فلسطين أون لاين

طحين مغمِّس بالدَّم.. رجال دفعوا حياتهم لإطعام أبنائهم

...
طحين مغمِّس بالدَّم.. رجال دفعوا حياتهم لإطعام أبنائهم
خان يونس/ محمد سليمان:

لم يجد ابن "خربة العدس" شمال مدينة رفح جنوب قطاع غزة، محمد النحال، أي خيار له إلا العودة لمنزله من مكان نزوحه بمنطقة المواصي في خان يونس، للحصول على كيس طحين لإطعام أطفاله الذين يتضرعون جوعًا منذ أيام طويلة.

وصل النحال إلى منزله ونجح في الحصول على كيس الدقيق من داخل مطبخه المدمر، وفي طريق خروجه تعرض إلى غارة من قبل طائرة تابعة لجيش الاحتلال، أصيب خلالها بشظايا في مختلف أنحاء جسده واستشهد عدد من أقاربه وجيرانه.

وارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، مجزرة جديدة بحق المواطنين الباحثين عن الطحين ليسدوا جوعهم في شمال مدينة رفح، حيث قامت طائرات الاحتلال بقصف مجموعة من المواطنين كانوا يتواجدون أمام أحد المحال التجارية للحصول على كيس طحين في "خربة العدس، ما أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء والجرحى.

يقول النحال في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "منذ اللحظة الأولى لخروجي من المواصي ووصولي إلى رفح لم ارفعي رأسي عن السماء واتابع طائرات الاستطلاعي وأقول في نفسي الآن سيقسط صاروخ فوق رأسي وسيقتلوني، ولكن ذهبت مجبرًا إلى خربة العدس".

يضيف النحال: "منذ أكثر من شهر نفذ الدقيق لدينا، والأسعار جنونية، ويباع الكيلو الواحد من الدقيق بـ30 شيكل، والمعكرونة بـ17 شيكل التي كانت بـ2 شيكل، والأرز بـ30 شيكل، وكلها بدائل لا يمكن الاعتماد عليها بدل الطحين".

يصف النحال لحظة وصوله إلى رفح بأنها الأصعب في حيتها حيث صوت طائرات الاستطلاع المخيف، وإطلاق النار لا يتوقف مع التفجيرات، ورغم ذلك يوجد المئات من الناس الذين يتوجهون لمنازلهم من أجل الحصول على الدقيق.

شرق "خربة العدس" وصل محمد المصري إلى منزله قادمًا من خان يونس، من أجل العودة ببعض الدقيق لأشقائه الجوعى في خيمة نزوحهم.

يقول المصري لـ"فلسطين أون لاين": "خلال طريق العودة من الخربة تفاجأنا بقصف إسرائيلي علينا، وسقط العشرات من الشهداء والجرحى، واختلط الدقيق بالدماء، ونجوت أنا بأعجوبة وعدت إلى خان يونس بقليل من الطحين".

يضيف المصري: "عشت ساعات رعب في رفح، تحت أصوت المسيرات، وقذائف المدفعية لجيش الاحتلال، وصوت الدبابات التي كانت تقترب وتبتعد منا، ولكن كنت مجبرًا لها، فالجوع قاتل ولابد لهذا المشوار أن يتم".

عاد المصري إلى خان يونس، ولكنه أخذ على نفسه عهدًا بعدم العودة إلى رفح مرة أخرى إلا بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي منها بشكل كامل، أو الإعلان عن انتهاء الحرب.

في حي الجنينة، وصول أيضا أحمد الهسي إلى منزله، وحصل على بعد الدقيق، ولكنه عاد بحالة نفسية صعبة بسبب ما راه من شهداء ودماء.

يقول الهسي في حديثه لـ"فلسطين أون لاين": "في طريق العودة شاهدت عشرات الشهداء، ومشيت من جانبهم ولم استطيع الوقوف لدقيقة واحدة لإنقاذ أحد بسبب كثافة القصف".

ويوضح أن الاحتلال ارتكب مجزرة بحق الجوعى الذين حاولوا الوصول إلى منازلهم من أجل أخذ بعض الطحين لعائلاتهم النازحة.

ودخلت حرب "الإبادة الجماعيّة" التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة يومها الـ 430 تواليًا، مرتكبًا كافة أساليب القتل والتدمير والتهجير، ومخلفًا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين. ولليوم الـ 48 على التوالي، ما يزال الدفاع المدني معطلا قسرا في كافة مناطق شمال قطاع غزة بفعل الاستهداف والعدوان "الإسرائيلي" المستمر، وبات آلاف المواطنين هناك بدون رعاية إنسانية وطبية. وارتفعت حصيلة العدوان العسكري الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، إلى 44 ألفًا و708 شهداء، بالإضافة لـ 106 آلاف و050 مصابًا، منذ الـ 7 من أكتوبر 2023، وفقاً لتقرير وزارة الصحة أمس الأحد.