قائمة الموقع

"كان الأمر كما لو كنت في قفص تحت النَّار"... صحيفة فرنسيَّة تحاور جنودًا عادوا من غزَّة ويعالجون من الصَّدمة

2024-11-19T18:10:00+02:00
"كان الأمر كما لو كنت في قفص تحت النَّار"... شهادات جنود عادوا من غزَّة ويعالجون من الصَّدمة

تستقبل "مزرعة داني" مئات الجنود الإسرائيليين العائدين من غزة، ممن أصيبوا بصدمة نفسية بسبب أطول وأعنف حرب تشنها (إسرائيل) على الإطلاق، وهم يحضرون عدة مرات في الأسبوع جلسات العلاج الجماعية والفردية، لمحاولة تحرير أنفسهم من الصور الكابوسية التي تطاردهم، حيث يأتي بعضهم من تلقاء نفسه، وبعضهم يرسله رؤساؤه.

وقال جنود إسرائيليون قاتلوا في غزة -لشبكة سي إن إن– إنهم شهدوا فظائع لا يستطيع العالم الخارجي فهمها حقا. وتقدم رواياتهم لمحة نادرة عن وحشية ما وصفه النقاد بـ"حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السرمدية"، والخسائر غير الملموسة التي تلحق بالجنود المشاركين.

من جهتها، حاورت صحيفة لوموند الفرنسية عددًا من المجندين، مشيرةً إلى أن جنود الاحتياط الإسرائيليين، والجهات الفاعلة في تدمير قطاع غزة الفلسطيني، يعانون اضطراب ما بعد الصدمة بعد أكثر من عام من الحرب، وقد تحدثت الصحيفة إلى اثنين منهم بعد علاجهم في مزرعة بالقرب من "تل أبيب".

هل نحن وحوش في نظركم؟

يبدأ آدي (43 عاما)، الذي اشترط عدم ذكر اسمه الأخير، بالقول "نحن وحوش في نظركم أليس كذلك؟ وفي عديد من البلدان أيضا"، ثم يصف ظروف عمله في غزة، حيث كان يقود وحدة على الخط الأمامي مسؤولة عن فتح الطرق بالجرافات ومساعدة الدبابات، يقول "كان الأمر كما لو كنت في قفص تحت النار. إنهم (الفلسطينيون) ليس لديهم زي رسمي، ولا نعرف من هو العدو، وكان التوتر مرتفعا للغاية".

أصيب آدي بنيران صاروخية، وبعد أسبوعين أُعيد إلى خان يونس جنوب القطاع، حيث كان الجيش قد توغل للتو. "الخطر في كل مكان على محيط 360 درجة، لا يمكنك التعرف على أي شيء، واليقظة شديدة"، يتابع هذا المستثمر المالي في الحياة المدنية، وهو لا يتحدث عن الضحايا في غزة، وهم أكثر من 43 ألف قتيل منذ بداية الحرب، ولكنه يعبر عن العنف الذي كان شاهدا عليه وممثلا فيه.

يخضع الجنود للعلاج بتقنية "إي إم دي آر"، وذلك من خلال حركات العين للمساعدة في التغلب على التجارب المؤلمة غير المهضومة المسؤولة عن الأعراض المعوقة في كثير من الأحيان، مثل فقدان النوم والشهية، ونوبات الذعر، واليقظة المفرطة، وذكريات الماضي، والقلق المستمر والكوابيس.

ويخضع آدي الآن للعلاج بتقنية "إي إم دي آر"، وهي تقنية تم تطويرها في الولايات المتحدة في الثمانينيات وتعمل من خلال حركات العين للمساعدة في التغلب على التجارب المؤلمة غير المهضومة المسؤولة عن الأعراض المعوقة في كثير من الأحيان، مثل فقدان النوم والشهية، ونوبات الذعر، واليقظة المفرطة، وذكريات الماضي، والقلق المستمر والكوابيس.

وعلى الجانب الأخر، تشير حالة جندي الاحتياط العسكري الإسرائيلي إليران مزراحي (40 عاما)، إلى تأثير الحرب الكبير على الجنود، فقد ذهب إلى غزة بعد طوفان الأقصى، وعاد شخصا مختلفا، بعد إصابته باضطراب ما بعد الصدمة بسبب ما شهده من الحرب في القطاع، ثم أدى به الأمر إلى الانتحار قبل يومين من عودته إلى غزة مجددا.

وبحسب تقرير نشرته "بي بي سي"، قالت فيه إن مزراحي "خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه". ونقلا عن والدته جيني مزراحي: "لقد مات بعد ذلك، بسبب الصدمة اللاحقة".

وبحسب تقارير عبرية، يعاني حوالي 5200 جندي إسرائيلي أو 43% من الجرحى الذين يتم استقبالهم في مراكز إعادة التأهيل، يعانون من الإجهاد اللاحق للصدمة.

كما رجحت تقديرات "إسرائيلية"، أنه "يتوقع بحلول عام 2030 أن يتم علاج حوالي 100 ألف شخص، نصفهم على الأقل يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة".

وكانت صحيفة هآرتس قد حذرت، بعد 3 أشهر فقط من بدء الحرب، من أن أكثر من 1600 جندي ظهرت عليهم علامات الضيق بسبب القصف والإرهاق القتالي، ولكن الجيش الإسرائيلي قلل من هذه الظاهرة.

وردا على السؤال هل يمكن أن نكون الجلاد والضحية في الوقت نفسه؟ يقول عيران هالبرين، أستاذ علم النفس في الجامعة العبرية في القدس، إن "الإجابة هي نعم بكل وضوح. كن حذرا، فالكراهية في انتظارك مع كثير من المشاعر المدمرة". مردفًا: "واليوم، يلاحظ وجود تنافر بالنسبة إلى الجنود العائدين من غزة، بين الصدمة التي تعرضوا لها، من ناحية، وحقيقة محاولة إعادة الاتصال بما يشبه الحياة الطبيعية، من ناحية أخرى".

 

المصدر : لوموند + الجزيرة

اخبار ذات صلة