فلسطين أون لاين

"تكيَّات الطَّعام".. مصدر غداء غالبيَّة العائلات والنَّازحين شمال قطاع غزَّة

...
غزة/ نور الدين جبر

تعتمد غالبية العائلات الفلسطينية في شمال قطاع غزة، لا سيّما النازحين في مراكز الإيواء تحديداً في وجبات الغداء على "تكيات الطعام" الخيرية المُقدمة من متبرعين من خارج القطاع، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها، جرّاء حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة.

وتسببت حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة منذ أكثر من 14 شهراً، بتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمعظم المواطنين، بعدما أجبرتهم على ترك منازلهم التي دمرتها طائرات الاحتلال، إلى مدارس حكومية وأخرى تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

يضطر المُسن بشير شرف (66 عاماً) النازح من مخيم جباليا إلى مدرسة "شهداء الشيخ رضوان" غربي مدينة غزة للاصطفاف يومياً على طابور "تكّية الطعام" حاملاً معه وعاء صغير، بُغية تعبئته بوجبة الغداء.

في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومع بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، أُجبر "شرف" برفقة عائلته المكونة من 12 فرداً على ترك منزله الكائن قرب دوار أبو شرخ غربي مخيم جباليا شمال قطاع غزة والنزوح إلى مدرسة "الشيخ رضوان" غربي مدينة غزة هرباً من نيران الطائرات الحربية الإسرائيلية وقذائف الآليات.

يقول شرف لمراسل "فلسطين أون لاين"، إنه وعائلته هرب من تحت النار والقصف بلا أي مقدرات مالية، وهو ما يصّعب أوضاعه المعيشية المتردية أصلا نتيجة تعطّلهم عن العمل طيلة اندلاع الحرب.

ويُضيف "أصبحنا بلا عمل وغير قادرين على تحمل الأعباء المالية المُلقاة على عاتقنا، وهو ما يدفعنا للجوء إلى التكيّات الخيرية لجلب طعام الغداء"، مشيراً إلى أن أغلبية الأطعمة المُقدمة هي العدس والمعكرونة.

ويوضح أن هذه المأكولات لا تقوم بواجب جسم الإنسان ولا تتضمن الفيتامينات والبروتينات اللازمة لتقوية أعضائه، "لكننا مضطرون لجلبها بسبب ضيق المعيشة الذي وصلنا له بسبب الحرب"، وفق تعبيره.

ويتابع شرف الذي يسكن في فصل داخل المدرسة لا يتجاوز الـ   أمتار، وجدرانه متشققة وآيلة للسقوط في أي لحظة "لا يتوفر طعام مناسب للأطفال وكبار السن، الأمر الذي يصّعب الحياة التي نعيشها داخل المدرسة".

ويحكي بقلب مقهور "حياتنا كلها تعب ومعاناة وشقاء، يُضاف إليها حالة المجاعة التي نعيشها في شمال قطاع غزة والتي تتسبب بأمراض سوء التغذية، خاصة للأطفال وكبار السن".

ويستصرخ شرف كل الضمائر الحية في العالم بضرورة النظر إلى الحالة الاقتصادية والمعيشية التي وصل لها السكان في قطاع غزة لا سيّما في محافظتي غزة وشمال القطاع اللتين تعانين من مجاعة منذ أكثر من عام على التوالي، من خلال تقدم الدعم اللازم لها.

لم يختلف الحال لدى الشاب محمود مهدي (34 عاماً) الذي يسكن في منزل مُدمر جزئياً في محيط إحدى مراكز الإيواء غربي مدينة غزة، الذي يعتمد بشكل أساسي في جلب طعام عائلته على "التكيّات الخيرية".

ويقول مهدي لـ "فلسطين أون لاين"، إنه لا يملك أي أموال تمكنه من جلب الطعام والشراب له ولطفليه، مما يجعله يعتمد بشكل أساسي على تكيّات الطعام التي تُقام في مراكز الإيواء أو في المنطقة التي يسكن بها.

ويشير إلى أن غالبية المأكولات التي تركز عليها "التكيّات" هي الأرز والعدس والمعكرونة، مستدركاً "مضطرون لتناولها كوننا نعاني من أوضاعٍ اقتصادية صعبة".

ويوضح أنه يواظب على الاصطفاف في طوابير التكيّات مصطحباً معه وعاء صغير لوقع طويل في بعض الأحيان في سبيل جلب وجبة الغداء اليومية له ولأطفاله، في محاولة منه لتفادي إصابتهم بسوء التغذية نتيجة المجاعة المنتشرة في شمال قطاع غزة.

ويطالب الدول العربية والإسلامية بالضغط على الاحتلال لإنهاء عدوانه على قطاع غزة، وفتح المعابر الحدودية مع القطاع وإدخال البضائع والأغذية لكل القطاع.

من ناحيته، يؤكد جميل شبير أحد العاملين في إعداد التكيّات شمال قطاع غزة، أن هناك إقبالاً كبيراً من المواطنين والنازحين على التكيّات للحصول على طعامهم اليومي.

ويوضح شبير لـ "فلسطين أون لاين"، أن أصناف الطعام المطلوبة في اعداد التكيات هي "العدس الأصفر والأرز"، وهما الأكثر طلباً من المواطنين، مشيراً إلى أن أوضاع المواطنين الاقتصادية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر.

ويلفت إلى أنهم يواجهون صعوبة في توفير "الحطب" الخاص بإشعال النيران، لإعداد تكيّات الطعام، بالإضافة إلى تكلفته العالية عند الحصول عليه، حيث يبلغ سعر الكيلو "4 شواكل".

وما يضاعف الأعباء الملقاة على شبير، هو عدم توفر السيولة النقدية في شمال قطاع غزة، مما يضطره لتلقي أجرة عمله عبر التطبيق البنكي.