كشفت تقارير صحفية، اليوم الأحد، عن توجه جديد لدى جامعات أمريكية وكندية لمواجهة وقمع الحراك الطلابي المؤيد للفلسطينيين
وأوضحت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن الجامعات لجأت إلى شركات أمنية إسرائيلية أو ذات ارتباط بإسرائيل لقمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي.
وذلك، في أعقاب وعد دونالد ترامب بعد أن انتخب رئيسا للولايات المتحدة، بفرض عقوبات على المؤسسات الأكاديمية التي لا تواجه "المتطرفين الفوضويين وداعمي حماس".
وقال التقرير الذي أعدّه مراسل الصحيفة في نيويورك دانييل أديلسون إن من بين الجامعات التي شهدت هذا التحول برزت جامعة مدينة نيويورك، فقد كانت واحدة من البؤر الساخنة للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، خاصة في العام الماضي.
ففي خطوة مثيرة للجدل، وقعت الجامعة عقدا مع شركة أمنية إسرائيلية تُدعى "الأمن الإستراتيجي" بقيمة 4 ملايين دولار.
ويقول التقرير إن هذه الشركة أُسّست على يد جوزيف سوردي، وهو ضابط شرطة نيويورك السابق وخريج الموساد الإسرائيلي، وتصف الشركة نفسها بأنها متخصصة في التعامل مع الأزمات الأمنية في البيئات الأكاديمية، ويشمل عملها تدريبا مهنيا مكثفا في إسرائيل.
وشبّه المسؤولون في الشركة الوضع في الحرم الجامعي "بالموجة المتزايدة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين تسللوا إلى الحرم الجامعي بمساعدة دعاة ذوي خبرة استخدموا تكتيكات حرب العصابات لإثارة العنف والفوضى". وذكرت الشركة أن لديها القدرة على مراقبة التهديدات الأمنية وتحديدها باستخدام منصات استخباراتية متطورة، وهو ما يضمن تحقيق أقصى درجات السيطرة على الأوضاع.
وأشار المراسل إلى أن المواجهات بين الطلاب وقوات الأمن في أبريل/نيسان الماضي أسفرت عن إصابة عدد من الطلاب وتوقيف أكثر من 170 شخصًا، حيث تم استخدام رش الفلفل بشكل واسع لتفريق المتظاهرين، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لدى الطلاب الذين رأوا أن هذا الأسلوب يتعارض مع قيم الجامعات الأكاديمية.
وفي كندا، حيث لا تختلف الأوضاع كثيرًا، كانت جامعة كونكورديا في مونتريال واحدة من الجامعات التي قررت الاستعانة بشركات أمنية إسرائيلية للتعامل مع الاحتجاجات.
وتعاقدت الجامعة مع شركتين أمنيتين إسرائيليتين؛ الأولى هي شركة "برسيبتيج إنترناشيونال" بقيادة آدم كوهين الضابط السابق في المحكمة المركزية بالقدس، والثانية هي شركة "موشاف للاستشارات الأمنية" التي يديرها إيال فيلدمان الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي.
تجدر الإشارة إلى أن بعض الطلاب في مونتريال كانوا قد خرجوا في احتجاجات على قرار الجامعة، مؤكدين أن التعاون مع شركات أمنية على صلة مباشرة بإسرائيل يعزز التوترات في الحرم الجامعي، وطالب الطلاب بإلغاء هذه التعاقدات ووقف أي استثمار إسرائيلي في الحرم الجامعي.
ومن جانب آخر، ففي جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، تزايدت الاحتجاجات التي طالبت بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل. وكان لهذه الاحتجاجات تأثير كبير في دفع الجامعة إلى التعاقد مع شركات أمنية إسرائيلية، منها شركة "ماغن عام" التي تضم عناصر لديها خلفيات عسكرية إسرائيلية. وأدى تورط هذه الشركات إلى اشتباكات عنيفة بين الطلاب وحراس الأمن. وقد اعترفت الجامعة بالتعاون مع الشرطة المحلية وهذه الشركات، فتم تخصيص مليون دولار لتغطية تكاليف الأمن في حرم الجامعة.
تداعيات وانتقادات
هذه التدخلات الأمنية أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط الطلابية والسياسية، ويرى المحتجون أن هذه الإجراءات تزيد من تفاقم التوترات السياسية في الحرم الجامعي وتزيد من الشعور بالعزلة بين الطلاب والمؤسسات الأكاديمية. وفي جامعة كونكورديا على سبيل المثال، ادّعى الطلاب أن وجود شركات أمنية إسرائيلية يعزز الاحتقان ويقوّض ثقة المجتمع الأكاديمي بالجامعة.
في هذا السياق، دعت بعض المنظمات الطلابية إلى مقاطعة الشركات الأمنية التي لها صلات بإسرائيل، وطالبت الجامعات بإلغاء التعاقدات معها فورًا. ومن جانبها، دافعت الجامعات عن مواقفها قائلة إن قراراتها كانت تهدف إلى ضمان سلامة الحرم الجامعي، وإنها ليست لها علاقة بتأييد أي طرف سياسي.
يشير هذا الاتجاه إلى تطور جديد في ممارسات الأمن في الجامعات الأميركية والكندية، حيث اللجوء المتزايد إلى شركات أمنية إسرائيلية ذات خبرة في التعامل مع الأزمات الأمنية. ومع أن هذه الشركات تعد بأن تقنياتها الأمنية ستساعد في الحد من العنف، إلا أن الانتقادات التي تواجهها تشير إلى أن استخدام هذه الشركات يسهم في تأجيج التوترات السياسية داخل الجامعات.