كشف المؤرخ "الإسرائيلي" والضابط السابق في جيش الاحتلال، لي مردخاي عن توثيقه "كمًّا هائلًا من الأدلة" تثبت ارتكاب الاحتلال "الإسرائيلي" إبادة جماعيَّة ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة.
واستند مردخاي في دراسته المؤلفة من 124 صفحة، التي جاءت تحت عنوان "الشهادة على حرب إسرائيل وغزة" إلى آلاف المراجع التي تدعم التقييم الذي خلص إليه. تتضمن تقارير شهود العيان، ولقطات الفيديو، وصورًا فوتوغرافية ومواد تحقيقية، ومقالات.
وبدأ مردخاي دراسته معرفًا بنفسه في مقدمة دراسته قال "أنا لي مردخاي مؤرخ محترف ومواطن "إسرائيلي"، أشهد بهذه الوثيقة على الوضع في غزة مع تطور الأحداث، والكم الهائل من الأدلة التي رأيتها، كانت كافية بالنسبة لي للاعتقاد بأن "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة".
وردًّا على التبريرات التي تسوق لها "إسرائيل" بشأن حرب الإبادة، قال "إن الرد الإسرائيلي على عملية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 غير متناسب وإجرامي تماما". مؤكدًا وجود "أدلة كافية على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي شنتها "إسرائيل" طوال الحرب، فضلا عن العديد من الأمثلة على المذابح وعمليات القتل الأخرى".
ويقول مردخاي في دراسته "إن إسرائيل أحدثت المجاعة في غزة كسياسة فعلية واستخدمتها كسلاح حرب، مما أدى إلى استشهاد عشرات المدنيين معظمهم من الأطفال بسبب الجوع".
وأضاف "تسببت إسرائيل أيضًا بنقص في المياه والأدوية والكهرباء. كما فككت النظام الصحي والبنية التحتية المدنية في غزة، ونتيجة لذلك، يموت مزيد من الناس من حالات قابلة للعلاج وإجراءات طبية صعبة مثل البتر والولادة القيصرية التي يتم إجراؤها بدون تخدير".
وشدد في دراسته على أن الوفيات الإجمالية في غزة غير معروفة، ولكنها بالتأكيد أعلى بكثير من حصيلة القتلى الرسمية.
وأضاف "قاد كبار المسؤولين "الإسرائيليين" حملة نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، ولا تزال الحملة مدعومة من قبل الحكومة والجيش. وتعمل على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين".
ويعتبر مردخاي أن الأدلة التي رآها وناقشها "تشير إلى أن أحد أهداف "إسرائيل" هو تطهير قطاع غزة عرقيًا، سواء جزئيًا أو كليًا، من خلال إبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين".
وقال "أدلى أعضاء رئيسيون بالحكومة الإسرائيلية بتصريحات تؤكد هذه النية، كما خططت العديد من الوزارات الإسرائيلية أو عملت على تسهيل مثل هذه الغاية، وأحيانا من خلال إقناع أو الضغط على دول أخرى".
وأضاف "قامت إسرائيل بالفعل بتطهير أجزاء كبيرة من قطاع غزة من خلال الهدم والتجريف، كما حاولت تدمير نسيج المجتمع الفلسطيني من خلال استهداف المؤسسات المدنية عمدا مثل الجامعات والمكتبات والأرشيفات والمباني الدينية والمواقع التاريخية والمزارع والمدارس والمقابر والمتاحف والأسواق".
يوم الخميس، أكدت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، أنّ "إسرائيل" ارتكبت ما لا يقل عن 3 من الأفعال الخمسة المحظورة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948".
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار، إن "ثمة إبادة جماعية ترتكب. لا شك في ذلك، لا يوجد شك واحد في أذهاننا بعد 6 أشهر من البحث المتعمق والمركز".
وأضافت "يثبت التقرير بوضوح أن إسرائيل ارتكبت أفعالا تحظرها اتفاقية منع الإبادة الجماعية، بقصد خاص ومحدد وهو تدمير الفلسطينيين في قطاع غزّة، وتشمل هذه الأفعال قتل الفلسطينيين في قطاع غزّة، وإلحاق أذى بدني أو نفسي بهم، وإخضاعهم عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرهم المادي، وعلى مدى شهور، ظلّت إسرائيل تعامل الفلسطينيين وكأنهم فئة دون البشر لا يستحقون حقوقا إنسانية ولا كرامة، وأظهرت أنَّ قصدها هو تدميرهم المادي".
وأضافت كالامار: "يجب أن تكون نتائجنا الدامغة بمثابة صيحة تنبيه للمجتمع الدولي: هذه إبادة جماعية، ولا بد أن تتوقف الآن". وتابعت: "يجب على الدول التي تواصل توريد الأسلحة لإسرائيل في هذا الوقت أن تدرك أنها تخل بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية، وأنها عرضة لأن تصبح متواطئة في الإبادة الجماعية، ويجب أن تتحرك فورا جميع الدول التي تمتلك نفوذا على إسرائيل، وخاصة أهم الدول التي تزود إسرائيل بالأسلحة مثل الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا، والدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
والأسبوع الماضي، اعترف وزير الحرب "الإسرائيلي" ورئيس الأركان الأسبق موشيه يعالون بارتكاب الاحتلال جرائم حرب وتطهير عرقي في شمال قطاع غزّة
وبحسب ما نقلته إذاعة "الجيش" عن يعلون قوله، إن (إسرائيل) تقوم بعمليات تطهير عرقي في شمال قطاع غزة.
وأثارت تصريحات يعالون موجة انتقادات شديدة في الأوساط السياسية والعسكرية "الإسرائيلية"، فقد وصف وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر تصريحاته بأنها "غير صحيحة وغير مسؤولة وتشهير بإسرائيل"، في حين اعتبر وزير الاتصالات شلومو كرعي أن مقارنة أنشطة الجيش "الإسرائيلي" بالتطهير العرقي "ليس كذبًا خطيرًا فحسب بل تجاوزا لكل الخطوط الحمر".