قائمة الموقع

"معجزة الصَّبر" في غزَّة

2024-12-13T15:12:00+02:00
Iu7Oi.jpg

عندما تولد شارة النصر من رحم الآهات، ويوزع الإنسان ابتسامات بريئة من تحت أنقاض بيته الذي بناه حجرا حجرا، ويوصي الباقين من أبنائه بالبقاء، وإعادة البناء، فهو حتما غزي.

في شمال قطاع غزة تحدث ما تشبه "المعجزة" حقا، أبطالها كأشجار زيتون يكاد زيتها يضيء، متجذرة في أعماق الأرض، ثابتة لا تتزحزح، وإذا اقتلعها الغازون قسرا فثمة أشجار أخرى تنطق العربية وتقول بلهجة فلسطينية: "هنا غزة".

وأي أبطال هم أولئك الذين يسطرون بصبرهم الطويل ملحمة تاريخية في خريف سقطت به أوراق كثيرين في عالمنا ممن  تعاونوا وشاركوا وتواطؤوا أو صمتوا على جريمة العصر: الإبادة الجماعية في غزة.

هي الإبادة التي تلاحق على الهواء مباشرة عشرات الآلاف من الغزيين بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم، لا ترحم حتى ضعيفهم ولا كبيرهم، تريد أن تلقي بهم في مهاوي الردى، وتدفنهم حيث هم، أو تبخر أجسادهم بأسلحة محرمة دوليا.

لكنه المحتل الذي يحل ما حرم القانون الدولي، ويتصرف بغطرسة وفق شريعة الغاب، بأسلحة أمريكية وضوء أخضر للتطهير العرقي في شمال قطاع غزة.

ذلك لتحقيق أحلام إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وغيرهم في تهجير من لم تبده الصواريخ والقذائف في غزة، وإعادة الاستيطان إليها في العام 2025.

إنها حقيقة أقر بها وزير الجيش السابق موشيه يعلون الذي قال: إن ما يجري في شمال القطاع هو تطهير عرقي.

لكن تلك الأحلام تتحطم على صخرة ثبات الغزيين الصابرين المصابرين المرابطين على أرضهم، حتى وإن سقطت منازلهم على رؤوسهم.

- ما الذي نعرفه عن هذا التطهير العرقي في شمال القطاع من المعطيات المحلية والأممية؟

71 يوما مروا على الحصار والعملية العسكرية للمحتل في المناطق الشمالية من قطاع غزة.

أكثر من 4000 شهيد ومفقود منذ بدء العملية المذكورة على مناطق شمالي القطاع.

عمليات نسف واسعة لمنازل ومربعات سكنية بمناطق مختلفة.

قصف جوي ومدفعي وبحري وغارات متتالية وعنيفة تعرف "بالأحزمة النارية".

عمليات تفجير الروبوتات المفخخة في منازل ومربعات سكنية بمحيط مستشفى كمال عدوان، تسببت بأضرار في مبانيه.

استهداف الطواقم الطبية والدفاع المدني والصحفيين.

تكريس سياسة التجويع بإغلاق المعابر.

الكلاب الضالة تنهش جثامين الشهداء المتناثرة في جباليا.

وما خفي مما يجري في شمال القطاع أعظم، وسط بيانات خجولة من المنظمات الأممية المعنية بالشؤون الإنسانية، التي لا تجد صدى مؤثرا وفاعلا ينقذ الغزيين على أرض الواقع.

وفي جنوب القطاع الذي زعم المحتل أنه "منطقة آمنة" لا يختلف الحال كثيرا، لا من ناحية القصف والتجويع والتشريد ولا من ناحية الصبر الغزي على مدار أكثر من سنة.

هي أوجاع تأكل أجسادهم، وتضربهم على بطونهم، وتحاول كسر ظهورهم في أعز ما يملكون، لكنها لا تخفض لهم راية ولا تحني لهم هامة.

إنهم لا يريدون أقل من حقوقهم في حياة كريمة وآمنة على أرضهم، يقررون فيها مصيرهم، يدهم بيد أبناء شعبهم في سائر أنحاء فلسطين.

إنه صبر ينبت في بيئة الجراح ونقص الأموال والأنفس والثمرات، يعز نظيره في تاريخ الشعوب.

اخبار ذات صلة