ما تزال حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" تواجه أزمات اقتصادية متفاقمة، وسط عجز واضح عن معالجة التدهور الحاصل في ظل الأداء السيئ لبيانات البورصة في "تل أبيب"، وتراجع كبرى الشركات، وارتفاع معدلات التخارج، إضافة إلى تقارير ميزان المدفوعات التي تعكس عجزاً متزايداً.
وتثير هذه التطورات مخاوف صناع القرار الاقتصادي في دولة الاحتلال، مع اهتزاز صورة الاقتصاد "الإسرائيلي" وتراجع الثقة به، وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا، الاستثمار، الصناعات العسكرية، والقطاع المالي.
ووفقاً لتقارير متعددة، يخشى الاحتلال من تراجع مكانتها لدى المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمفوضية الأوروبية، إلى جانب فقدان ثقة كبرى البنوك العالمية وشركات التصنيف الائتماني.
وأكد الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى، أن الاحتلال فقد مكانته الاقتصادية على الساحة العالمية، رغم تركيزه على الأعمال العسكرية في لبنان وغزة، موضحًا أن الاقتصاد المحلي يعاني بشدة، مشيراً إلى أن "رأس المال جبان يبحث عن الأمان والاستقرار، وإذا لم يجده يهرب، حتى لو كان محلياً".
وأضاف موسى أن المؤسسات الاقتصادية الدولية وشركات التصنيف العالمية تمتلك أدوات تحليل متقدمة وبيانات دقيقة، مما يجعل قراراتها مبنية على معطيات مدروسة وليست مجرد صدفة أو أفعال عشوائية وبالتالي ما يصدر عنها يهتم به المستثمرون وكبرى الشركات حتى صناع القرار السياسي على المستوى الدولي.
وذكر موسى، أن المعطيات تبين أن اقتصاد الاحتلال يواجه تحديات غير مسبوقة بسبب الحرب المستمرة فقد تراجع النمو الاقتصادي إلى 2% في عام 2023، مع توقع انكماش إضافي في عام 2024.
وأضاف أن الخسائر الاقتصادية قدرت حتى الآن بحوالي 48 مليار دولار، تشمل تراجع الإنتاج، توقف السياحة، وتعطيل صادرات الغاز،إضافة إلى ذلك، ارتفعت تكاليف الحرب مع إقرار ميزانية إضافية بقيمة 8 مليارات دولار لتغطية النفقات العسكرية ودعم الأسر المتضررة.
وأشار إلى أن سوق العمل يعاني من غياب مئات الآلاف من جنود الاحتياط عن وظائفهم، مما أثر على معدلات الإنتاج والاستهلاك المحلي.
وفي السياق ذاته، أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. ثابت أبو الروس، أن الاقتصاد "الإسرائيلي" يعاني من ضربات كبيرة، خاصة مع التصعيد العسكري الأخير في لبنان، الذي أضر بالشركات الكبرى في الشمال، بما في ذلك شركات التكنولوجيا، المصانع، وقطاع الزراعة، الذي يعد من أبرز القطاعات المتفوقة في منطقة الشرق الأوسط.
وأشار أبو الروس إلى أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت نتيجة "الانقلاب القانوني"، الذي شمل توسيع حصانة أعضاء الكنيست، تعزيز صلاحيات الشرطة، تقويض استقلالية المستشارين القانونيين، والسماح لرئيس الوزراء بمزيد من الصلاحيات في التعيينات.
وبين أن هذه الأوضاع أدت إلى ثلاثة تخفيضات في التصنيف الائتماني للاقتصاد "الإسرائيلي" خلال الأشهر التسعة الماضية، وهو ما يحدث لأول مرة في تاريخ الاحتلال.
ونبَّه أبو الروس إلى أن حكومة الاحتلال ستواجه مع انتهاء الحرب ديوناً مرتفعة، وتعويضات كبيرة للمتضررين، بالإضافة إلى تسجيل خسائر ضخمة للشركات، وارتفاع أسعار الفائدة على القروض، وتخفيضات ضريبية، وزيادة في معدلات البطالة والفقر.
تشير التقديرات إلى احتمال إغلاق حوالي 60 ألف شركة مع نهاية عام 2024 بسبب نقص العمالة وانقطاعات في سلاسل التوريد لدى الاحتلال.