزة.
وتتكرر هذه المشاهد التي وثقها مدير الدفاع المدني بمحافظة غزة رائد الدهشان، في المناطق الحدودية التي يستهدفها الجيش الإسرائيلي وأماكن تمركز قواته وبالمناطق التي يحاصرها حيث تعجز الطواقم من انتشال الجثامين إلا بعد مرور أيام على استشهادهم.
ويقول الدهشان في حديث صحافي: "لأكثر من مرة خلال عملنا في الميدان، نضطر لطرد قطط وكلاب تجمعت حول جثامين الشهداء في الشوارع". وأوضح أن هذه المشاهد من أكثر "المشاهد المؤلمة" التي يواجهونها على مدار أشهر حرب الإبادة الجماعية.
وذكر، أن بعض الجثث التي يتم انتشالها إن لم تكن متحللة تكون ناقصة لبعض الأعضاء التي التهمتها الحيوانات الضالة بشكل كامل. واستكمل قائلا: "المشهد رغم قسوته وصعوبته أصبح شبه معتاد في قطاع غزة".
وأشار إلى، أن عناصر الدفاع المدني نقلت عشرات الإفادات حول تكرار ذلك خلال عملية انتشال جثامين الشهداء من الميدان.
يقول الدهشان، إن الجثامين التي تنهشها الحيوانات الضالة هي التي يمنع الجيش الإسرائيلي طواقم الدفاع المدني من انتشالها.
ويوضح أن الجثامين لشهداء استهدفهم الجيش في مناطق حدودية يصعب الوصول الفوري إليها أو مناطق يتمركز فيها الجيش ويفرض عليها حصارا بالآليات أو النيران عبر الطائرات المسيرة، فتبقى لأيام ملقاة في الشوارع.
كما بيَّن الدهشان، أن الكلاب والقطط الضالة التي لا تجد في النفايات بقايا طعام بسبب المجاعة المستفحلة في القطاع، تجد ضالتها في جثث الشهداء.
وأشار إلى، أن حالة الجوع المتفشية بين المواطنين في قطاع غزة أثرت على الحيوانات التي لم تجد هي الأخرى طعاما لها، مبينا أن هذا الوضع أدى إلى تغير سلوك الحيوانات لتصبح أكثر افتراسا.
وحذر الدهشان من تفاقم هذه الجرائم في ظل الاستهداف الإسرائيلي المتعمد لطواقم الدفاع المدني ومنعهم من الوصول إلى أماكن الاستهداف لانتشال القتلى والجرحى.
وقبل أيام، أظهرت مقاطع مصور، مشاهد "مروّعة" تظهر جثامين ملقاة في الطرقات وأخرى لم يتبق منها سوى جماجم، تنهشها الكلاب الضالة في المناطق الشمالية من شمال قطاع غزة، في ظل منع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي طواقم الإسعاف من التحرك بشكل كامل لانتشال الشهداء منذ 50 يومًا.
وفي ضوء المشاهد المروعة، أوضح شهود عيان، لقناة الجزيرة، أن المئات من جثامين الشهداء، بينهم نساء وأطفال، ما زالوا في شوارع مخيم جباليا، وبيت لاهيا وبيت حانون، بعدما ظلوا ينزفون لأيام طويلة حتى استشهادهم دون أن يتمكن أحد من إسعافهم في ظل الحصار الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، كشف المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الطبيب منير البرش، أن العدوان على قطاع غزة كشفت الوجه القبيح والإجرامي للاحتلال الإسرائيلي، مبينًا أن العدوان المستمر على شمال القطاع خلال الـ60 يوماً الماضية خلف أكثر من 4000 شهيد ومفقود.
مقطع فيديو متداول يوثق مشهدا “مؤلما” لكلاب ضالة تنهش جثامين الشهداء في شوارع جباليا شمالي قطاع #غزة، مع تعذّر الوصول إليها لعدة أيام pic.twitter.com/UvmogAoRFe
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) December 7, 2024
وقال البرش، في تصريحات متلفزة، "إن جثامين الشهداء خصوصاً في مناطق شمال القطاع ملقاة في الشوارع وتنهشها الكلاب، والطواقم الطبية والدفاع المدني عاجز عن الوصول لهم وانتشالهم بسبب تهديد الاحتلال بالقتل لمن يصل لهم.
وأشار "البرش"، إلى أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص على سيارات إسعاف التي حاولت إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء من مناطق الاستهداف، مؤكداً أن الاحتلال يرفض إدخال الدواء والمستلزمات الطبية.
ويأتي ذلك ضمن مواصلة إسرائيل حربها المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة نحو 151 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة
وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي اجتاح الجيش الإسرائيلي مجددا شمال قطاع غزة، ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت نحو 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.