فلسطين أون لاين

"مواجهاتٌ عنيفة واشْتباكاتٌ مسلَّحة"

السُّلطة تُقوّض السّلم الأهلي في جنين لكسب ودّ (إسرائيل)

...
جنين- غزة/ عبد الله يونس

شهدت مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي تصعيدًا خطيرًا من أجهزة أمن السلطة التي تشن حملة واسعة النطاق ضد مجموعات المقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي ترى فيه شخصيات فلسطينية أن هذه الحملة تأتي في سياق استرضاء لـ(إسرائيل) وتنسجم مع مصالحها الأمنية.

وأكدت هذه الشخصيات في تصريحات منفصلة لـ"فلسطين أون لاين"، أن انتهاكات السلطة في مخيم جنين، لن توقف مخططات الاستيطان والتوسع في الضفة الغربية، ودعوا السلطة إلى وقف هذه السياسات التي تضر بالشعب الفلسطيني، والانحياز إلى مشروع وطني موحد يعزز الصمود في وجه الاحتلال ومشاريعه.

وأسفرت هذه الحملة عن مواجهات عنيفة واشتباكات مسلحة بين عناصر السلطة والمقاومين، مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى في صفوف المقاومين والمدنيين.

وفي 5 ديسمبر 2024، أطلقت أجهزة أمن السلطة في جنين النار على مقاومين ما أدى إلى إصابة فتيين، استشهد أحدهما لاحقًا متأثرًا بجروحه وهو ربحي الشلبي (19 عامًا).

في 14 ديسمبر 2024، اغتالت أجهزة أمن السلطة القائد الميداني في "كتيبة جنين"، يزيد جعايصة، خلال اشتباكات في المخيم.

ويُذكر أن جعايصة كان من أبرز المطلوبين لقوات الاحتلال "الإسرائيلي"، ولعب دورًا محوريًا في التصدي للاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمدينة والمخيم.

استرضاء الاحتلال

أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة، أن الحملة الأمنية التي تنفذها السلطة الفلسطينية في جنين ومخيمها تأتي في سياق محاولات لاسترضاء الاحتلال "الإسرائيلي"، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات لن تنجح في وقف الاستيطان أو كبح جماح اعتداءات المستوطنين المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني.

وقال خريشة في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "إن السلطة الفلسطينية بدلاً من أن تكون درعًا حاميًا لشعبها ومقاومته، باتت أداة لقمع المقاومين والمطلوبين للاحتلال، في انسجام واضح مع مخططات الاحتلال".

وأضاف، أن ما يحدث في جنين يُعد استهدافًا ممنهجًا للمقاومة، التي أصبحت العقبة الأبرز أمام تنفيذ المشاريع "الإسرائيلية" في الضفة الغربية.

وأوضح خريشة أن هذه الحملة لا تأتي في سياق ضبط الأمن كما تزعم السلطة، بل هي جزء من تنسيق أمني مع الاحتلال، الهدف منه إضعاف الحاضنة الشعبية للمقاومة وتقويض قوتها، خصوصًا في جنين التي أصبحت رمزًا للصمود والمقاومة.

وأكد أن ما تقوم به السلطة لن يوقف الاستيطان الذي يتوسع يوميًا في كافة مناطق الضفة، مشيرًا إلى أن المشاريع الاستيطانية لا تتوقف عند المصادرة والبناء، بل تمتد لتشمل توغلات عسكرية يومية واعتداءات وحشية من قبل المستوطنين، الذين باتوا يشكلون جيشًا للاحتلال، بدعم وحماية رسمية من الحكومة "الإسرائيلية".

وتابع خريشة: "السلطة الفلسطينية تخطئ في حساباتها حين تظن أن هذه الحملات ستعزز موقفها أمام المجتمع الدولي. الشعب الفلسطيني يرى أن هذه الممارسات خيانة لدماء الشهداء وتضحيات المقاومين، وأن استهداف المقاومين ينسجم تمامًا مع خطط الاحتلال".

ودعا السلطة إلى إعادة النظر في سياساتها، والتوقف فورًا عن استهداف المقاومين، والانحياز إلى شعبها وقضيته العادلة.

وقال: "نحن بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية تُعيد ترتيب أولوياتنا، وتوجه طاقاتنا لمواجهة الاحتلال ومخططاته، بدلًا من الصراعات الداخلية التي لا تخدم سوى العدو".

واختتم خريشة حديثه بالتأكيد على أن المقاومة هي الخيار الوحيد لحماية الأرض والإنسان، مشددًا على أن محاولات إخمادها ستفشل كما فشلت كل محاولات الاحتلال في كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

هديةٌ مجَّانيَّة

واعتبر المحلل السياسي وديع أبو نصار، أن الحملة الأمنية التي تنفذها السلطة في جنين تمثل "هدية مجانية" لـ(إسرائيل)، التي تسعى بكل قوتها إلى ضرب المقاومة وإضعاف الحاضنة الشعبية للفصائل الفلسطينية.

وأكد أبو نصار لـ"فلسطين أون لاين" أن هذه الحملة لن تؤدي إلى وقف المشاريع الاستيطانية أو التوغلات العسكرية "الإسرائيلية" في الضفة الغربية، بل قد تسهم في تعزيزها.

وأوضح أن (إسرائيل) تنظر إلى هذه الحملة كجزء من التنسيق الأمني الذي يخدم مصالحها المباشرة، خاصة في ظل تصاعد العمليات الفدائية ضد المستوطنين وقوات الاحتلال في الضفة.

وقال أبو نصار: "(إسرائيل) ترى أن السلطة تقوم بدور وكيل أمني ينفذ عمليات تطهير داخلية ضد المقاومين، مما يعفي الاحتلال من خوض مواجهات مباشرة، ويوفر له بيئة آمنة لمتابعة مخططاته الاستيطانية".

وأشار إلى أن (إسرائيل) تستخدم هذه الحملة لتبرير سياساتها أمام المجتمع الدولي، بزعم أن السلطة الفلسطينية شريك أمني يمكن الاعتماد عليه، بينما تواصل في المقابل توسعها الاستيطاني ونهب الأراضي.

وأضاف أبو نصار: "الحملة الأمنية في جنين لن تمنع (إسرائيل) من المضي قدمًا في مشاريعها، مثل توسيع المستوطنات وبناء البؤر الجديدة، بل ربما توفر غطاءً سياسيًا لاستمرار هذه الممارسات".

وأكد أن الحملة الأمنية لا تعكس فقط ضعف السلطة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، بل تكشف عن أزمة عميقة في استراتيجيتها السياسية.

وقال أبو نصار: "السلطة تراهن على كسب دعم المجتمع الدولي من خلال قمع المقاومة، لكنها تخسر شعبها ومصداقيتها، فيما تستغل (إسرائيل) هذا الوضع لتصعيد اعتداءاتها على الأرض والشعب الفلسطيني".

وشدَّد على أن الاحتلال لن يغير سياساته تجاه الضفة مهما قدمت له السلطة من تنازلات. وأوضح أن (إسرائيل) ترى في الحملة الأمنية فرصة لتفكيك البنية التحتية للمقاومة، لكنها لا ترى السلطة كشريك حقيقي في مشروع سياسي أو أمني طويل الأمد.

وفيما يتعلق بمستقبل الوضع في الضفة، حذَّر أبو نصار من أن هذه الحملة قد تؤدي إلى مزيد من التوتر والانقسام الداخلي، مما يسهل على (إسرائيل) تنفيذ مخططاتها، خاصة ضم المناطق الحيوية مثل الأغوار ومناطق "ج".

وأكد أن "الحل الوحيد لمواجهة الاحتلال ومشاريعه هو الوحدة الوطنية والعودة إلى خيار المقاومة بكافة أشكالها".

المصدر / فلسطين أون لاين