بينما حمل معظم سكان شمال قطاع غزة حقائبهم متجهين نحو الجنوب هربًا من القصف، اتخذ مؤمن السيد قرارًا شجاعًا بالبقاء متشبثًا بأرضه، مدفوعًا بحبّه لوطنه وإحساسه العميق بالمسؤولية تجاه مجتمعه من خلال مبادرات تطوعية يغيث فيها أهالي المنطقة في ظل ظروف الحرب البشعة التي يعيشوا فيها منذ أكثر من عام.
فبجهود فردية شكل السيد البالغ من العمر ٢٨ عاماً فريق شبابي خاص به باسم "معا نحو الحياة" وعكف على العمل به منذ تسعة أشهر، وتمكن من الوصول إلى كل بيت في شمال القطاع.
ويقول لموقع "فلسطين أون لاين": "فوالدي العظيم هو صاحب الفكرة الرائعة، وهو من نفخ روح التطوع الجميل بداخلي، ولأكون عوناً لأهلنا في الشمال والوقوف بجانبهم في ذلك الأوقات العصيبة".
فتمكن من تنفيذ العديد من المبادرات والتي سعى لتنوعها لتشمل كل شيء، كتوزيع حليب الأطفال والحفاضات الخاصة بهم، والملابس، وسقيا الماء، وتكيات الطعام، وتوزيع الأموال نقداً، وتوزيع الألعاب على الأطفال.
وبرفقة فريقه قام السيد بزيارة جميع مدارس شمال القطاع، وذبح أكثر من ١٠٠ خروف على عدة ايام، وتوزيع أكثر من ٥ طن حطب في الآونة الأخيرة، وزيارة أكثر من ٢٠٠ حالة مرضية مثل مرضى سرطان فقر الدم، والأطفال الرضع، وكذلك الأطفال الذين أصبحوا هياكل عظمية بسبب المجاعة وغيرهم، "وبقوة الله كل يوم عندي مبادرتين ل ٤ مبادرات".
ويوضح أنه قد واجهتهم العديد من العقبات كشُح المواد الغذائية، وعدم توفرها وغلاء أسعارها لأكثر من ١٠ أضعاف لكل صنف واحد، وارتفاع العمولة بشكل مرعب لتصل إلى ٣٠٪، وعدم وجود إمكانيات للتوصيل وإيصال المساعدة للعائلات لغلاء سعر السولار، مضيفاً: "إلى جانب الاحتياجات الكثيرة التي قد تصلني من المئات بل الآلاف من العائلات والحالات المهمشة التي لا ينظر لها أحد"..
ويتابع السيد حديثه: "قد فعلنا كل ما هو مستحيل من استقبال النازحين من منطقة جباليا وتوفير لهم الأغطية والوسائد والماء وتوفير ما يناسبهم ليبقيهم على قيد الحياة، وتوفير سلات غذائية فاخرة وأنواع لا يراها أحد منذ بداية الحرب مثل الجميد والنوتيلا والحلاوة بالمكسرات والأرز الفاخر والمربى الأصلي والكثير من المونة الغذائية القيمة".
وقد واجه الفريق العديد من المخاطر فنجا من الموت أكثر من ١٠ مرات بسبب قوة القصف في مناطق مختلفة من القطاع، ويرى أن في مثل تلك الأوقات تظهر أهمية التطوع لمساعدة الناس التي تفتقر كسرة خبز ورشفة ماء، والأطفال الذين فقدوا معيلهم وباتوا دون أب، وبذلك يغرس التضامن والحب والجود وإيصال فكرة إن كنتم إخوة فتقاسموا.
ويختم السيد حديثه: "رغم كل الصعوبات، أؤمن أن غزة ستنهض من جديد، وأنا سأظل هنا لأكون جزءًا من هذا النهوض".