طالب كاتب بريطاني شهير متخصص في المجال الرياضي، بالعمل على طرد (إسرائيل) من المحافل الرياضية العالمية في ظل استمرار ارتكابها للجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ولا سيما في غزة التي تتعرض لحرب إبادة منذ 14 شهراً.
وقال الكاتب جوناثان ليو - الحائز على جائزة أفضل كاتب رياضي في جوائز جمعية الصحافة الرياضية لعام 2021 في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية - إن تقاعس هيئات مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم واللجنة الأولمبية الدولية عن معاقبة (إسرائيل) أصبح أمراً غير مقبول.
وحمل المقال عنوان " قد تكون الرياضة أداة غير مباشرة للتغيير الاجتماعي، لكن حان الوقت لاتخاذ موقف ضد (إسرائيل)"، وقال فيه: "في هذه الأثناء، يواجه ما يقرب من مليوني شخص في غزة خطر الموت جوعاً".
واستهل الكاتب مقاله بانتقاد كل من يهاجم أي كاتب أو شخصية عامة تتحدث عن معاناة الفلسطينيين واتهامهم بمعاداة السامية.
وقال في هذا الخصوص: "إننا نتمتم بكلمات، ونشعر باليأس في صمت. ونراقب كلماتنا، ونلتزم الصمت، أو نتجاهلها ببساطة. لأن القيام بخلاف ذلك يعني مواجهة موجة من التهديدات والتشهير والإساءة، وهو نوع من التوبيخ العلني الذي يهدف في الأساس إلى تشتيت الانتباه وتقسيم الناس وإحباطهم".
وتساءل متهكماً: "هل المجاعة أمر سيء؟ آه، الأمر معقد. ماذا عن قصف المستشفيات أو المناطق السكنية؟".
وانتقد الكاتب البريطاني تصرفات حكومة الاحتلال قائلاً: "إن المساحة التي تلتقي فيها حكومة يمينية متطرفة عرقية قومية غير متوازنة بالأرض المتسخة التي كانت تُشكل الخطاب العام في الماضي، لم يعد أي شيء يعني أي شيء حقاً".
وأردف: "الكلمات قد تشير إلى أي شيء تريده. والأفعال لا تترتب عليها عواقب، فالأمم المتحدة سيئة في واقع الأمر، والقصف هو شكل من أشكال الدفاع، والأطفال حديثي الولادة قد يكونون أضراراً جانبية، والموتى ليسوا أمواتاً، لأنك لا تستطيع أن تكون إنساناً إذا لم تكن موجوداً في المقام الأول".
وزاد: "عند هذه النقطة، وبقليل من الوقاحة وبتردد عميق: تدخل الرياضة. فعلى مدى الأشهر الثلاثة عشر الماضية، حاولت الرياضة أن تقدم أصغر هدف ممكن وسط المذبحة التي ترتكبها "إسرائيل" والخط هو: لا يوجد خط. وفي بعض الأحيان كان يتم توجيه الضرب إلى الرياضي الذي يفشل في الحفاظ على هذا الخط".
وأضاف جوناثان ليو: "لقد طَرَدَ نادي ماينز الألماني اللاعب المغربي أنور الغازي بسبب نشره لتغريدة قال فيها (أوقفوا القتل) وتم منع لاعب الكريكيت الأسترالي عثمان خواجة من عرض رسالة (كل الأرواح متساوية) على حذائه أثناء مباراة تجريبية. بخلاف ذلك، ستستمر الأمور كالمعتاد".
وضرب الكاتب البريطانية أمثلة في ازدواجية المعايير التي يتعامل فيها الغرب مع ما يجري، وقال في هذا الصدد "أثارت سلسلة من الهجمات المنسقة على مشجعي مكابي تل أبيب إدانة دولية وكادت أن تؤدي إلى إسقاط الحكومة الهولندية، كما اندلعت مشاجرات خلال مباراة فرنسا و"إسرائيل"، والتي حضرها إيمانويل ماكرون كعمل تضامني".
وأكمل ساخراً: "مؤخراً كان هناك غضب عالمي إزاء مقتل لاعبي كرة قدم من غزة، إياد أبو خاطر وهشام الثلاثيني، في غارات جوية إسرائيلية.. من الواضح أنني أمزح بشأن آخر ما حدث. فلم يكن أحد يكترث بهذا الأمر. أو بأي من لاعبي كرة القدم الفلسطينيين الـ 344 الذين قتلتهم إسرائيل منذ أكتوبر الماضي، أو حقيقة أن فرق المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تلعب في دوريها المحلي في انتهاك لقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا)، أو أن الدوري الفلسطيني في الضفة الغربية قد تم تعليقه إلى أجل غير مسمى".
وتابع : "في مواجهة هذا الوضع، بدأ التقاعس عن العمل يبدو وكأنه اختيار واعٍ. فقد مرت ستة أشهر منذ وعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) باتخاذ قرار سريع بشأن ما إذا كان ينبغي فرض عقوبات على المنتخب (الإسرائيلي) بسبب تصرفات حكومته أم لا، وما زلنا ننتظر. ومر أربعة أشهر منذ تنافس الرياضيون الإسرائيليون في الألعاب الأوليمبية بعد أن أعلن رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية توماس باخ: "نحن لسنا في مجال السياسة"، ومر شهران منذ أدى الهجوم الإسرائيلي الضخم على جنين في الضفة الغربية المحتلة إلى تدمير الاستاد الرئيسي لكرة القدم في المدينة".
وتساءل ليو: "ما الأمل الذي قد تحمله الرياضة في إحداث الفارق؟ وهل يمكن أن تكون أكثر من مجرد شرنقة، وسيلة للهروب من العالم الحقيقي بدلاً من تغييره؟ بعبارة أخرى: ماذا نفعل جميعاً هنا؟".
وتابع: "هل تعني اللافتة التي تحمل شعار "فلسطين حرة" في سيلتيك بارك أو بارك دي برانس، أو المقاعد الستين ألف الشاغرة في ستاد دو فرانس (خلال مباراة فرنسا والكيان الإسرائيلي) أو بضع كلمات تضامنية قصيرة من أيقونات عالمية مثل كوكو جوف أو لويس هاميلتون أو كايري إيرفينغ، أي شيء يتجاوز ما تعنيه هذه اللافتة؟ وهل يمكن أن تكون هذه اللافتة أكثر من مجرد لهب متوهج في مواجهة عاصفة إبادة جماعية لا يمكن إيقافها؟".
وأجاب بنفسه على تلك التساؤلات قائلاً: "لا أحد يعلم. ولكننا نعرف، أو ينبغي لنا أن نعرف، الصواب من الخطأ. فقتل الأطفال خطأ. والحكومة التي تعلن أن بعض البشر أكثر دناءة من غيرهم خطأ. والحكم على المجاعة خطأ. ولكن كيف يتسم هذا بالتعقيد؟ وكيف يكون هذا بداية نقاش وليس نهاية نقاش؟ وكيف يمكن أن نتصور هذا الاستعراض المروع للعنف باعتباره الخيار الحميد، وأن نتصور المقاومة له ــ حتى عندما تأتي من اليهود أنفسهم ــ باعتبارها شكلاً من أشكال الكراهية المتعالية، وليس أبسط فعل من أفعال الضمير؟".
واختتم الكاتب مقاله: "بالنسبة للفلسطينيين، كانت الرياضة دوماً شكلاً من أشكال التعبير، ومكاناً للدهشة واللعب، وتذوقاً عابراً للحرية، ومكاناً للاعتراف الدولي، ومن الطبيعي أن لا نسمح لها بأن تستمر. ولعلكم قد قررتم بالفعل ما هو رأيكم في هذا الأمر. ولكن حتى عقل واحد يستحق التغيير، تماماً كما تستحق حياة واحدة أن ننقذها".