قائمة الموقع

​في دوري كرة السلة لذوي الإعاقة.. لاعبون آمنوا بـ"الولادة الجديدة"

2017-10-24T06:43:21+03:00

غابت عن أجسادهم أعضاء حيوية، إلا أن الإرادة والإصرار عوّضا عن غياب تلك الأعضاء تعويضًا لا يمكن لكثير من الأصحاء أن يصلوا إليه، فلم يجعلوا من إعاقتهم نقطة في نهاية السطر، وإنما آمنوا بأنها "ولادة جديدة"..

حين تكون زائرا للمرة الأولى لنادي الألعاب "البارالمبية" في غزة، ينتابك شعور بأن الله ما أفقد الإنسان شيئا، إلا عوضه بأحسن منه، هنا يتسابقون ويمسكون الكرة بيقين الفوز، وابتسامة من القلب لا تغيب عن المحيا، أصوات تتعالى "ارمِ.. مرّر .. هدِّف .. صُد".

مراسلة "فلسطين" حضرت مباراة لكرة السلة لذوي الإعاقة، في نادي السلام، ضمن دوري كرة السلة الخاص بالمعاقين، وأعدّت التقرير التالي:

ولادة جديدة

"الإعاقة ولادة جديدة، والكلام السلبي يزيدني إصرارا وطموحا"، هذا ما بدأ به الشاب حسام القلازين حديثه لـ"فلسطين" حول سبب انضمامه لفريق السلام لكرة السلة.

لم تمنع الإعاقة القلازين (17 عاما) من أن يمارس هواياته ورغباته في الحياة، فيقول: "بدأت اللعب مع الفريق منذ ثلاث سنوات، وانعكست مشاركتي في اللعب على حياتي إيجابًا، فأنا لا أريد أن أكون عالة على المجتمع، ولا أن تمنعني الإعاقة من فعل ما أريد".

ويضيف: "وقعت من الطابق الثاني، وهذا ما جعلني معاقا حركيا، لكن الوقوع هو ما أيقظ لدي شغف اللعب وحب كرة السلة"، متابعا: "اللعب جعلني أتعرف على الكثير من الأشخاص، وعلاقتي بباقي أفراد الفريق علاقة أخوية ورائعة، ولها السبب في تفوقي الدائم، وحصولي العام الماضي على لقب (هداف السلة)، إضافة إلى أنني تعلمت الكثير من المهارات".

ويؤكد الطالب في الثانوية العامة، أنه يستطيع أن يعتمد على نفسه في شتى مجالات الحياة، من خلال ممارسته للرياضة، موضحا: "تمنحني الرياضة القوة الجسدية والمعنوية، وتدفعني للعطاء أكثر".

ويطمح إلى أن يصبح بطلا عالميًا، ويشارك في بطولات خارج الوطن، مبينا: "منعني الاحتلال من السفر مرتين للمشاركة في مباريات عالمية أُقيمت في الأردن، لكن لن يمنعني من تحقيق حلمي".

يتمنى القلازين أن تتوفر لفريقه كراسي مخصصة للعب كرة السلة: "الحصار المفروض على غزة، ومنع الاحتلال دخول الأدوات الرياضية، يمثّلان عائقا أمامنا، ولو أننا نملك كراسي مخصصة لرياضتنا لاختلف الأمر كثيرا، الاحتلال يريد أن يكسر إرادتنا بمنعه إدخال الأدوات المطلوبة، لكننا مستمرون في اللعب حتى لا نحقق رغبة العدو في النيل منا".

لم يبتر الإدارة

الإرادة حتما لا تنتهي عند حسام، فزميله رشاد الجماصي يشاركه اللعب، ويقول لـ"فلسطين": "بُترت قدماي جراء القصف الإسرائيلي على غزة أثناء الحرب الأولى عام 2009، ولم يمنعني ذلك من الاستمرار بممارسة أجمل هواياتي، فاستمررت باللعب وحصدت المركز الأول على مستوى قطاع غزة في دوري السباحة لعام 2011، إضافة لممارستي رياضة تنس الطاولة، وقبل ثلاث سنوات بدأت بلعب كرة السلة في نادي السلام".

ويعاني الجماصي من ضعف الاهتمام بذوي الإعاقة، "فالشركات الداعمة تموّل مباريات الأسوياء وتهمل الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا يصيبنا بالفتور"، على حد قوله.

ويوضح: "نملك من الإرادة والقوة الكثير، وبحاجة إلى جهة تشاركنا النجاح، فالدعم يعمل على توليد النشاط لدينا، ويسهم في تطوير وطننا، فالرياضة من مقومات الاقتصاد، ووسيلة التواصل بين الشعوب".

تكلفة وأندية مدمّرة

ويقول عضو اللجنة البارالمبية الفلسطينية ظريف الغرة: "اللجنة أعلى هرم رياضي يمثّل ذوي الإعاقة، وتنطوي تحتها كل الألعاب الخاصة بهم، والتي يبلغ عددها ثماني ألعاب، على رأسها رياضة كرة السلة".

ويضيف الغرة، وهو عضو لجنة الإشراف على دوري كرة السلة لذوي الإعاقة: "هذا النوع من الرياضة في القطاع يعاني من مشكلات أهمها ضخامة تكاليفها ونقص الدعم، إضافة إلى تدمير بعض الأندية أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة".

ويتابع: "قبل أربع سنوات، عُقدت اللجنة البارالمبية، بالشراكة مع الصليب الأحمر، لتطوير كرة السلة بشقيها الفني واللوجستي، ولتطوير الكراسي المخصصة للاعبين، وهي مما لا شك فيه كراسي مكلفة جدًا، وغير متوفرة في غزة، إضافة لتقديم الدعم الفني من خلال الخبراء والمدربين الدوليين للاعبين.

ويشير الغرة إلى أن الصليب الأحمر وفّر كراسي للعبة كرة السلة لكنها دون المستوى المطلوب، بسبب رفض الاحتلال إدخال الكراسي الحديثة.

ويوضح: "للعام الثاني على التوالي يقام دوري كرة السلة الخاص بالمعاقين، وتشارك فيه ثمانية أندية لفئة الشباب وأربعة لفئة الإناث، وهو دوري متميز، فيه ما يقارب 140 لاعبا من الجرحى وضحايا اعتداءات الاحتلال"، لافتا إلى أن النادي استحدث فريقا للفتيات، ودرّبهن على المهارات الأساسية لرياضة كرة السلة، وقريبا سينظّم دوريا خاصا بهن.

ويبيّن أن هذا الدوري يسهم في دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، كون الرياضة حقا أساسيا لهم، ولها أثر في تحصيل باقي حقوقهم، مشيرا إلى أن اللاعبين في تطور مستمر وقدّموا أداء جيدا في مباريات الأندية المحلية.

ويقول الغرة: "نتطلع إلى المشاركة الدولية، ففي الأمس شكلنا منتخبا على أمل أن يلتقي هذا المنتخب نظيره في الضفة، ومن ثم يصعد ليمثل فلسطين في كافة المحافل الدولية، شاء الاحتلال أم أبى، فلا إعاقة تمنعنا ولا قتل يرهقنا".
اخبار ذات صلة