رغم معاناتها على صعد مختلفة إلا أنها جعلت منها مصدر قوة لتحقيق ذاتها ومساعدة الآخرين، الشابة شهد زيارة اضطرت للنزوح جنوبًا مع عائلتها بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة، لتعيش اليوم قصة من العطاء والصبر والتحدي.
زيارة التي لم يتجاوز عمرها ٢١ عامًا، تدرس تخصص إدارة أعمال ومحاسبة، في فترة الدراسة الجامعية طرقت أبواب العمل في مجالات مختلفة للاعتماد على نفسها.
تقول: "جاءت الحرب وشعرت أن الحمل ثقيل وكبير بسبب النزوح عدة مرات من مكان إلى آخر أنا وعائلتي المكونة من ١٠ أفراد بحثًا عن الأمان، وفي كل نزوح كنا نشوف الويل، إلى جانب الضغوط الاقتصادية".
كانت بداية رحلة العذاب عندما اضطروا إلى مغادرة منازلهم في الشمال وبالتحديد من مشروع بيت لاهيا، ليتنقلوا في عدة مخيمات في الجنوب، فكلما كانت الظروف تزداد سوءاً، كان الوضع الاقتصادي يصبح أكثر قسوة، حيث كانت الأسعار في تزايد مستمر، وظروف الحياة تزداد صعوبة.
وكونها بكر والديها وجميع أشقائها إناث، لم تجد زيارة خيارًا سوى البحث عن فرص لإعالة نفسها وعائلتها، خاصة أن والدها يعاني من مرض الربو الحاد، مما صعب عليه القيام بأعمال تحتاج إلى جهد بدني.
وتضيف: "أدرك تماماً أنه لا يمكنني أن أنتظر الحلول من الخارج، وأن علي أن أبادر وابتكر فرص أساعد بها أسرتي، فاتجهت نحو مساعدة طلبة الجامعة في حل الأنشطة والواجبات المنزلية على الانترنت مقابل مادي بسيط رغم التحديات التي واجهتني في توفير النت بشكل يومي وشحن بطارية اللابتوب بشكل متواصل".
ورغم الظروف التي تمر بها زيارة إلا أنها محبة للعمل التطوعي، فكانت فردًا فاعلًا في فريق مبادرة الوقوف معًا لأجل حقوق الجميع، والذي أسفر عنها مشروع نقطة طبية مجانية في المخيم حاوز البركة بدير البلح.
توضح أن هذه النقطة الطبية كانت تقدم الإسعافات الأولية التي باتت تتقنها للجرحى والمصابين برفقة المسعفين والممرضين والأطباء، وتقدم العلاج لبعض المرضى لتخفيف الضغط الواقع على المستشفيات الحكومية والميدانية.
ولم تنسَ أطفال المخيمات الذين يعانون من الضغوط النفسية نتيجة الأوضاع المأساوية، قررت أن تتجه إليهم وتنظم لهم أنشطة تهدف إلى التخفيف من آثار هذه الضغوط، فكانت تعمل على تنظيم ورش ترفيهية، وأنشطة رياضية وفنية، بهدف مساعدة الأطفال على التعبير عن أنفسهم بشكل صحي.
وتتابع زيارة حديثها: "فأنا محبة للعمل التنشيطي الترفيهي الخاص بالأطفال، وكلما رأيت ابتسامة على وجه طفل كأنني أرى بصيص أمل في وسط الظلام"، مؤكدة أن هذه الأنشطة ليست فقط لتسلية الأطفال، بل كانت أيضاً فرصة للتفريغ النفسي وخلق بيئة آمنة لهم.
فتستثمر الساحة الفارغة في المخيم التي تقيم به حاليًا، ويجتمع حولها ٧٠ طفلًا يهتفون معها وينشدون الأغاني الطفولية والشعبية، رغم التحديات التي تواجهها في عدم توفر الأدوات والالعاب التي يمكن أن تساعدها في اللعب مع الأطفال، والنزوح المتكرر والقصف المستمر الذي يخيف الأطفال ويمنعهم من المشاركة في الأنشطة.
وفي كل لحظة صعبة تتمنى أن تقف الحرب وتعود الحياة لطبيعتها لتتمكن من بناء مستقبلها بشكل أفضل.