حذر خبراء اقتصاديون من التداعيات الخطيرة لسيناريو ضم الضفة الغربية الذي تلوّح به سلطات الاحتلال الإسرائيلي، متوقعين أن يؤدي الإجراء إلى تعميق الأزمات الاقتصادية في المناطق الفلسطينية، وتعزيز تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي بشكل كامل.
وسياسة الضم تعني فرض دولة الاحتلال سيادتها القانونية والإدارية على أجزاء أو كامل أراضي الضفة الغربية، التي تُعدّ وفق القانون الدولي أرضًا محتلة منذ عام 1967، يتضمن ذلك ضم الأراضي الفلسطينية بشكل أحادي الجانب دون اتفاق مع السلطة الفلسطينية أو التزام بقرارات الأمم المتحدة.
تبلغ مساحة الضفة الغربية حوالي 5,655 كيلومترًا مربعًا، يعيش فيها حوالي 3.2 مليون نسمة (بحسب تقديرات عام 2023) تتكون الضفة الغربية من 11 محافظة.
يرى الدكتور نور أبو الرب، المختص في الشؤون الاقتصادية، أن الضفة الغربية تعيش منذ السابع من أكتوبر أوضاعا اقتصادية صعبة تفاقمت مع تصاعد البطالة والفقر نتيجة حرب الاحتلال على قطاع غزة.
وأشار أبو الرب، في حديثه لـ"فلسطين أون لاين"، إلى أن المنشآت الاقتصادية والشركات الفلسطينية في الضفة الغربية تشهد تراجعا كبيرا في إنتاجيتها، مما يعكس هشاشة الواقع الاقتصادي الحالي.
وأوضح أبو الرب أن سياسة الضم تهدف إلى وضع اليد الإسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الأراضي المصنفة "أ" و"ب" و"ج"، بحيث تصبح جميعها تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
وأكد أبو الرب أن هذه الخطوة ستتيح للاحتلال السيطرة على الموارد الطبيعية والثروات الزراعية، مما يحرم الفلسطينيين من استغلال هذه الموارد الحيوية.
وأضاف أبو الرب أن سيناريو الضم قد يحول المناطق الفلسطينية إلى "كيانات معزولة" يتم التحكم فيها دون أي حقوق سياسية أو اقتصادية واضحة.
وأشار إلى أن الأيام المقبلة قد تكون أكثر صعوبة على الفلسطينيين، خاصة مع فقدان السيطرة على الموارد الأساسية.
كما نوّه إلى أن هذه السياسة ستؤدي إلى ضعف ثقة المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.
وتوقع أن تتراجع الاستثمارات وتتوقف المشاريع التنموية، مما يزيد من الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
وأضاف: "قد تلجأ دولة الاحتلال إلى فرض ضغوط إضافية على أموال المقاصة، مما يضاعف من عجز السلطة عن دفع رواتب الموظفين وتقديم الخدمات الأساسية."
من جانبه، أكد د. هيثم دراغمة، المختص في الاقتصاد، أن ضم الضفة الغربية سيزيد من القيود المفروضة على حركة الأفراد والبضائع، مما يلحق ضررا مباشرا بفرص العمل والتجارة.
وأوضح دراغمة لـ"فلسطين أون لاين" أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين يعتمدون على العمل في الداخل المحتل كمصدر رئيسي للدخل، وأن القيود الجديدة قد تمنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم، مما يرفع معدلات البطالة ويزيد من مستويات الفقر بشكل حاد.
وأشار دراغمة إلى أن السيطرة الإسرائيلية على الموارد الطبيعية، مثل المياه والأراضي الزراعية، ستكون لها آثار كارثية على القطاع الزراعي، الذي يُعد مصدر دخل رئيسي للعديد من الأسر الفلسطينية. وقال: "سيؤدي هذا إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، مما ينعكس سلبا على الأمن الغذائي والصادرات الفلسطينية".
أكد دراغمة أن تنفيذ سياسة الضم سيزيد من تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال بشكل غير مسبوق مشيراً إلى أن السيطرة الإسرائيلية على الموارد والخدمات الحيوية، مثل الكهرباء والمياه والوقود، ستحد من قدرة الفلسطينيين على تحقيق نمو اقتصادي مستقل.
كما أشار إلى أن المزارعين الفلسطينيين قد يُمنعون من الوصول إلى أراضيهم، خاصة في المناطق المصنفة "ج"، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي، ويفاقم معاناة المواطنين.
وتستهلك دولة الاحتلال حوالي 85% من المياه الجوفية الفلسطينية، وفقًا لمنظمة "بتسيلم" الحقوقية.
كما أن الأراضي المصنفة "ج"، التي تسيطر عليها دولة الاحتلال بالكامل، تشكل حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية، وهي تحتوي على أغنى الأراضي الزراعية الفلسطينية.
ويشكل القطاع الزراعي حوالي 5%من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، ويعتمد حوالي 15% من سكان الضفة الغربية على الزراعة كمصدر دخل رئيسي مما يعني أن السيطرة الإسرائيلية على هذه الأراضي ستدمر القطاع الحيوي.