قائمة الموقع

رحيلُ أبو ضياء... حكايةُ الجدِّ الذي عاش ومات يحمل "روح الرُّوح"

2024-12-16T11:06:00+02:00
12202324105746508945018.webp
فلسطين اون لاين

في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، عاش الشيخ خالد نبهان، الذي عرفه الجميع بـ"أبو ضياء". رجل بسيط في مظهره، لكنه عظيم في حبه وعطائه. لم يكن الكثير يعرف نبهان قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكنه بات رمزا إنسانيا لكل من تابع قصته المؤلمة التي بدأت بفقدان حفيدته ريم، وانتهت برحيله المأساوي اليوم في قصف إسرائيلي استهدفه في النصيرات.

كان خالد نبهان جدا لأربعة أطفال، لكن علاقته بحفيدته ريم كانت استثنائية. ريم، الطفلة ذات الثلاث سنوات، كانت تضيء حياته بضحكتها البريئة وألعابها الطفولية. كان يحملها على كتفيه ويدعوها دائما بـ"روح الروح"، وكأنما اختصر بهذا التعبير حبه العميق لها.

لكن الحرب التي لا تفرق بين صغير وكبير خطفت ريم منه في إحدى ليالي نوفمبر 2023، حين دمر صاروخ إسرائيلي منزله. يومها حمل خالد جثمان حفيدته الصغيرة بين ذراعيه، وقد اختلطت دموعه بصوت بكائه، يردد بصوت متهدج: "روح الروح... راحت روح الروح".

الوجع الذي لا ينسى

تحولت هذه العبارة إلى أيقونة تُلخص معاناة الفلسطينيين. ظهر خالد في العديد من التقارير الإخبارية وهو يتحدث عن ريم، كاشفًا عن حياة مليئة بالفقد، ولكنها لم تخلو من الأمل رغم الدمار. كان دائمًا ما يقول إن ريم لم تفارقه أبدًا، وإن صورها وألعابها كانت تملأ كل زاوية من بيته.

اليوم، السادس عشر من ديسمبر 2024، لم يكن خالد يعلم أن القدر سيجمعه بحفيدته مرة أخرى، عندما استهدفته طائرة حربية إسرائيلية، وأردته شهيدًا ليترك خلفه ذكريات عالقة في قلوب من عرفوه وأحبوه.

"كان إنسانًا بسيطًا"، يقول عابد أبو صار أحد جيرانه لـ"فلسطين أون لاين": "لم نكن نراه إلا مبتسما رغم كل ما مر به. كان صبورا وشاكرا. لقد فقد حفيدته، ثم فقد جزء من روحه معها، واليوم فقدناه نحن أيضا".

خالد نبهان لم يكن مقاتلا، ولم يحمل يوما سلاحا، لكنه حمل قضية شعبه في قلبه. أصبح وجهه وصوته رمزا لصمود العائلات الفلسطينية التي لا تتوقف عن تقديم التضحيات. كان حضوره في المآتم والمناسبات يبعث القوة في من حوله، وكأن فقدانه لحفيدته جعله أكثر عطاءً واحتضانا للجميع.

الوداع الأخير

اليوم، رحل خالد نبهان، لكن قصته ستبقى خالدة. في مخيم النصيرات، ستظل العبارات التي كان يرددها، وصورته وهو يحمل حفيدته، حاضرة في ذاكرة الفلسطينيين. رحل الرجل الذي عاش يحمل روحه وروح حفيدته، لكنه ترك إرثا من الحب والصمود يذكر الجميع بمعاناة شعبه، وبأنه حتى حين تفقد كل شيء، يمكنك أن تظل مصدرًا للإلهام.

قصة خالد نبهان ليست مجرد حكاية شخصية، بل هي فصل من كتاب الألم الفلسطيني الممتد. هي شهادة على الحرب التي تستهدف الأبرياء، وتسرق منهم أحب الناس إليهم، لكنها في الوقت ذاته درس في الإنسانية التي تتحدى الموت بالحياة.

 

 

 

اخبار ذات صلة