كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن أربعة أسرى من قطاع غزّة على الأقل قتلوا خلال تحقيق الشاباك معهم، منذ بداية الحرب على غزة، بينهم مدير مستشفى الولادة في بيت لاهيا شماليّ قطاع غزة، الطبيب إياد الرنتيسي.
وتبين بحسب الصحيفة العبرية، في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، من التحقيق في استشهد الرنتيسي وجود آثار تعذيب على جسده، لكن سلطات الاحتلال زعمت أن سبب الوفاة كان نوبة قلبية، بينما أظهر التحقيق الاشتباه بأن التعذيب أسهم باستشهاده. وتُقلت نتائج التحقيق إلى وحدات التحقيقات ضد السجانين في الشرطة، إثر تعالي شبهات ضد جهات في مصلحة السجون.
واستشهد الطبيب الرنتيسي الذي كان محتجزا في سجن عسقلان بعد ستة أيام من اعتقاله، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، ولم تبلغ سلطات الاحتلال الإسرائيلي عائلته باستشهاده، وعلمت العائلة بالأمر بعد تقرير نشرته الصحيفة، في حزيران/يونيو الماضي.
وأضافت الصحيفة أن الشاباك ووحدة التحقيقات مع عناصر الشاباك رفضا القول ما إذا كان الشهداء الثلاثة الآخرين من قطاع غزة أو من الضفة الغربية، وفي أي سجون استشهدوا، رغم أنه في ردهما تطرقا فقط إلى استشهاد معتقلين اعتقلوا "خلال المناورة البرية" في قطاع غزة.
وتوصف تحقيقات وحدة التحقيقات مع عناصر الشاباك بأنها "استيضاح" يُكتب تقرير في نهايته، وهي ليست مخولة بإجراء تحقيق جنائي، وفي حال أثار "الاستيضاح" شبهات جنائية، يتم تحويل الملف إلى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة ("ماحاش").
وجاء في رد مصلحة السجون بموجب طلب حرية المعلومات قدمته الصحيفة، أنه 11 معتقلا وأسيرا فلسطينيا استشهدوا في الفترة بين 7 أكتوبر من العام الماضي وتموز/يوليو الماضي، وأنهم استشهدوا في معتقل الجلمة وسجن عسقلان، حيث يتواجد جناحا التحقيق التابعان للشاباك. وتبين أن تاريخ استشهادهم لا يتلاءم مع التاريخ الذي قيل لوسائل الإعلام الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة إلى، أن الشاباك لا يعلن عن استشهاد معتقلين محتجزين لديه، ومنذ بداية الحرب على غزة بقي استشهاد معتقلين من غزة في السجون أو المعتقلات الإسرائيلية تحت التعتيم. وفي بعض الحالات تعلن مصلحة السجون عن استشهاد أسرى في سجونها، لكن منذ عدة أشهر اتبعت مصلحة السجون سردية مفادها أن استشهاد أسرى في سجونها لم يخضعوا لمسؤوليتها، وإنما لمسؤولية الجيش الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تدعي مصلحة السجون أن قسما من المعتقلين من قطاع غزة الذين نقلوا من سجن "سديه تيمان"، قرب بئر السبع، إلى سجن "عوفر" قرب رام الله في الضفة الغربية، أن هذا السجن يخضع لمسؤولية الجيش الإسرائيلي، بينما يدعي الجيش الإسرائيلي أن مصلحة السجون هي المسؤولة عن هذا السجن.
واعتقل الرنتيسي في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عند حاجز للجيش الإسرائيلي أثناء نزوحه مع أسرته من شمال قطاع غزة إلى المناطق الجنوبية منها، لتفقد أسرته أي نبأ عن مصيره حتى تاريخ 19 يونيو/ حزيران الجاري.
ففي ذلك التاريخ، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الخاصة أن الطبيب الرنتيسي، الذي كان مديرا لمستشفى نسائي في مدينة بيت لاهيا بقطاع غزة، توفي في مركز تحقيق تابع لجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" في مدينة عسقلان جنوبي إسرائيل، بعد أسبوع من اعتقاله.
** تفاصيل يوم الاعتقال
تقول رندا زوجة الطبيب الرنتيسي لمراسل الأناضول، إن زوجها اُعتقل في 10 نوفمبر الماضي على يد قوة للجيش الإسرائيلي متمركزة على حاجز عسكري بمحور نتساريم، الذي يفصل شمال غزة عن جنوبه، وزعمت تل أبيب آنذاك أنه ممر آمن.
وتضيف الزوجة المكلومة راوية تفاصيل هذا اليوم الصعب بالنسبة لعائلتها: "توجهنا في ذلك التاريخ إلى الممر الآمن المزعوم للنزوح إلى المناطق الجنوبية، بناء على أوامر الجيش للمتواجدين شمال قطاع غزة".
وتتابع: "كان زوجي حينها على رأس عمله بمستشفى (أصدقاء المريض) في مدينة غزة يجري عملية جراحية لإحدى السيدات، وعندما انتهى منها رافق العائلة (الزوجة وأبنائه الثلاث ووالدته وشقيقته) في رحلة النزوح، ولم يسعفه الوقت لتبديل ملابس عمله (زي الأطباء الأخضر) التي كان تحوي بقعا من دماء الجرحى".
وتستطرد: "أثناء مرور العائلة ضمن أعداد أخرى من النازحين عبر الحاجز العسكري بمحور نتساريم، الواقع على شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة، أمر الجيش الإسرائيلي النازحين بالنظر إلى الأمام وعدم الالتفات، قبل أن يأمرهم بالتوقف عن السير، ليبدأ في عملية تصويرهم والتدقيق في هوياتهم".
وتواصل: "فجأة أمر الجنود الطبيب الرنتيسي بالتوجه إلى النقطة العسكرية بالحاجز، وحين وصل إلى هناك أجبروه على الجلوس على ركبتيه، فيما تلقى الجميع أوامر باستئناف السير مرة أخرى".
وتشير إلى أنهم بعد أن عبروا من الحاجز سمعوا أصواتا لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي على نازحين، فيما هرعت سيارات إسعاف إلى المكان، ونقلت العديد من الشهداء والجرحى إلى مستشفى "شهداء الأقصى" شرق مدينة دير البلح، وسط القطاع.