يتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي تعميق الأزمة الإنسانية لمليوني إنسان في قطاع غزة الذي يتعرض لـ"حرب إبادة إسرائيلية" عبر استهداف البلديات المحلية ومرافقها الخدماتية.
وخلال الشهور الماضية، نفذ جيش الاحتلال سلسلة عمليات اغتيال مقصودة لرؤساء البلديات كان آخرهم رئيس بلدية دير البلح دياب الجرو الذي ارتقى شهيدا، أول من أمس، في غارة جوية استهدفته أثناء عمله في مكتبه بمبنى البلدية وسط المدينة.
وباغتيال الجرو ارتفع عدد رؤساء البلديات الذين ارتقوا في قصف إسرائيلي إلى أربعة شهداء، وهم: رئيس بلدية مدينة الزهراء مروان حمد الذي ارتقى بقصف في 4 نوفمبر 2023م على مخيم النصيرات.
وفي 8 إبريل 2024 اغتالت طائرة إسرائيلية رئيس بلدية المغازي حاتم الغمري في قصف جوي على مبنى تابع لبلديات المحافظة الوسطى، وفي 7 يونيو الماضي أغار طيران الاحتلال على مبنى يتبع لبلدية النصيرات ما أسفر عن ارتقاء رئيسها إياد المغاري.
وأكد المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن القصف الإسرائيلي المتعمد للبلديات المحلية ورؤساؤها هدفه "خلق الفوضى" و"تعميق الأزمة الإنسانية" في القطاع.
وأوضح الثوابتة لـ"فلسطين أون لاين" أن الاستهداف الإسرائيلي المتعمد خلال "حرب الإبادة" المستمرة لليوم الـ 437 شمل مقرات ومرافق البلديات ومعداتها في جميع المحافظات والعاملين فيها وخاصة أثناء تقديمهم للخدمات الإنسانية.
ونوه إلى أن الاحتلال يسعى إلى خلق حالة من الفوضى والفلتان ومضاعفة الأزمة الإنسانية وعرقلة تقديم خدمات البلدية للمواطنين والنازحين.
ودليلا على ذلك، استدل بوجود أكثر من مليون نازح في مدينة دير البلح وسط القطاع، الأمر الذي سيفاقم معاناتهم الإنسانية والصحية في حال غياب دور البلديات المحلية.
وفي أغسطس/ آب الماضي ونتيجة للعمليات العسكرية الإسرائيلية، ارتفع أعداد النازحين في المدينة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث قارب عددهم المليون نازح موزعون على نحو 200 مركز إيواء. وفقا لبيان بلدية دير البلح.
وحذر من خطورة الاستهداف الإسرائيلي المتكرر للبلديات وعمل طواقمها وانعكاس ذلك على حياة الغزيين والأضرار البيئية.
وشدد على ضرورة ضغط المجتمع والمؤسسات الدولية على سلطات الاحتلال من أجل وقف القصف والدمار لهذه المؤسسات الحيوية ومرافقها والعاملين فيها.
ومثالا، قتل جيش الاحتلال في 21 يونيو/ حزيران الماضي، خمسة من طواقم الطوارئ في بلدية غزة العاملين في تشغيل آبار المياه.
كما قتل 4 موظفين يعملون في بلدية خزاعة شرقي محافظة خان يونس، أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وذلك أثناء قيامهم بعملهم داخل إحدى آبار المياه.
وحث الثوابتة بلديات العالم على إدانة جرائم الاحتلال بحق المؤسسات المدنية والخدماتية التي تدل على مستوى الجريمة والانحطاط الإسرائيلي.
وتحاول بلديات القطاع رغم القصف والدمار الشامل تقديم أدنى خدماتها الإنسانية للسكان والنازحين، خاصة المياه وجمع النفايات الصلبة وتفادى أزمات الصرف الصحي وإزالة ركام المنازل من الطرقات المدمرة.
وفي هذا السياق، اعتبر منسق اتحاد بلديات قطاع غزة حسني مهنا استهداف الاحتلال للعاملين في البلديات دليل سياسة ممنهجة لإلحاق الضرر بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، وتعميق معاناة المواطنين.
ولأجل ذلك، دعا مهنا إلى تفعيل آليات المساءلة الدولية لتوفير حماية للعاملين في القطاعات الخدمية.
"جريمة حرب"
وقانونيا، أكد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي، أن استهداف الاحتلال للعاملين في القطاعات الخدمية والإنسانية "جريمة حرب"
وأوضح عبد العاطي في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" أن الاحتلال تعمد استهداف جميع القطاعات: التعليم، الصحة، التراث والآثار، المساجد، البنى التحتية ولا يزال يواصل جرائم الإبادة بحق البلديات المحلية التي تقدم خدماتها الإنسانية للمدنيين.
وبيّن أن الاحتلال عمّد على تدمير جميع مناحي الحياة في غزة وجعلها غير قابلة للحياة، والضغط على المدنيين لنشر الفوضى والفلتان.
ونوه إلى أن البلديات المحلية والعاملين فيها تعتبر "منشآت محمية" وفق القانون، وإن عمليات استهدافها تشكل "جرائم حرب" و "جرائم ضد المدنيين".
وأكد الحقوقي عبد العاطي أن جرائم الاحتلال تتطلب محاسبة (إسرائيل) في المحافل الدولية، وضمان عدم الاستهداف العسكري المتجدد لهذه القطاعات الإنسانية.
وأخيرا، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الكارثة التي تشهدها غزة ليست سوى انهيار كامل "لإنسانيتنا المشتركة وكابوس يجب إنهاؤه، وينبغي ألا تنصرف الأنظار بعيدا عنه".