لا يقتصر الألم لأبناء قطاع غزة في هذه الحرب على من يتواجدون داخله، بل إن للمعاناة فصول كثيرة، منها مرضى غزة الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفيات الضفة والداخل وحرموا من ذويهم أو عدد منهم حتى بعضهم سلموا الروح وهم يجاهدون الشوق في داخلهم لذويهم كما يصارعون المرض في أجسادهم ليلفظوا أنفسهم الأخيرة كما حدث مع الطفلة أميرة الصباغ (12 عامًا).
معاناة وشوق
فقد صارعت الطفلة الصباغ مع المرض في شهر أغسطس من العام 2023 م حينما لازم الطفلة التي كانت تضج بالحياة وتحرز درجات متقدمة في تعليمها المدرسي ، صداع مزمن، ما حدا بوالدها للتنقل بها بين عدة اطباء لمعرفة السبب.
وانتهي المطاف بـ "هيثم الصباغ" ( والد أميرة) لدى طبيب مخ وأعصاب الذي طلب عدة فحوصات أثبتت إصابتها بمرض السرطان في الدماغ، ليقع الخبر كالصاعقة على والديها الذين لم يرزقا سوى بها وبشقيقتها " ميرا" ( سبع سنوات).
وقد قرر الأطباء تحويل أميرة بشكل عاجل للداخل المحتل، لترافقها والدتها لتنقلب الأمور رأسا على عقب، حيث اندلعت الحرب الاسرائيلية على غزة وانقطع التواصل لفترات طويلةـ بسبب انقطاع الانترنت والاتصالات- بين أميرة ووالدتها من جهة ووالدها وشقيقتها من جهة أخرى.
وبينما كانت الطفلة الصباغ تصارع المرض الذي تمكن من جسدها الغض، كان الشوق لوالدها وشقيقتها في غزة يتمكن منها أكثر، لكن الاحتلال الذي قطع الأوصال بين الضفة وغزة لم يكن ليسمح لوالدها بزيارتها حتى فاضت روحها لبارئها وهي تحلم برؤيته.
وفي الجهة المقابلة كان هيثم الصباغ يجابه الشوق لابنته البكر وزوجته ويتابع تدهور حالة أميرة الصحية بكل أسى، وفي الوقت نفسه يعاني من النزوح المتكرر حيث نزح من غزة للجنوب حاملا معه طفلته ميرا ووالده المقعد ووالدته المسنة.
يقول لـ "لفلسطين أون لاين"، "استقر بنا الأمر في خيمة في مواصي خانيونس ، حيث نعيش حياة شاقة ونعاني في توفير متطلبات الحياة لكن كان لدينا أمل بان تنتهي الحرب ونلتقي بـ " أميرة" لكن للأسف توفيت دون أن نحظى بلقاء أخير".
ولم تقف معاناة أسرة الطفلة الصباغ عند هذا الحد، بل إن الاحتلال رفض إعادة جثمان الطفلة لـ " غزة" أو دفنها في القدس المحتلة (حيث كانت تتلقى العلاج في مستشفى المطلع) بل قرر دفنها في رام الله ودون حضور والدتها التي رافقتها طوال فترة العلاج.
فقد زاد قرار الاحتلال الإسرائيلي من ألم أسرة الطفلة الصباغ، لكن ما خفف عنهم قليلا أن جنازة شعبية ورسمية أقيمت لها في رام الله حيث أن خبر وفاتها بعيدًا عن عائلتها في غزة جلب تضامنًا مع الأسرة من أهل الضفة والغزيين المتواجدين فيها.