دعا النائب البريطاني المستقل أيوب خان بريطانيا إلى "وقف كل الأنشطة مع الحكومة الإسرائيلية"، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية من رحلات المراقبة فوق غزة ، بعد صدور مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي .
وفي مقابلة مع موقع ميدل إيست آي، قال عضو البرلمان عن برمنغهام بيري بار، وهو محام وعضو في مجموعة التحالف المستقل المكونة من خمسة أعضاء في البرلمان، إن مذكرات التوقيف تجعل إنكار الحكومة لارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة أمرًا غير مقبول.
وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء كير ستارمر لخان في البرلمان إنه "يدرك جيدًا تعريف الإبادة الجماعية"، مضيفًا أن هذا هو السبب في أنه لم يصف أبدًا تصرفات إسرائيل في غزة على هذا النحو.
وقال خان لموقع "ميدل إيست آي" إن "إثبات النية أمر بالغ الأهمية" عند تحديد الإبادة الجماعية.
وقال "الحجة الوحيدة التي كان بإمكان رئيس الوزراء ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي طرحها لإثبات أن هذا ليس إبادة جماعية تتعلق بالنية. وبصفتي ممارسًا جنائيًا، يمكنني أن أخبرك بذلك".
وأضاف "لقد حصلنا على ما نريد. إن عمليات القتل وتدمير الجامعات والمرافق الطبية والبنية الأساسية في غزة أمر لا جدال فيه. ولكن كل ذلك تم باسم الدفاع عن النفس".
وقال النائب إن مذكرات التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، تتحدى حجة الدفاع عن النفس بدرجة غير مسبوقة.
وتابع، "يجب أن تكون هناك قضية أولية لإثبات وجود نية، وهذا ما أدى الآن إلى إصدار أعلى محكمة في العالم أمرًا بالاعتقالات"
لكن حكومة حزب العمال رفضت القول ما إذا كان سيتم اعتقال نتنياهو إذا وطأت قدماه الأراضي البريطانية.
وقال خان "إن العتبة التي تسمح للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر الاعتقال هذه مرتفعة بشكل كبير. نحن نتحدث عن زعماء دولة ديمقراطية".
وأضاف "لذا يجب أن تكون هناك قضية أولية تظهر وجود نية، وهذا ما أدى الآن إلى أن تأمر أعلى محكمة في العالم بإجراء الاعتقالات".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية لموقع "ميدل إيست آي": "نحن نحترم استقلال المحكمة الجنائية الدولية، وهي المؤسسة الدولية الأساسية للتحقيق في أخطر الجرائم التي تثير القلق الدولي وملاحقة مرتكبيها.
إنكار ستارمر للإبادة الجماعية
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، سأل النواب الخمسة ستارمر عما تفعله بريطانيا للامتثال لالتزاماتها بمنع الإبادة الجماعية.
وكتبوا أيضًا إلى المدعي العام البريطاني ريتشارد هيرمر، يسألونه عما إذا كان قد قدم لرئيس الوزراء المشورة القانونية بشأن هذه القضية.
وقال خان إن إنكار ستارمر لارتكاب إسرائيل إبادة جماعية "غير صادق"، لأنه في عام 2014 زعم بصفته محاميا في مجال حقوق الإنسان في محكمة العدل الدولية أن صربيا ارتكبت إبادة جماعية ضد كرواتيا.
بلغ إجمالي عدد القتلى في الصراع بين صربيا وكرواتيا في الفترة من 1991 إلى 1995 عشرين ألف شخص، أغلبهم من الكروات. كما قتلت إسرائيل أكثر من 44 ألف فلسطيني في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وقال خان "يمكن بسهولة تطبيق كل جانب من جوانب حجج ستارمر في هذه القضية على غزة. إن أوجه التشابه واضحة للغاية لدرجة أن نفي رئيس الوزراء كان مزعجًا على أقل تقدير".
قطع العلاقات مع "إسرائيل"
وقال العديد من الخبراء لموقع ميدل إيست آي، إن المملكة المتحدة ملزمة قانونًا بتنفيذ أوامر الاعتقال ويجب عليها اعتقال نتنياهو وجالانت إذا وطأت قدماهما الأراضي البريطانية. وقالت فرنسا وهولندا إنهما ستنفذان أوامر الاعتقال.
وقال خان إن الحكومة يجب أن تذهب أبعد من ذلك وتتوقف "كل الأنشطة مع الحكومة الإسرائيلية".
وأضاف "يجب أن نلتزم بالرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز الماضي، والذي يقول إن على الدول أن تفعل كل ما في وسعها لعدم إعطاء غطاء دبلوماسي للحكومة الإسرائيلية".
ولم تكشف وزارة الدفاع رسميا عن أي تفاصيل حول الرحلات الجوية، لكنها قالت إنها تركز فقط على جمع المعلومات الاستخباراتية للمساعدة في تأمين إطلاق سراح الأسرى، بما في ذلك الرعايا البريطانيين، الذين تم القبض عليهم في 7 أكتوبر 2023.
وقالت ناليدي باندور، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا السابقة، في وقت سابق من هذا الشهر إن هذه الرحلات "تواطؤ مع ما وصف بأنه جريمة ضد الإنسانية".
وقال خان لموقع "ميدل إيست آي" إن بريطانيا لا ينبغي أن تشارك المعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها من رحلات المراقبة هذه مع إسرائيل، خاصة في ضوء مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية.
وقال "لا ينبغي لنا أن نقدم أي مساعدة، بما في ذلك من خلال طائرات التجسس". وطلب موقع ميدل إيست آي التعليق من وزارة الخارجية.
وقال النائب، إنه من السخافة أن تستمر الحكومة في تصديق كلام الحكومة الإسرائيلية، خاصة وأنها رفضت السماح للمراقبين المستقلين والصحفيين الأجانب بدخول غزة.
وفي وقت سابق، كشفت تقارير عن وجود نية لدى الحكومة البريطانية، لاستخدام المعلومات التي جمعتها طائرات التجسس التابعة للقوات الجوية الملكية البريطانية كأدلة ضد "إسرائيل" لدى محكمة الجنائية الدولية.
وأوضحت صحيفة "إندبندنت"، عن مسؤول عسكري بريطاني أن البيانات التي تُجمع يمكن معالجتها على متن الطائرة أو نقلها عبر الأقمار الاصطناعية لتحليلها لاحقًا.
وتقول "إندبندنت"، إن هنالك تقارير مؤكدة بأن ما تجمعه طائرة التجسس من نوع "شادو آر1"، في رحلات استكشافية شبه يومية فوق قطاع غزة منذ بدء العدوان، ستطلبة محكمة الجنائية الدولية من الحكومة البريطانية كأدلة لإدانة العدوان الإسرائيلي على المدنيين في غزة.
وبينت الصحيفة البريطانية، أن هذه الطائرات تركز على جمع المعلومات الاستخباراتية والصور الجوية، وتتميز بقدرتها العالية على مسح المناطق بدقة، حيث تستخدم أجهزة استشعار متطورة لمراقبة الحركات في الشوارع والمباني السكنية.
وفي وقت سابق، كشفت وزارة الدفاع البريطانية أن المعلومات الاستخبارية التي جمعتها طائرات الاستطلاع التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني خلال عملية استطلاعها فوق قطاع غزة قد تستخدم كأدلة ضد "إسرائيل" في المحكمة الجنائية الدولية، في حال طلبت المحكمة ذلك رسميًا.
وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن الوزارة أوضحت في بيانها أن مقاطع الفيديو أو الصور التي تم الحصول عليها دون قصد، والتي قد تظهر جرائم حرب مشتبها بها، يمكن أن تُسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا تم تقديم طلب رسمي بذلك.
وأفاد بيان وزارة الدفاع، بأن الطائرات غير المسلحة تنفذ مهام استطلاع شبه يومية فوق قطاع غزة، بهدف مساعدة إسرائيل في تحديد مواقع الأسرى الموجودين في القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقال مصدر في وزارة الدفاع البريطانية لقناة الجزيرة، إن الحكومة البريطانية ستنظر في أي طلب رسمي من الجنائية الدولية لتقديم معلومات تتعلق بالتحقيقات في جرائم الحرب، وذلك في إطار التزاماتها الدولية.
وفي وقت سابق، كشفت تقارير بريطانية أنّ حكومة حزب العمال البريطانية أمرت بتسيير 100 رحلة تجسسية فوق قطاع غزة لمساعدة الاستخبارات الإسرائيلية، بحسب ما أفاد موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني المختص في التحقيق بأنشطة وكالات الاستخبارات والجيش البريطاني وتأثيرها على حقوق الإنسان.
فيما كشف موقع دي كلاسيفيد البريطاني المتخصص بالصحافة الاستقصائية، أن المملكة المتحدة تُخفي أدلة ولقطاتٍ جوية على جرائم ترتكبتها "إسرائيل" في قطاع غزة، لكنها ترفض نشره خشية المطالبة به كدليل في المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح "دي كلاسيفيد" في تقريره الجديد، أن وزارة الدفاع البريطانية تحتفظ بصور كاميرات مراقبة في غزة تعود لليوم الذي قتلت فيه إسرائيل 7 من عمال الإغاثة الدوليين، لكنها ترفض نشر الشريط.
تم التقاط اللقطات بواسطة طائرة مراقبة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، والتي قضت حوالي 5 ساعات فوق غزة في ذلك اليوم. ويبدو أنها عادت إلى قاعدتها في قبرص قبل دقائق من شن الغارات الجوية، وفق ما ذكر الموقع البريطاني.
وربما يكون سلاح الجو الملكي قد جمع لقطات للأحداث التي أدت إلى المأساة، وهو ما قد يوفر مزيداً من الوضوح بشأن مزاعم إسرائيل بأن "مسلحين من حماس" شوهدوا بالقرب من القافلة.
ومن بين القتلى في قافلة المطبخ المركزي العالمي في الأول من أبريل/نيسان الماضي 3 من قدامى المحاربين البريطانيين وهم جون تشابمان، وجيمس كيربي، وجيمس هندرسون.
وكان خوسيه أندريس، مؤسس المطبخ المركزي العالمي، انتقد التحقيق الذي أجرته إسرائيل في الحادث، والذي أدى إلى فصل ضابطين كبيرين بسبب ما اعتبر "خطأ جسيماً".
وقال أندريس لشبكة إيه بي سي: "يجب أن يكون التحقيق أعمق بكثير… نحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات. إننا بحاجة إلى رؤية مقاطع فيديو ذات جودة أفضل".
والآن برزت بريطانيا كمصدر غير متوقع لمثل هذه اللقطات، حيث أرسلت أكثر من 200 رحلة تجسس فوق غزة بهدف مساعدة "إسرائيل" في تحديد مكان الأسرى المحتجزين لدى حماس.
فيما أكدت القوات المسلحة البريطانية في ردها على موقع دي كلاسيفيد بموجب قانون حرية المعلومات وجود لقطات فيديو مراقبة لغزة تم التقاطها في الأول من أبريل/نيسان عن طريق طائرة التجسس Shadow R1.
لكن وزارة الدفاع تزعم أنها غير مخولة بالكشف عن الشريط لأسباب أمنية، وألمحت إلى أن محتوياته قد تكون مرتبطة بالقوات الخاصة البريطانية أو جهاز الاستخبارات البريطاني.
وأظهرت بيانات تتبع الرحلة أن طائرة التجسس انطلقت من قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي يوم 1 أبريل/نيسان وهبطت في الساعة 10:49 مساء.
وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك أن قافلة عمال الإغاثة غادرت رصيفاً إنسانياً في غزة في الساعة العاشرة مساءً، حيث زُعم أن "مشتبه بهم مسلحين" صعدوا إلى المركبات في الساعة 10:28 مساءً.
وتم تنفيذ ثلاث ضربات بطائرات بدون طيار بفارق أربع دقائق، في الساعة 11:09 مساءً، و11:11 مساءً، و11:13 مساءً.
وبدأت أنباء الغارات الجوية على عمال الإغاثة في الظهور على قنوات التواصل الاجتماعي الفلسطينية قبل ذلك بقليل، حوالي الساعة 10:30 مساء، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية .
وتبلغ مدة الرحلة بين أكروتيري وغزة نحو 30 دقيقة، مما يشير إلى أن طائرة المراقبة البريطانية كانت عائدة إلى قاعدتها فوق شرق البحر الأبيض المتوسط عندما وقع الهجوم، أو كانت قد هبطت للتو.
وقد تكون طائرة التجسس قد قامت بتسجيل لقطات لحركة قافلة المساعدات على طول ساحل غزة قبل وقت قصير من استهداف المركبات بشكل منهجي من قبل طائرات بدون طيار إسرائيلية.
ونقل موقع دي كلاسيفيد عن نيل هندرسون والد جيمس هندرسون، قوله: "لا ينبغي إخفاء هذه اللقطات عن عائلتنا. يجب على الحكومة البريطانية أن تكشف بشكل عاجل عن أي دليل لديها قد يلقي الضوء على سبب استهداف جيمس خطأً من قبل إسرائيل".
وقال فورز خان محامي عائلة هندرسون، إنه "يكتب إلى حكومة حزب العمال الجديدة للمطالبة بإجابات حول ما إذا كانت المساعدات العسكرية والاستخباراتية البريطانية لإسرائيل قد استخدمت في الهجمات على مواطنين بريطانيين في غزة".
وكانت منظمة المطبخ المركزي العالمي أعلنت في الثاني من أبريل/نيسان تعليق عملها بشكل مؤقت في قطاع غزة بعد يوم واحد من مقتل 7 من أعضاء فريقها إثر غارة إسرائيلية، مضيفة أن الفريق كان يتحرك بسيارتين عليهما شعار المنظمة، وتم استهدافهم رغم تنسيق تحركاته مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
كما أشارت المنظمة إلى أن القافلة تعرضت للقصف أثناء مغادرتها مستودعاً في دير البلح، حيث قام الفريق بتفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية التي تم جلبها إلى غزة عبر الطريق البحري.
وعلى الرغم من أن إدارة ستارمر علقت 30 ترخيصاً لتصدير الأسلحة لإسرائيل الشهر الماضي، بسبب "خطر واضح" من أن الأسلحة قد تُستخدم في "انتهاك خطير" للقانون الدولي، فإن رحلات التجسس فوق غزة، التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2023 في عهد حكومة حزب المحافظين السابقة، استمرت بوتيرة سريعة.
وخلال الشهر الأول الكامل لحزب العمال في منصبه في أغسطس/آب، نفذ سلاح الجو الملكي البريطاني 42 رحلة فوق الأراضي الفلسطينية المدمرة.
وذكر الموقع، فإنّ متوسط ما سمح به رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر من رحلاتٍ تجسّسية، "يُعادل أكثر من رحلة واحدة يومياً منذ تولّيه منصب رئيس الوزراء في 5 تموز/يوليو الماضي".
وعلى الرغم من رفض وزارة الدفاع إعطاء تفاصيل، وجد موقع "ديكلاسيفياد"، بشكل مستقل، أنّ الرحلات المغادرة من أكروتيري - القاعدة الجوية البريطانية الموجودة في قبرص - تحلّق فوق غزة تحت إشراف ستارمر.
والطائرة التي استخدمت في المهام هي "شادو أر1" والمعروفة في مجال التجسس والرقابة والحصول على الأهداف والاستطلاع. ويتم تشغيلها بواسطة السرب رقم 14 لسلاح الجو البريطاني والذي يتمركز في قاعدة وادينغتون بلينكولنشاير، شرقي إنكلترا.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، سأل النائب عن الحزب الديمقراطي الليبرالي مايك مارتن، وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني خدم في أفغانستان، الجيش عما إذا كان “تم تمرير معلومات استخباراتية إلى إسرائيل لأغراض الاستهداف العسكري”.
ولا يقتصر الدعم الاستخباراتي البريطاني لإسرائيل على المهام الجوية، فقد كشف مسؤول إسرائيلي لصحيفة "نيويورك تايمز" عن وجود فريق تجسس بريطاني سري تم إرساله إلى "إسرائيل" في وقت مبكر من هجومها على غزة. وقال إن الفريق البريطاني يعطي “قيمة إضافية” لعملياته الاستخباراتية وإن بريطانيا تقدم معلومات استخباراتية “لا تستطيع إسرائيل جمعها بمفردها”.
وفي مناقشة جرت بعد وقت قصير من هذا الإعلان، سأل خمسة نواب وزير الدفاع المحافظ غرانت شابس عما إذا كان سيشارك النواب بلقطات من الرحلات الجوية مع المحكمة الجنائية الدولية، إذا أظهرت أدلة على جرائم حرب، ففي كل مرة كان يعطي إجابة مراوغة.