قائمة الموقع

آلاء جاسر.. تحدّت الظروف ونجحت تحت ضغط "التمييز"

2017-10-22T06:57:14+03:00
آلاء جاسر (أرشيف)

أنهت الثانوية العامة بامتياز، وبقيت عامين كاملين دون أن تلتحق بصفوف الدراسة الجامعية، توقفت حياتها، وعانت من ضغوطات من العائلة والأقارب المرددين على مسمعها بين الحين والآخر: "خسارة عليكِ، السنوات بتمشي والعمر بمشي".. إلا أن ضيفتنا كافحت كل الصعوبات، حتى تمكنت بمثابرتها وعزيمتها من تحقيق الحلم الذي تريد.

ضيفة "فلسطين" هي الطبيبة الفلسطينية آلاء جاسر، قصّتها نموذجٌ لما يمكن أن تمرّ به فتاة في غزة ترغب بالدراسة في الخارج، من رد فعل المجتمع أولا، وبعده الحصار، ثم طبيعة الدولة التي تسافر إليها، فمثلا ضيفتنا توجهت إلى ألمانيا، ومن المعلوم أن العيش فيها صعب، والتمييز كبير.

مجرد التفكير مشكلة

تقول آلاء لـ"فلسطين": "منذ بداية دراستي في المرحلة الإعدادية، بدأت أرسم بمخيلتي حلمًا حول ما أرغب بالتخصص فيه، وكل ما خطر ببالي آنذاك هو إيجاد تخصص أتميز فيه، ووقع اختياري على الطب".

وتضيف: "المعدل العالي الذي حصلت عليه في الثانوية العامة زاد من إصراري على هدفي، ومن ثقتي بقدرتي على نيل ما أريد، وعلى أن أكمل دراستي في الخارج".

وتتابع: "التحضير للسفر لم يكن أمرا سهلا بالنسبة لي بل هو أصعب مرحلة واجهتها في حياتي".

بداية الصعوبات، كما سردتها ضيفتنا: "مجرد تفكير الفتاة بالدراسة في الخارج مشكلة، فمجتمعنا يرفض فكرة تغريب الفتاة وحدها".

واجهت "آلاء" قلقا وخوفا كبيرين من عائلتها، خاصة أنها ستتوجه إلى دولة أوروبية لا تشبه فلسطين في العادات والتقاليد، لكن هذا لم يثنِها عن حلمها.

قررت أن تسافر إلى ألمانيا، إلا أن الظروف لم تساعدها، فإجراءات الحصول على "فيزا" في غزة صعبه للغاية، ومكلفة ماديًا، تقول: "منذ تخرجي من الثانوية العامة واجهت صعوبات كثيرة، أولها اقناع أهلي بالسفر، فخوفهم عليّ كان دافعا قويا للرفض، ودائما كانوا يقولون لي: (ألمانيا بلد بعيد، وأنتِ بنت وحدك)، ونظروا للأمر من زاوية مخالفته للعادات والتقاليد".

تضيف: "كان الانتظار صعبا عليّ من الناحية النفسية، خاصة أن صديقاتي التحقن بالجامعات، وأنا ما زلت واقفة في مكاني، ولكن حاولت إقناعهم، فوالدي صاحب تجربة في الغربة، وبالنسبة له لم تكن الفكرة جديدة".

تقدّمت ضيفتنا بطلب الحصول على فيزا، فرُفضت، لكنها حصلت عليها في المرة الثانية، إلا أن الحصار المفروض على قطاع حال دون السفر، حتى انتهت صلاحية الفيزا، فلم تيأس واستصدرت أخرى.

بعد هذه المحاولات، كيف خرجت آلاء من القطاع؟ تجيب: "توجهتُ قبل نهاية صلاحية الفيزا الثالثة بأسبوع إلى مؤسسة حقوقية تعنى بتسهيل حرية الحركة للفلسطينيين، وحصلت على مساعدتها".

وبعد السفر أيضًا

لم تنتهِ الصعوبات بضيفتنا إلى هنا، بل رافقتها لما بعد مغادرتها غزة، فتعرضت في أثناء دراستها في ألمانيا للتمييز بعض المرات، بسبب ارتدائها الحجاب، وعن ذلك توضح: "متمسكة بالحجاب، لأني مسلمة، ولدي قناعة بأنه جزء من حياتي وعقيدتي، ولأوصل لمعارفي في الغرب رسالة مفادها أنني أرتديه عن قناعة، وليس بفعل الإجبار كما يظن الكثير منهم".

وعن تمييز من نوع آخر، تبيّن: "لامست تمييزا آخر في البحث عن وظيفة، فأغلب الجهات التي تقدمت بطلب العمل فيها رفضت طلبي بسبب حجابي، إلا أني وجدت العمل الذي قال لي مديري فيه إنه يجد فيّ إثراءً لفريق العمل الموجود في المستشفى، فنحن بتعاملنا وخبراتنا ونجاحتنا نتحكم بما يقوله الناس عنا".

رابط الإنسانية

تقول آلاء: "أتعامل في مهنة الطب بإنسانية، فأنا عربية مغتربة أعيش في مجتمع ألماني يربطني به رابط عميق، هو الإنسانية، التي تجمع كافة البشر".

وتضيف: "برلين متعددة الجنسيات, هنا الملامح العربية ليست غريبة على الناس، وكوني عربية لم أواجه مواقف بالرفض من المرضى لعلاجهم، ولكن بعض المرضى الكبار بالسن يكون لديهم نوع من الفضول وأستطيع الحديث إليهم بلغة قوية، فتظهر علامات الفخر والانبهار على ملامحهم إعجابا بنجاحي".

حلمها، ومعاناتها في السفر، ساعداها على شرح القضية الفلسطينية، وعلى الحديث، في ألمانيا، عن معاناة شعبها وممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب والمقدسات الإسلامية.

توضح: "عندما يعرف الآخرون جنسيتي، يسألونني عن الأوضاع في فلسطين، وما يقوّيني أني وجدت فلسطين معروفة بأن مجتمعها متعلم، ويشجّع على تعليم جميع المهن، ولا يستثني من ذلك النساء"، مؤكدة: "مجتمعنا بحاجة لنساء قويات، متعلمات، يكنّ جنبًا إلى جنب مع الرجال في العمل، وفي المقاومة".

وحول تحقيقها ما كانت تصبو إليه، تقول: "الإنسان يخطط لحياته, وأنا خططت ووصلت لجزء كبير مما أردت، فإضافة إلى تحقيقي حلمي بالدراسة تزوجت وأنجبت طفلًا، وباستطاعتي أن أقول أنني حققت 90% من طموحاتي، ولا يزال عندي ما أسعى للوصول إليه"، مضيفة: "قدوتي في الحياة كل إنسان طموح، ولديه عزيمة، قدوتي النجاح أينما كان".

اختتمت ضيفتنا حديثها بكلمة تحفيزية لجيل الشباب وخصوصا الفتيات: "تمسكوا بأهدافكم، ولا تسمحوا للعوائق بأن تحبطكم، طريقي لم تكن طريقها مفروشة بالورود، مررت بلحظات إحباط وفقرات صعبة، كالعيد الأول في الغربة، والحروب التي عاشتها غزة وأنا بعيدة عن أهلي، وعدم قدرتي علي زيارتهم وقتما أريد"، مؤكدة أن الغربة ليست مفتاحا للنجاح كما يظن البعض، فالنجاح مرهون بالإصرار لا بالمكان.

اخبار ذات صلة