من قلب الحصار والنزوح المتكرر، تجد المريضة ياسمين غالب حشيش (30 عامًا) المصابة بمرض السرطان نفسها في مواجهة معاناة معقدة، حيث يتداخل الألم الجسدي مع القلق النفسي الناجم عن الحرب.
فتعاني المئات من النساء من حرمانهن من العلاج الضروري بسبب نقص الأدوية الحيوية، مما يزيد من تفاقم حالتهن الصحية. في خضم النزوح المتكرر، تصبح الرعاية الطبية شبه مستحيلة، إذ تتلاشى الأولويات الإنسانية أمام واقع القصف والتشرد.
الشابة الثلاثينية حشيش والنازحة من مدينة غزة، هي أم لثلاث بنات، وتعاني من مرض سرطان الغدة الدرقية و الليمفاوية منذ أكثر من خمس سنوات.
تقول لموقع "فلسطين أون لاين": "اكتشفت إصابتي بالسرطان بعد ظهور انتفاخ مفاجئ في الرقبة، وبعد إجراء العديد من التحاليل والصور الطبية بأشكالها المختلفة اكتشف الأطباء أنه ورم سرطاني".
بعد تاريخ ٧ أكتوبر انقلب الأمور رأسا على عقب على صعد مختلفة، فالحرب اللعينة جاءت لتحرمها من مواصلة العلاج الذي قطعت به شوطاً طويلا.
وتضيف: "الحرب الإسرائيلية على غزة حرمتني من مواصلة علاجي رغم خطورة وضعي الصحي، مما أدى لزيادة حالتي الصحية سوءا وأصبحت معرضة لتكاثر الغدد الليمفاوية، وكان من المفترض أن أكون قبل عام من الآن قد تلقيت علاج اليود وعاملة المسح الذري، ولكن الحرب قد أطفأت كل أمل يولد بداخلنا سواء لحياة أو صحة أفضل".
وما زاد الطين بلة اعتقال زوجها في منتصف شهر نوفمبر الماضي أثناء نزوحهم من شمال القطاع إلى جنوبه، مما زاد من العبء عليها وتحمل مسئولية أطفالها بمفردها دون وجود أي معيل لهم، لتجارب بمفردها على ثلاث جبهات المرض والحرب وما به من خوف ونزوح متكرر وإعالة بناتها.
وتتابع حشيش حديثها : "أنا بعاني حاليا من هبوط بالفيتامينات وآلام شديدة بالعظام، وعدم اتزان بسبب هرمون الغدة الذي يؤثر على نفسيتي سلباً، هذا عدا عن أعيش في خيمة وكأني في الشارع".
تصمت قليلا ثم تكمل حديثها والغصة تخنق أنفاسها: " تخيلي مريضة سرطان تعيش في خيمة لا يوجد فيها أدنى مقومات للحياة الآدمية، فللأسف قد أجريت عمليتين استئصال واحدة للغدة الدرقية والثانية للغدد اللمفاوية، ومهددة بعملية ثالثة في حال لم أكمل علاجي في أسرع وقت".
وتصف حشيش نفسيتها بأنها أصبحت في الحضيض فلم يعد بإمكانها ممارسة حياتها بشكل طبيعي، فدائمًا متعبة من مرضها الذي ينهش بجسدها، ومن الوضع الذي تعيشه في النزوح وحياة الخيم، وفي ظل شح الأدوية والعلاجات، متسائلة: فكيف هو الحال في ظل الحرب والحصار؟
وتلفت إلى أن وضعها الاقتصادي وفي ظل الغلاء الفاحش لا تتمكن من تناول الفواكه والخضراوات والأغذية الصحية غير المتوفرة باستمرار في الأسواق، فتعتمد على المعلبات والتي أثرت عليها بشكل سلبي.