حمل إياد علوان شباكه على كتفه ووقف على شاطىء البحر في نهار خريفي مشمس مع ساعات الظهيرة، انزلها على الرمال وأخذ يفكك تشابكها، ثم أسندها على كتفه مرة ثانية، مشى خطواتك قليلة إلى أن غطت المياه كتفيه ثم رمى بها بكل قوته نحو الماء.
يتركها ويسحب حبل صغير إلى الخارج وينتظر أمامها حتى مغيب الشمس ويقوم بسحب الشباك يتفقد ما اصطادته، فتكون الغلة أسماك صغيرة مليئة بالاشواك يقوم باستخدام كطعم في اليوم التالي ويستمر هكذا لمدة عشرة أيام في بعض الأحيان دون أن يصطاد شيئا.
علوان صياد من خان يونس يعمل في مهنة الصيد منذ أكثر من (20 عامًا) فقد اثنين من العاملين معه بعد أن أطلق عليهم زورق اسرائيلي النار عليهم أثناء رحلة صيد.
لم تقف معاناة علوان عند هذا الحد فقط دمرت الة الحرب الاسرائيلية مركبه الذي هو مصدر رزقه الوحيد مع اندلاع حرب الإبادة الجماعية في السابع من أكتوبرمن العام الماضي.
يقول علوان لـ "فلسطين أون لاين": "فقدنا كل قواربنا وتم إحراق شباكنا من قبل القءائف والصواريخ الاسرائيلية، ولم يتبقى لدي اي ادوات لصيد اذا قررت صناعة قارب يدوي صغير حيث لا نستطيع الإبحار أكثر من 50 مترا لأن الزوارق الاسرائيلية الحربية تطلق نيرانها على الفور ".
ويضيف:" نجازف بأرواحنا وبحياتنا حتى نتمكن من جلب أسماك لأطفالنا، وفي كثير من الأحيان نعود خالي اليدين".
وقد دمرت دبابات وطائرات الاحتلال الاسرائيلي 1900 قارب صيد بالمحركات، وحوالي 900 قارب صيد يدوي، وقتلت أكثر من 150صيادا.
وقدرت فاتورة خسائر قطاع الصيد باكثر من 60 مليون دولار، ونحو 5000صياد فلسطيني تحولوا جميعهم إلى عاطلين عن العمل والذين لايستطيعون تلبية احتياجات عائلاتهم في ظل استمرار الة الحرب الاسرائيلية، وقد تضرر نحو 10 آلاف مستفيد بسبب غير مباشر.
ولا يختلف حال علوان عن الصياد محمود الهسي النازح من مدينة غزة بحثا عن مكان آمن للصيد، فاستقر به الحال في مواصي خان يونس.
يقول الهسي لـ "فلسطين أون لاين" :"فقدت جميع القوارب في غزة وشباك الصيد أيضا، وخسرت عملي وأصبحت أعمل أجيرا لدى الناس، واستشهد ابن عمي في أول عشرة أيام من العمل، وأخيه الآخر أصيب وفقد عائلته".
ويتابع: " في اليوم اصيد كيلوان من الأسماك حيث أقوم ببيعهم لكي أتمكن من شراء مواد غذائية أساسية لاطفالي، وفي ظل ارتفاع الأسعار لا أتمكن من تحقيق ذلك".
تراجعت كميات شباك صيد الهسي البحرية التي كانت تحمل قرابة 6 أطنان من صناديق الأسماك المتنوعة، أشهرها "السلطان إبراهيم، الجمبري، الغزلان، بلميدة، الطرخونة"، واقتصرت الكمية على قرابة 4 كيلوغرامات فقط يشمل نوعين، سردينيا بحجم متوسط، ومليطي، مما أدى إلى ارتفاع ثمنها من 8 دولارات في المتوسط إلى 40 دولار.
لم يكن مشهد صيادو قطاع غزة ورديًا قبل السابع من أكتوبر، لم يلتزم الاحتلال الاسرائيلي بما نصت عليه اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية والتي تلزمها بالسماح الصياد بالصيد حتى مسافة 22 ميلا بحريا.
وبالتالي فان صيادو غزة لم يكونوا استثنائا من مشهد المعاناة الذي يعيشه سكان القطاع منذ أكثر من 170عاما. والمحصلة من كل ذلك فقدان أحد أهم مصادر الغذاء لنحو مليوني و200ألف نسمة هم سكان القطاع الذين يعانون كل يوم وساعة ودقيقة من ويلات الحرب.
وثمة توقعات تفيد بأنه إذا توقفت الحرب فإن قطاع الصيد في غزة يحتاج في اليوم التالي إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دولار من أجل العودة للعمل فقط.