قائمة الموقع

يزيد جعايصة .. شوكةٌ اقتُلِعتْ من حلق الاحتلال

2024-12-14T15:50:00+02:00
أمن السلطة اغتال القائد في كتيبة جنين يزيد جعابصة ضمن عملية تستهدف المخيم منذ 10 أيام
فلسطين أون لاين

 "آلا بعدًا لمشوارٍ كله ذل، إن لم تكن هذه الحياة عزيزةٌ، فماذا إلى طول الحياة تتوق؟" بفصاحته وقوة حجته وبلاغته، يلخص يزيد جعايصة (30 عاما) بتلك الأبيات التي صدح بها لسانه في إحدى الاحتجاجات في جنين، جانبًا من شخصيته وتعلق قلبه في المقاومة وفي حب فلسطين والتضحية من أجلها.

ختم الفتى الذي تربي في حضن جدران المخيم واستشهد فيه صبيحة اليوم برصاص أمن السلطة التي اقتحمت المخيم، أبياته تلك التي كانت كوصية ونهج سار عليه "آلا أن خوف الموت مر كطعمه، وأن الفتى عليه سيف دلوكُ، وأنك لو تستشعر العيش في الردى لتحليت طعم الموت حين تذوقُ".

قبل حوالي خمس سنوات أصيب جعايصة في بطنه أثناء اجتياح قوات الاحتلال لمخيم جنين، لكنه لم يترك طريقا رسم فيه "نهاية مشرفة" واعتقله الاحتلال لنحو عامين، تميز بشجاعته.

من مطاردة الاحتلال ووضعه على رأس المطلوبين في مخيم جنين، إلى ملاحقة السلطة له حتى قتلته برصاصها، تسابق الطرفان وتناوبا على محاولة الوصول للشاب الثائر، الذي رفض "الذل والهوان" كما كان يقول، وكرس حياته لمقاومة ومقارعة الاحتلال، حتى عندما استشهد نأى بنفسه أن يوجه رصاصاته لمن "هم بنوا جلدته" فتلقف رصاصاتهم بصدره، واستشهد مدافعا عن المخيم، وترك البندقية للمقاومين من خلفه.

بندقية رعد

 نذر جعايصة نفسه كأحد جنود المقاومة في فلسطين، خاصة بعد استشهاد ابن خاله رعد الخازم في 7 إبريل/ نيسان 2022، الذي تأثر برحيله وسار على ذات الدرب، وحمل البندقية من بعده.

يقول أحد جيرانه وطلب عدم الكشف عن اسمه لـ "فلسطين أون لاين": "بعد عملية رعد اقتحم الاحتلال بيت جعايصة وبدأت مطاردته، لأن يزيد هتف ضدهم ودعا للمقاومة في خطاب تلاه على الملأ بعد كلمة ألقاها والد خازم، وتأثر باستشهاد أبناء خاله رعد وأخيه عبد الرحمن وابن خاله الثاني نضال الخازم وابن خالته يامن عصفور".

درس جعايصة في مدارس مخيم جنين، لكنه لم يكمل دراسته لالتحاقه بركب المقاومين، أمضى أكثر من عشر سنوات في مقارعة الاحتلال أسيرا ومصابا، وكان قريبا من الاستشهاد أثناء إصابته نظرا لخطورته، لكن شاء القدر أن يتعافى من رصاص المحتل ليستشهد برصاص السلطة.

عرفه جاره، بأنه ملتزم وخلوق يجيد تجويد وترتيل القرآن الكريم، يردف: "لم يعش عمره مثل باقي الشباب، كل حياته كان مطاردا للاحتلال والسلطة".

عن لحظة استشهاده، يقول الجار: " منذ الخميس الماضي والسلطة تطوق المخيم، واليوم جاء القرار باقتحام المخيم، وتحمل القوة اسم (101) وبدأت بإطلاق النار، واعتلى القناصة العمارات السكنية. لم يؤذِ يزيد أي إنسان حرقوا قلوبنا عليه".

في آخر رسالة له قال جعايصة "الحمد لله الذي جعلنا جندا من جنود الحق، وشوكة في حلق أعدائنا، ونحمد الله أنه استخدمنا ولم يستبدلنا، وأننا تعلمنا وتشرفنا في مدرسة جنين أن ساعة عز أحب إلينا من الدنيا وما فيها، وأن نقبض على جمرة الجهاد".

وأضاف الشاب في كلمة مصورة "وأسفاه على السلطة التي استنفرت كل هذا الاستنفار وهذه القوى، ولم تستنفر يوما على كل هذه الدماء بارتقاء خمسين ألف شهيد في غزة وآلاف الشهداء في لبنان، ولم يهتز قلبهم على كل هذه الأوصال المقطعة وعلى صرخات الأطفال واليتامى، فقط اهتز قلبهم على سيارات لا تساوي شيئا".

ودعا في رسالته الأخيرة السلطة للاستيقاظ من الغفلة والمهزلة، ووقف الدماء التي ستسيل، وقال: "ارجعوا لنا حقوق الشهداء وأفرجوا عن الأسرى"، مؤكدًا، أن "طوفان الأقصى لم ينته، وأن على كل من بقي في قلبه ذرة من الغيرة أن يضيف قطرة على الطوفان".

حصار مطبق

 

ومنذ عشرة أيام يسود التوتر لليوم العاشر على التوالي في مدينة جنين ومخيمها، حيث تستمر الاشتباكات المسلحة بين أفراد أمن السلطة وعناصر مقاومة من "كتيبة جنين" بالتزامن مع فرض حصار على المخيم، وتأتي الأحداث على خلفية اعتقالات نفذتها الأجهزة الأمنية بحق نشطاء من المخيم، وأدت إلى انقطاع الكهرباء لمدة ثلاثة أيام.

شذا وهي فتاة تعيش في المخيم، استيقظت صبيحة اليوم على أصوات إطلاق نار واشتباكات في حارتها الواقع بشارع "مهيوب" وعلى أطراف المخيم، وقوات كبيرة من أمن السلطة تقتحم المخيم ويعتلي قناصتها أسطح المنازل، في اقتحام مشابه لما يفعله جيش الاحتلال بالمخيم.

تقول الفتاة التي طلبت عدم ذكر اسمها كاملا لـ "فلسطين أون لاين": "كان عناصر السلطة يطلقون النار بشكل عشوائي، استهدفوا نوافذ المنازل بشكل مباشر مما أدى لإصابة عدد من المواطنين معظمهم أطفال، وتعطلت المدارس عن التعليم في المخيم والمدينة، وأضرب الأطباء في المستشفى الحكومي، وأغلقت المحال التجارية، ولم نستطع الخروج خارج المنزل وبقينا محاصرين".

وتلفت إلى أن الكهرباء انقطعت ثلاثة أيام قبل أسبوع من الصباح حتى المساء، بسبب استهداف السلطة لمحول الكهرباء وانفجاره، حتى تم إصلاح العطل، وعاد الانقطاع اليوم بسبب اقتحام السلطة واستهداف المحول.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي من جنين عدنان الصباح، إذا ما أمعنا في حالة الاقتتال الداخلي وتصاعدت ولم نتمكن من إيقافها فهذا أكبر جريمة ترتكب بحق القضية الفلسطينية وأهلها، وبالتالي عدم إيجاد آلية للتخلص من هذه الآفة القذرة سيكون وخيما على شعبنا وقضيتنا".

وأضاف الصبح لـ "فلسطين أون لاين" أنه لا يوجد مبرر لاقتحام السلطة للمخيم وأن الإدعاء بأن الهدف منع الاحتلال اقتحام المخيم ينافي للواقع، فالاحتلال يقتحم أي مكان يريده ويستبيح الضفة، ونحن بحاجة لأن نكون يدا واحدة لمواجهة الاحتلال، فالمشكلة ليست في المقاومة بل في وجود الاحتلال".

وعن مساعي نزع فكرة المقاومة بالضفة عبر الملاحقة والاغتيال، أكد أنه لا يمكن نزع فكرة المقاومة من عقول أي شعب على وجه الأرض، ما دام الاحتلال موجودا، فهذه قضية لا يمكن أن تموت

اخبار ذات صلة