قائمة الموقع

والدة الشهيد أبو سرور: قضية ابني لغز

2016-12-13T07:14:55+02:00
صورة أرشيفية

"احنا جايين نهدم البيت".. قالها ضابط المخابرات الإسرائيلي لوالدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور في ثاني اقتحام لبيت الشهيد، ليحاول استفزازها مرة أخرى.. "ابنك إرهابي"؛ في المرة الأولى صمتت ولم ترد عليه، أما في المرة الثانية فبادرته بالسؤال: "لماذا لم تعتقلوا من قام بإحراق الشهيد محمد أبو خضير وعائلة دوابشة؟"، ليصمت أمام ردها.

وعاد الضابط ذاته ليحاول استفزاز زوجها، ربما سقط منه الكلام سهوًا: "أنت عارف ابنك أكم واحد قتل"، لم تكن الإجابة صعبة ولكن من رد عليه والدة الشهيد: "أنتم لم تعلنوا عن أي قتيل في العلمية"، وهنا لم يتحدث وبدأت عملية تفتيش البيت.

كان الجنود يفتشون كل زاوية بالمنزل، لا يتركون أي صورة لعبد الحميد إلا ويلتقطون نسخة لها، وحتى هاتف والدة الشهيد لم يسلم من "همجية التفتيش"، "شكله ابنك كان عارف حاله حيموت كل هالصور متصور".. قالها الضابط، وكالعادة يحاول استفزازها، وبعد أن عثر على صورة جنازة شهيد طفل بهاتفها "هي جنازة ابنك".. ما زال يخاطب والدة الشهيد، إلا أن أسلوبه هذه المرة استفزها: "ابني محتجز عندكم ولم تفرجوا عنه".

بعد عملية التفتيش، التي كانت قبل ثلاثة شهور بدأت والدة الشهيد مرحلة أخرى، من المطالبة باستلام جثمان نجلها لمواراة جثمانه تحت الثرى.

والاستشهادي عبد الحميد محمد أبو سرور (19 عاما) من بيت جالا ببيت لحم، ارتقى شهيدا بعد تنفيذه عملية الباص البطولية بمدينة القدس يوم الإثنين 18 أبريل/ نيسان 2016م، اعترف الاحتلال خلالها بإصابة 21 إسرائيليًا بجراح متفاوتة إثر انفجار عبوة داخل حافلة إسرائيلية في القدس المحتلة، ووصفت جراح اثنين من المصابين بالبالغة و7 متوسطة والباقي طفيفة.

يرتصف الحزن قارعة الكلام في حديثها رغم أن الاحتلال هددهم بهدم منزلهم فتكمل: تحملنا فراق ابننا لأنه آمن بقضية من أجل الوطن ولا يوجد شيء سيكون أغلى من ابننا وحتى هدم البيت.

"ابنك قطع عشر نقاط (حواجز) ولم يستطع أحد أن يعرفه".. تستذكر ما أخبر الضابط الإسرائيلي زوجها قبل انتهاء عملية التفتيش.

الجثمان الأقدم

بحزنها على واقع الحال تواصل، "سنستمر في المطالبة باستلام جثمان عبد الحميد لأنه حق إنساني، لكن القضية أصبحت سياسية وهناك تمييز من قبل الاحتلال للشهداء المحتجزة جثامينهم حسب انتماءاتهم التنظيمية".

وجثمان الشهيد أبو سرور هو الأقدم في ثلاجات الاحتلال، وصدر قرار من المحكمة الإسرائيلية بتسليم جثمانه، وأمهلت المحكمة حكومة الاحتلال حتى 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري للرد على قرارها.

وفي الاجتماع الأخير الذي سبق الثامن من ديسمبر، كان قرار حكومة الاحتلال، والقول لوالدة الشهيد، بالتحفظ على ثلاثة شهداء لم تسمهم وهي تتوقع أن يكونوا نجلها والشهيد محمد الفقيه الذي استشهد في 27 يوليو/ تموز الماضي بعدما خاض اشتباكا مع جيش الاحتلال استمر لنحو سبع ساعات، والاثنان ينتميان لحركة حماس.

وتكمل أبو سرور في الحديث عن دور السلطة الفلسطينية بأن أهالي الشهداء اجتمعوا مع رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس الوزراء رامي الحمد الله، ومسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات، والأخير وعدهم بالتواصل مع وزراء خارجية دول أوروبية، وتقول: "لا يوجد تصريح رسمي من السلطة لأي خطوة خطوها في هذا الأمر".

سلطة غائبة

وتتساءل كيف ترضى السلطة على نفسها أن تقوم بإبرام اتفاقية دولية، والاتفاقات الداخلية حول الأسرى والشهداء ما زالت عالقة؟، مشيرة إلى الشهداء الذين تحتجزهم سلطات الاحتلال في مقابر الأرقام منذ سنوات.

بأمل أن يفرج الاحتلال عن جثمان ابنها تواصل الحديث: "اخترت في طريقي للمطالبة بجثمان عبد الحميد أن أسير بمسارين، الأول تحريك الشارع وطرح الملف أمام السلطة والفصائل لتحمل مسؤولياتها، والثاني التحريك القضائي ورفع دعوى لدى المحاكم الإسرائيلية للمطالبة باستلام جثمانه".

وبالنسبة لها ما تزال قضية الشهيد أبو سرور لغزا، لأن الاحتلال لم يعلن أي تفاصيل عن العملية، ولم يخبرهم رسميا أن نجلهم من نفذها، واكتفى باستدعاء والده في اليوم التالي لعملية تفجير الباص بالقدس، وجعلوه يشاهد جثة شخص رأسه متضخم وأخبرهم أنه غير متأكد أن هذا الشخص هو ابنه، إضافة إلى بعض الصور لعبد الحميد وهو يتجول في القدس.

"سياسة الاحتلال وحشية والتي من ضمنها احتجاز الجثامين، وذلك لردع العمليات وكسر إدارة الشعب الفلسطيني وذوي الشهداء"، هكذا قالت قبل أن تختم: "هذا ليس رادعا لنا وسنستمر بالمطالبة بجثامين أبنائنا".

اخبار ذات صلة