قائمة الموقع

عفاف شريف.. استحقت اللقب عندما سَأَلت: "ولماذا لا أقرأ؟"

2017-10-22T06:48:52+03:00
عفاف الشريف (أرشيف)

سألها عضو لجنة التحكيم "لماذا تقرئين؟"، فباغتته بسؤال: "أنت تسألني لماذا أقرأ؟ وأنا أسالك لماذا لا أقرأ! أنا أقرأ كي لا أغدو جسدًا بلا عقل ولا روح، ويُقال: إن ليس كل ما يتعلمه المرء يكون في الكتب، وأنا أقول: الكاتب لم يجلس ليكتب إلا بعد أن وقف ليعيش ويكتب خلاصة ما تعلمه في هذه الحياة وما تعلمه العظماء، لقد تعلمت أن أكون تلميذة في مدرسة العظماء، وأن أكون متدربة في مدرسة الحياة، أي أن أطبق ما أقرأ".

سرعة بديهة الطالبة الفلسطينية عفاف شريف في الإجابة عن سؤال لجنة التحكيم، أدهشت اللجنة والحضور، فقابلوا كلماتها بتصفيق حار، ودفعهم ردّها القويّ للتصويت لها لتكون صاحبة لقب "بطل تحدي القراءة" على مستوى الوطن العربي للعام 2017.

بطلة القراءة، طالبة في الفرع العلمي في الثانوية العامة بمدرسة "بنات البيرة الثانوية"، ظفرت باللقب من بين أكثر من سبعة ملايين و400 ألف طالب وطالبة شاركوا في التحدي، من 41 ألف مدرسة، في 25 دولة عربية.

صديق الطفولة

تحدثت عفاف (17 عامًا) عن العوامل التي أسهمت في فوزها باللقب، فقالت: "القراءة بالنسبة لي صديق طفولة، أمي كانت تقرأ لي القصص القصيرة منذ نعومة أظفاري، وتصحبني معها لزيارة معارض الكتب، لذا نمت موهبة القراءة لدي حتى جعلتني مؤهلة لهذا اللقب".

وأضافت لـ"فلسطين": "مشاركتي في المسابقة هو تحدٍ لنفسي، وسعيت لتحقيق هدف الفوز، لذا بذلت قصارى جهدي، حيث بت أقرأ وأحلل الكتاب وأخلصه، ولم أكتفِ بذلك، بل قرأت أيضا ما قاله النُقّاد عن الكتب التي قرأتها، وكنت أضع عنوانا جديدا للكتاب".

لم تكن القراءة عقبة أمام "بطلة التحدي" في إنجاز واجباتها اليومية، ومذاكرتها للمنهاج، بل كانت جسرا لتطوير حصيلتها اللغوية، وتحسين تحصيلها العلمي بطريقة أسهل، وبخطوات أسرع.

وعلى الصعيد الشخصي، أكدت عفاف أن القراءة نمّت ثقتها بنفسها وشخصيتها أيضا، وساعدتها على تجاوز العقبات وحل المشاكل بخطوات عملية، مبيّنة: "جعلتني القراءة الشخص الذي أنا عليه اليوم، وزادت ثروتي اللغوية، كما أنها غيرت نظرتي للحياة، وصرت أتعامل بمرونة أكثر مع الناس".

ولفتت إلى أن المفتاح الأساسي في تحقيق التوازن بين النجاح في الدراسة، والفوز بالتحدي، هو تنظيم الوقت.

الثقة بالنفس

وعن مشاركتها في المسابقة، قالت: "العام الماضي، سمعت بالمسابقة ولكن لم أشارك، ودفعني الفضول إلى حضور الحفل النهائي لها، وتابعت التفاعل الإعلامي مع المسابقة بعد فوز فلسطين عن فئة أفضل مدرسة، وصممت أن أكون بطلة التحدي هذا العام".

وأضافت: "ولأني أقرأ منذ سنوات، تمكنت من تخطي مراحل التحدي، فقد تأهلت ضمن الثلاثة الأوائل على مستوى مدرستي، ومن ثم كنت ضمن العشرة الأوائل في فلسطين، ما أهّلني لنيل لقب بطلة تحدي القراءة على مستوى فلسطين، وبناء عليه صعدت للتصفيات النهائية في دبي".

وأشارت إلى أنها قرأت خلال المسابقة 50 كتابا بشكل معمق، مضامينها متنوعة بين التاريخ والأدب، والعلوم والشعر.

في معرض ردها على سؤال عن مفتاح إقناع المتسابق للمحكم بأنه جدير بنيل اللقب، أجابت عفاف: "الثقة بالنفس ضرورية جدا، إضافة إلى الطلاقة في الحديث، ومهارة الخطابة مع المناقشة والتحليل، وسرعة البديهة، والأهم من ذلك كله هو الفهم العميق للكتاب للتمكن من الإجابة عن السؤال بكل ثقة".

تمنيت هذه الفرصة

لم تتوقع بطلة التحدي أن يُطرح عليها سؤال: "لماذا تقرئين؟"، لأنه طرح على متسابقة أخرى قبلها على المسرح، ولكنها كانت تتمنى أن يُطرح عليها لكي تجيب الإجابة التي تريد، ولكنها فوجئت بالسؤال يتكرر مُوجهًا لها هذه المرة.

عندما صدح صوت مقدّم الحفل بأن "بطل تحدي القراءة للعام 2017، عفاف شريف من فلسطين" لم تتمالك نفسها، فانهمرت دموعها، وعبّرت عن المشاعر التي انتابتها في هذه اللحظة: "عند سماعي للنتيجة، أحسست أنني سأطير من الفرح، وأنها أثلجت صدري".

وأوضحت: "حينما شاركت في التحدي، كان هدفي الفوز لكي تحصل فلسطين على المركز الأول، فأنا بذلك أشعر أنني قدمت شيئا لوطني".

ومن الأبطال المجهولين الذين ساعدوها على الفوز، العائلة، التي أولت ابنتها اهتماما كبيرا لتُنجحها في المسابقة، حيث كان أبواها يوفّران لها الكتب التي تريدها ولا تجدها في المكتبات العامة، إضافة إلى أنهما كانا يناقشانها في الكتاب الذي تقرؤه.

وعن أكثر تعليق أثّر فيها بعد تتويجها باللقب، قالت: "رد فعل والدتي، إذ قالت إنني فخر لها، وأن تعبها لم يذهب هدرًا".

وبينت شريف أنها تطمح لأن تحجز لها مكانا بين العشرة الأوائل في الثانوية العامة على مستوى الوطن، وأن تدرس الطب في جامعة عريقة في الخارج، ليس لأجل النظرة المجتمعية للطبيب، بل لتعالج الناس وتداوي جراحهم، وتحقق مقصدا من مقاصد الشريعة، وهو "حفظ النفس".

ومن وجهة نظرها: "لكل إنسان ذكاؤه الخاص، ويجدر بالفرد أن يحدد هدفه، ومن ثم يبذل الجهد لتحقيقه، والأهم أن يؤمن بنفسه وقدراته، والمنافسة تدفعه ليفجر قدراته وطاقته".

ووجهت رسالة لمن أراد أن يتذوق لذة الشعور بالإنجاز الذي شعرت به: "كلما واجهت عقبات ومشكلات، تعلم الدرس، فكل تجربة غير موفقة، تقوّيك من أجل تحمل صعوبات الحياة، فالنجاح ليس سبيلا واحدا، بل أمامك ألف سبيل لتكتب قصة نجاحك في المستقبل".

وقالت لكل طالب شارك في المسابقة ولم يفز: "أنت فائزٌ بحصيلة ما قرأته، وهو الكنز الحقيقي".

وأضافت: "فلسطين تستحق أن يُكتب في تاريخها صفحات من الإبداع والتميز، للتأكيد أن الفلسطينيين أقوياء وصامدون، يستحقون الفرح، ويتخذون من آلامهم سببا يدفعهم نحو الأمام، ولا يجعلونها حاجزا يمنعهم من المضي قدما".

اخبار ذات صلة