قائمة الموقع

​"عمو خميس" يوزِّع البهجة على الأطفال في باحات الأقصى

2017-10-24T06:40:13+03:00

يلمحون قبّعته الحمراء من بعيد، فيصرخون بأعلى صوتهم: "وصل عمو خميس"، يعرفونه على الفور، إذ ألِفَت أبصارهم ملابسه بلونيها الأبيض والأحمر، يتجمع حوله الأطفال متفاعلين، يرقصون ويمرحون، أما هو فقد صار عالم الأطفال عالمه الذي لا حدود له، يضحكهم ويدخل الفرح إلى قلوبهم، بأدائه الاستعراضي، وحركاته العفوية على وقع الأغاني الخاصة بالأطفال، ويجذبهم نحوه بطريقة مميزة، وخلال مسيرته المهنية التي بدأت قبل نحو أربعة عشر عامًا تمكّن من تحقيق نجاحات في عالم الطفولة.

"محمود خميس" المعروف بين الأطفال بـ"عمو خميس" _وهو الاسم الأقرب إلى قلبه_ هو فنان استعراضي للأطفال، يبلغ من العمر (42 عامًا)، تنحدر أصوله من قرية "إكسال" قضاء مدينة الناصرة، قبل اثنين وعشرين عامًا كان ممثلًا في مسرحيات وعروض فنية، ثم تخصص في العروض الموجّهة إلى الأطفال.

في الواجهة دومًا

لاحظ مدرسوه بالمدرسة موهبته في التمثيل، وعندما يطلب الأستاذ من طلبة الصف المشاركة في الفقرات الفنية للإذاعة المدرسية كانت تشير الأصابع نحوه، فقد وضعته هوايته وموهبته في الواجهة دومًا، للمشاركة في المسرحيات والعروض المدرسية.

وفي المرحلة الثانوية أيقن أن طريقه ليست في سلك التعليم، بل في التمثيل والصعود إلى منصة المسرح، فترك المدرسة ونظّم فرقة مسرحية، ثم حدث معه موقف محرج اختصر عليه الطريق في تحديد شكل الفن الذي يقدمه.

قال خميس لـ"فلسطين": "شاركت في عرض فني للعرب والبوادي، وهو مهرجان للمواهب، وكان من بين الحضور الشاعر الراحل سميح قاسم، وأُوكِلت إلي مهمّة تقديم (ستاند أب)، ولكن أول مرة يباغتني الارتباك على المسرح، ومنعني التوتر من إكمال الفقرة، لم أسمع وقتها سوى صوت ضحك الحضور، وفي أثناء مغادرتي المسرح انتبهت إلى نظرات بعض الأطفال إلي وابتساماتهم، وكان لذلك أثر إيجابي، مع شعوري بالتحطم حينها".

وأضاف: "وبعدما استيقظت من آثار الصدمة تذكرت عيون الأطفال ونظراتهم، لأستقي منهم فكرة أن أصبح "استعراضي أطفال" لا مهرجًا، بأغانٍ من تأليفي، وبملابس خاصة، إلى جانب أداء حركات تجذب نظر الأطفال".

للتعلّم أيضًا

يتجول "عمو خميس" في باحات المسجد الأقصى، ويردد مع الأطفال تارة أغنية: "يا أولاد المدارس مين فيكم دارس؟"، وأخرى: "تعالوا نعد سويا بالحضارات العالمية من واحد للعشرة باللغة الإيطالية"، ولغات أخرى كالهندية والتركية والصينية، وتُعد هذه الأغاني الخاصة بالأطفال ترفيهية وتعليمية وتراثية.

وقال: "سبب ترددي إلى الأقصى وعمل استعراضات خاصة بالأطفال في باحته هو ربط الأطفال به، ولتعليمهم أمورًا أخرى كالنظافة والثقافة والقراءة إلى جانب العبادة، فالمسجد الأقصى ليس مكانًا للعبادة فقط بل للتعلم أيضًا".

وبين أنه يركز اهتماماته على المواضيع الاجتماعية، ويعمل دائمًا على تطوير نفسه من أجل جذب الأطفال.

يضجر ضيفنا أحيانًا من اللعب مع ابنه ذي السنوات الأربع، لكن الأمر يختلف في وقت العروض، ففيها يستطيع أن يُلجم ضجره ويمتصه بطريقة غريبة، ليتحمل تصرفات الأطفال، ويهدي إليهم بعضًا من أسعد لحظات حياتهم.

قلبه مرهف تجاه الأطفال، فهو _مثلًا_ لا يطيق مشاهدة مقاطع (الفيديو) لتعذيب الأطفال التي تعرض على مواقع التواصل الاجتماعي، وذات مرة صادف طفلًا يجلس على الرصيف وبجانبه والدته، ولكنه يبكي بحرقة، فلم يستطع إكمال مسيره دون أن يعرف سبب بكائه، ثم إرضائه، وبصعوبة استطاع إقناعه بالتحدث إليه، وعندما عرف أنه يبكي لأجل لعبة مرتفعة الثمن أعجبته وترفض أمه اشتراءها، اشتراها له ليسعده، لكنه في الوقت نفسه عرّفه أن تصرفه خطأ.

يحلم خميس أن يتواصل مع أطفال غزة الذين عاشوا الحروب، وما نتج عنها من أزمات نفسية، ليخفف عنهم آلامهم، وليوصل رسالة محبة وتآخٍ وسلام، وليؤكد أن الشعب الفلسطيني يحب الحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.

اخبار ذات صلة