حذَّرت الدكتورة نائلة الوعري الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر، من خطورة تهديدات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتغيير خارطة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنّ خطط تغيير خارطة (سايكس بيكو) يمكن أن تكون مطروحة على أجندة الاحتلال والإدارة الأميريكية الجديدة برئاسة ترامب.
ورأت الوعري في مقابلة خاصة مع فلسطين أون لاين: أن ضعف النظام الرسمي العربي يشجع "تل أبيب" وواشنطن على طرح مخطط تغيير خارطة المنطقة والذي يمكن أن يمس ويؤثر في السعودية والعراق ومصر وسوريا وفلسطين وإجراء تغيرات جوهرية في النظام السياسي في الأردن ووضع خرائط جديدة للمصالح الاقتصادية والسلام والتطبيع ضمن مفهوم السلام الاقتصادي.
وشددت على أن سر وجود "إسرائيل" في منطقة مفعمة بالعداء والرفض لها يكمن في ضعف المنظومة الرسمية والشعبية المحيطة بها وإبقائها في حالة من الضعف والهوان والدعم المادي والمعنوي اللامحدود لها من القوى العظمى وأدواتها في المنطقة من قناصل وسفارات وبوارج.
يذكر أن الوعري من مواليد القدس عام ١٩٥٣ ورحلت عنها قسرا في ١٩٦٧، وأصدرت سلسلة كتب في التاريخ توثق الأحداث المهمة في فلسطين، وأسست تجمع نساء من أجل القدس في البحرين في العام ٢٠٠٣.
فيما يلي نص المقابلة:
نتنياهو هدّد مؤخرا بتغيير الشرق الأوسط، هل يملك نتنياهو قدرة على تغيير خريطة المنطقة؟
نعم سوف تعمل الحكومة "الإسرائيلية" والأمريكية على تغيير خريطة سايكس بيكو بعد مرور أكثر من مئة عام وذلك في إطار العديد من الرؤى الأمريكية والمشاريع كصفقة القرن والشرق الأوسط الجديد والنظام الإمبراطوري والهيمنة حيث تحاول أمريكيا أن تضع بصمات على المنطقة كما وضعتها بريطانيا العظمى من قبل وهناك عقدة لدى صناع القرار الأمريكيين باعتبار أن الإمبراطورية الأمريكية أقوى وأشمل وأعظم من الإمبراطورية البريطانية إلا أنها لم تؤثر في المستعمرة الأمريكية كما هو حال المستعمرة البريطانية لا بل إن الولايات المتحدة تعيش على وقع سايكس بيكو.
ومن هذا المنطلق وضعت الولايات المتحدة مشاريعها الاستعمارية كي تتناسب وواقعها الإمبراطوري من ناحية وضمان هيمنتها على الشرق الأوسط من ناحية ثانية وكانت مشاريع رئيس الوزراء الإسرائيلي قد انسجمت مع الرؤيا الأمريكية للمنطقة من خلال "إسرائيل" الكبرى والشرق الأوسط والسلام الاقتصادي والتطبيع واتفاقيات إبراهيم وغيرها وهو ما نظر له قبل وبعد7/10/2023م.
هل من السهولة تغيير خرائط الدول أو الاتفاقيات المنشئة وفقها حدود تلك الدول؟
نعم يمكن أن تغير أمريكيا والحكومة الإسرائيلية في خريطة الشرق الأوسط بسبب ضعف النظام الرسمي العربي الذي يظهر بأنه متلقي ومنفذ ليس إلا، ويتوقف سعة التغيير على رفض الشعوب أو المقاومة الشعبية في المنطقة. وتظهر ملامح ذلك في تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام أو ولايات فدرالية كردية وسنية وشيعية منذ عام2003م موحدة فدراليا بدلًا من الدول الواحدة، وعلى نسقها سوريا ناهيك عن وضع مخطط لتقسيم مصر والسعودية وتغيرات في الوصاية الهاشمية على القدس ودمجها مع الأماكن الدينية في الحجاز وتصفية القضية الفلسطينية واللاجئين وتوطينهم في الأردن وحل مسألة قطاع غزة والضفة الغربية وإجراء تغيرات جوهرية في النظام السياسي في الأردن ووضع خرائط جديدة للمصالح الاقتصادية والسلام والتطبيع ضمن مفهوم السلام الاقتصادي.
أحد مؤلفاتك تناولت دور القنصليات الأجنبية -قبل قرابة قرن- في مساعدة اليهود على الهجرة والاستيطان في فلسطين.. هل الدول الغربية تقوم حتى اليوم بمهمة توفير الدعم لبقاء "إسرائيل" في المنطقة؟
سر وجود "إسرائيل" في منطقة مفعمة بالعداء والرفض لها يكمن في ضعف المنظومة الرسمية والشعبية المحيطة بها وإبقائها في حالة من الضعف والهوان والدعم المادي والمعنوي اللامحدود لها من القوى العظمى وأدواتها في المنطقة من قناصل وسفارات وبوارج....ناهيك عن قنوات التزويد التي تزودها بكل ما تحتاجه على مدار الساعة وتمتد إلى ما وراء البحار، وإذا ما اقتضى الأمر لم تتوان عن الحضور المباشر لإسنادها بكل إمكانياتها كما حصل بعد 7/10/2023م أسوة بالحملات الصليبية الأوروبية المتتالية التي جاء لإنقاذ الوجود الصليبي كلما تحرج موقفه في الشرق.
بقراءاتك التاريخية ما هي مراحل الدعم الغربي التاريخية لإقامة "إسرائيل"؟
مر المشروع الصهيوني منذ طرحت فكرته الاستعمارية بالمنطقة وحتى المنظور القريب بعدة مراحل وتتمثل بما يأتي:
-مرحلة الإعداد والتمهيد وجاءت في الفترة العثمانية1830-1917م
-مرحلة التأسيس والبناء وجاءت في أعقاب الاحتلال البريطاني1917-1948م
-مرحلة الاستقلال وإعلان الدولة1948م وجاءت في أعقاب انسحاب الانتداب البريطاني.
-مرحلة التوسع وجاء على خلفية الضعف العربي والمد الغربي للحفاظ على المناطق الإستراتيجية ومواجهة الزحف الشيوعي جنوبا والحفاظ على منابع النفط ومصادر الطاقة الحيوية 1948-2023م
-مرحلة فرض الهيمنة على المنطقة وتتوقف فعالياتها على الحرب الدائرة رحاها في المنطقة منذ 7/10/2023م حتى اليوم وفرض شروطها على المنطقة.
-مرحلة الانحدار والتراجع وتبدأ بفشل المشروع الاستعماري وبصحوة المنطقة ونهضتها.
وزير مالية الاحتلال "الإسرائيلي" سموتيرتش أعلن مؤخرًا خطته الخاصة بالضفة الغربية. ماذا يعني ذلك القرار بالقراءة التاريخية؟
لن تقبل الدول العظمى وفي مقدمتها بريطانيا ومن بعدها أمريكيا والصهيونية العالمية المتحالفة معها بإقامة دول فلسطينية بموجب قرار(181)الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في29/11/1947م او غيره من القرارات الأممية والمشاريع مهما كان حجمها ومساحتها وعدد سكانها لأن الدول العظمى وحارس مصالحها في هذه المنطقة الحيوية من العالم ستجد نفسها أمام أخطار وهجمات متتالية على نسق ما حدث في7/10/2023م إلى ان تقضي على دولة "إسرائيل" أسوة بمسيرة التحرير التي واكبت الحروب الصليبية في العصور الوسطى والتي استمرت ما يقرب من 200عام.