سلط مراقبون اقتصاديون الضوء على التداعيات السلبية المتزايدة لهجرة العقول من دولة الاحتلال، والتي تتفاقم في ظل استمرار الحرب والتوترات الأمنية.
وقد أظهرت الإحصائيات أن الهجرة المتزايدة تشمل خبراء من قطاعات التكنولوجيا، والطب، والهندسة، ما يؤدي إلى تراجع في أداء المؤسسات الإنتاجية ومراكز الأبحاث.
ويرى المحللون الاقتصاديون أن استمرار النزيف في الكفاءات قد يعيق قدرة الاقتصاد المحلي على التعافي والنمو، خاصة في القطاعات التي تعتمد على المعرفة والابتكار
أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. ثابت أبو الروس أن دولة الاحتلال التي طالما كانت مركز جذب لليهود والأجانب بفضل تطور اقتصادها ومؤسساتها، باتت تواجه اليوم نزوحا للكفاءات بسبب استمرار هجمات المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
وأشار أبو الروس في حديثه لـ"فلسطين أون لاين" إلى أن هجرة العقول تؤدي إلى نقص حاد في المهارات داخل القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا المتقدمة (هاي-تك) والبحث العلمي، مما يضعف قدرة الدولة العبرية على الابتكار والمنافسة عالميا
وأضاف أن الجامعات والمؤسسات البحثية تعاني من صعوبة في استقطاب أساتذة وباحثين على مستوى عالمي، وهو ما ينعكس على جودة التعليم والبحث العلمي.
وأضاف أن الجامعات والمؤسسات البحثية تعاني من صعوبة في استقطاب أساتذة وباحثين على مستوى عالمي، وهو ما ينعكس على جودة التعليم والبحث العلمي.
نوه إلى أن تدريب وتأهيل الكفاءات في دولة الاحتلال يتطلب استثمارات ضخمة تُقدر بملايين الدولارات، ومع هجرة هؤلاء الأفراد، تخسر الدولة تلك الاستثمارات وتواجه صعوبات إضافية لتعويض النقص.
رجح أبو الروس أنه حتى في حال وضعت الحرب أوزارها، فإن العديد من العقول في دولة الاحتلال ستواصل البحث عن فرص أفضل في الخارج، لاقتناعها بأن الدولة العبرية ما تزال محاطة بالصراعات، وأن الحروب باتت نهجا لبقائها في منطقة عربية .
من جانبه أوضح الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن ضعف القوى العاملة المبتكرة يؤدي إلى تقليص النمو الاقتصادي وتقليل جاذبية الاستثمار الأجنبي.
ونوه دراغمة في حديثه لــ"فلسطين اون لاين" أن الشركات الناشئة الإسرائيلية باتت تواجه صعوبات متزايدة في جذب المهارات المطلوبة للبقاء في السوق، مما يدفع بعضها إلى نقل عملياتها أو بيعها لشركات أجنبية.
وأشار دراغمة إلى أن نقص المتخصصين في التكنولوجيا والطب جعل الكفاءات تبحث عن بيئات توفر لها الاستقرار الأمني والمالي لها ولعائلاتها، مما يهدد استمرارية التقدم في هذه القطاعات.
وأضاف، أن الأمر لا يقتصر على هجرة الأفراد فقط، بل يمتد إلى نقل الأنشطة الاقتصادية والشركات إلى الخارج، وهو ما ينذر بتداعيات وخيمة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي كان يُعد أحد أقوى اقتصادات الشرق الأوسط.
وتابع دراغمة قائلاً: "إسرائيل اليوم تشرب من نفس الكأس الذي أذاقته للفلسطينيين؛ فخلال سنوات الحصار والحروب، هاجرت الكثير من العقول المبدعة من غزة والضفة إلى دول عربية وأجنبية.
وأضاف" اليوم، تواجه الدولة العبرية ذات المصير، إذ دفعت الحرب الممتدة لأكثر من عام، وعدم وجود حلول واضحة، المهنيين والأكاديميين إلى الهجرة بحثا عن مستقبل أكثر استقرارًا."
ونوه دراغمة إلى أن التركيز المفرط للحكومة على الاحتياجات الأمنية والعسكرية في الموازنة العامة، مع إهمال القطاعات الأخرى مثل التكنولوجيا والبحث العلمي، يشكل دافعا إضافيا لهجرة العقول.
وحسب المعطيات فقد زادت الحرب الأخيرة في أكتوبر 2023 من معدلات الهجرة، حيث غادر حوالي 30,000 إسرائيلي بشكل دائم بين نوفمبر 2023 ومارس 2024.
إلى جانب ذلك، الخلافات السياسية الداخلية، مثل الإصلاحات القضائية، تُضيف إلى الشعور بعدم اليقين مما يُثني المواهب عن البقاء
بعض الخبراء الإسرائيليين، مثل البروفيسور آرون سيخانوفر، وصفوا هذه الظاهرة بأنها تهديد وجودي، محذرين من أن خسارة 30,000 مهني قد تترك دولة الاحتلال غير قادرة على الحفاظ على أساسيات الدولة الحديثة.