قدّمت النيابة العامة "الإسرائيلي"، أمس الخميس، لائحة اتهامات ضدّ مساعد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وجندي "إسرائيلي" بتسريب وثائق سرية بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية، في قضية هزت المجتمع "الإسرائيلي".
واتُهم إيلي فيلدشتاين مساعد نتنياهو بالحصول على معلومات عسكرية حساسة بطرق غير قانونية وتسريبها للتأثير على الرأي العام على أمل تخفيف الضغط الذي يتعرض له رئيس الوزراء لتقديم تنازلات كبيرة مقابل تحرير الأسرى "الإسرائيليين" المحتجزين في غزة.
واتهم جندي "إسرائيلي" بتسليم فيلدشتاين الوثائق، التي يقال إنها واردة من غزة وتشير إلى أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يريدون بث الفتنة في المجتمع الإسرائيلي بحيث يستفيدون من ذلك من خلال إبرام صفقة جيدة بالنسبة لهم بشأن المحتجزين.
ولم يتم توجيه اتهامات إلى نتنياهو نفسه، لكن أنصاره يتهمون المدعين العامين بقيادة حملة شعواء ذات دوافع سياسية في وقت حالة طوارئ في "إسرائيل".
وجاء في نسخة من لائحة الاتهام أن المتهمين وضعا آلية لتمرير معلومات بما يخالف البروتوكولات المعمول بها في تبادل مثل هذه الوثائق.
وكشفت النسخة أن "المتهمين تصرفا بهدف الحصول على معلومات مصنفة بأنها سرية للغاية مع قبول المخاطرة الحقيقية بإلحاق ضرر جسيم بمصالح الأمن القومي ذات الأهمية البالغة".
وبدلا من تسريب المعلومات إلى وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، اتُهم فيلدشتاين بتسليمها لمجلة بيلد الألمانية لتفادي الرقابة المحلية التي كانت ستحظر نشرها.
وبحسب هيئة البث العبرية، ستطالب النيابة العامة باحتجاز المتهمين حتى انتهاء الإجراءات القضائية، أي حتى صدور الحكم النهائي، وهذا يتطلب موافقة المحكمة، حيث سيتم تحديد موعد جلسة النظر في الطلب وفقًا لقرار القضاة.
وأشارت الهيئة إلى أنه من المحتمل تقديم لوائح اتهام إضافية ضد المشتبه بهم في هذه القضية لاحقا.
وأشارت النيابة العامة في لائحة الاتهام إلى أن تسريب المعلومات استهدف التأثير على الرأي العام بعد مقتل 6 أسرى "إسرائيليين" بغزة في أغسطس/ آب الماضي، بهدف توجيه اللوم إلى قيادات حركة حماس، من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
وآنذاك أعلنت حماس، أن الأسرى الـ6 قُتلوا بنيران الاحتلال، واتهمت نتنياهو مرارًا بإفشال جهود التوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
وعُيّن فلدشتاين، متحدثا مسؤولا عن الشؤون الأمنية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، رغم فشله في اجتياز اختبار التصنيف الأمني اللازم، وفق الهيئة.
كما تبين أنه كان يتقاضى راتبه بشكل غير رسمي، لكنه استمر بالقيام بمهام حساسة، وفق المصدر نفسه.
ومؤخرا أوقف الأمن الإسرائيلي 5 أشخاص، هم: 4 جنود وفلدشتاين، في قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتب نتنياهو، قبل أن تقرر محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون (وسط) إطلاق سراح فلدشتاين، وفرض الإقامة الجبرية عليه لـ10 أيام.
وتتهم المعارضة نتنياهو بالوقوف خلف تسريب الوثائق، لتخفيف الضغط على حكومته، والتهرب من المسؤولية عن إفشال جهود التوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى مع حركة حماس.
وفي 1 نوفمبر، كشفت القناة 13 العبرية، عن اعتقال أشخاص بمكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على خلفية قضية أمنية تتعلق بالاشتباه في إضرارهم بأهداف الحرب في قطاع غزة.
وقالت القناة 13 إن جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" والشرطة والجيش بدؤوا قبل أيام التحقيق في شبهات تتعلق بنقل معلومات سرية بشكل غير قانوني.
وفي السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام عبرية أنها طالبت محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون برفع الحظر المفروض على ما توصف بأنها "القضية الأمنية الجديدة" التي "تعصف" بالمؤسستين السياسية والأمنية.
وفي التفاصيل، كشفت صحيفة "هآرتس"، تفاصيل فضيحة أمنية لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تتعلق بتعيين متحدث باسمه شارك في جلسات أمنية حساسة.
وذكرت الصحيفة العبرية، على موقعها الإلكتروني، أن الفضيحة الأمنية الجديدة لرئيس الوزراء تتعلق بتعيين متحدث باسم نتنياهو دون إشراف أمني.
وأوضحت أن المتحدث، الذي لم تكشف عن اسمه، شارك في جلسات أمنية حساسة.
وأضافت أن متحدث نتنياهو قام بتسريب معلومات ووثائق، بعضها كان مجرد أكاذيب عن الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار وغيره لصحف أجنبية، وأخرى كانت وثائق أمنية خطيرة وحساسة.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه من المؤكد أن هذا الموظف قد شارك في مشاورات أمنية وسرية مغلقة وحساسة، واطلع على تقارير أمنية أكثر حساسية أيضًا.
ومن جانبها، أشارت القناة السابعة العبرية إلى أن الرقابة العسكرية فرضت حظرًا على نشر هذه القضية أو الفضيحة، في حين أن نتنياهو يطالب برفع الحظر عن النشر بزعم ادعائه الشفافية.
وأكدت القناة أن متحدث نتنياهو لم يكن له أي تصريح أمني.
وتطرق رئيس المعارضة، يائير لبيد، ورئيس كتلة "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، إلى هذه القضية، وحملا نتنياهو المسؤولية عنها، ووصفها لبيد بأنها "قضية الوثائق السرية".
وقال لبيد إن "القضية في مكتب رئيس الحكومة تتناول لب العلاقة الوثيقة لبن جهاز الأمن ومكتب رئيس الحكومة والمقربين منه. ويحاول رئيس الحكومة منذ الآن، كعادته، إبعاد نفسه عن هذه القضية وتحميل المسؤولية على آخرين، لكن الحقائق معاكسة: هو مسؤول بشكل شخصي عن أي ورقة، كلمة، أو معلومة تخرج من مكتبه".
وأضاف لبيد أن "لدينا أعداء شديدين في الخارج لكن الخطر في الداخل وفي مركز اتخاذ القرارات الأكثر حساسية تهز أسس ثقة المواطن الإسرائيلي بإدارة الحرب، وفي العناية بقضايا الأمن الحساسة والأكثر قابلية للاشتعال".
من جانبه، قال غانتس إنه "من دون الدخول في تفاصيل القضية الجاري التحقيق فيها وتتعلق بعمل مكتب رئيس الحكومة، ثمة أهمية للتشديد على أمر واحد، وهو أن رئيس الحكومة يتحمل مسؤولية ما يحدث في مكتبه، سواء كان جيدا أو سيئا".
وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو أنه "ليس صدفة أن رئيس الحكومة نتنياهو طالب بإزالة أمر حظر النشر من أجل التحقيق، وغاية التعتيم التواصل على التحقيق هي تشويه سمعة مكتبه".
ووافقت المحكمة على عقد جلسة للسماح بنشر تفاصيل القضية استجابة لطلبات وسائل إعلام، وأنه يوجد مشتبهون ويتوقع أن يشاركوا في جلسة المحكمة، من خلال محادثات عبر الفيديو، وفقا لقرار القاضي، مناحيم مزراحي، الذي سينظر في طلب رفع الحظر، وفقا للقناة 13.
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن "الأمر الواضح هو أن هذا حدث دراماتيكي، خلال الحرب. وعلى الأرجح أنه ستكون له تبعات في المعركة المتواصلة التي يشنها نتنياهو ضد أذرع الأمن وجهاز القضاء، منذ الانقلاب على الجهاز القضائي وبشكل أشد منذ 7 أكتوبر من العام الماضي".
وأضافت الصحيفة أن "متحدثا في مكتب رئيس الحكومة، لم يخضع لفحص تصنيفه الأمني لدى الشاباك، لكنه استمر في الاطلاع على معلومات سرية، بضمنها نصوص من اجتماعات الكابينيت".