فلسطين أون لاين

تقرير في غزَّة... شبح المجاعة يطال الحيوانات أيضًا

...
في غزَّة... شبح المجاعة يطال الحيوانات أيضًا
الوسطى - نبيل سنونو:

يضطر الشاب محمد السواركة الذي يعمل على عربة يجرها حمار إلى قطع مسافات بعيدة ذهابا وإيابا بحثا عن طعام يناسب هذا الحيوان المنهك في ظل شح الشعير وارتفاع سعر ما قد يتوفر منه.

ويستخدم السواركة هذه العربة في نقل المواطنين من مكان لآخر بمقابل مالي، مع توقف معظم سيارات الأجرة عن العمل بسبب منع الاحتلال إدخال الوقود اللازم لتشغيلها.

ويأتي تذبذب توفر الشعير والتبن وخلافه ضمن سياسة أعم يستهدف بها الاحتلال مظاهر الحياة في قطاع غزة، ولم يسلم من ذلك حتى الحيوانات.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يعمد جيش الاحتلال إلى اتباع نهج التجويع والتعطيش ضد الغزيين، جنبا إلى جنب محاولات التهجير، فيما يندرج ضمن حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي أودت بحياة 43,736 مواطنا وأصابت 103,370 آخرين.

ويقول السواركة لـ"فلسطين أون لاين": عندما لا أجد الشعير أو يتوفر بسعر مرتفع ألجأ إلى إطعام الحمار بازيلاء معلبة وأحيانا ما يتوفر من خبز أو طحين لكن هذان الصنفان قليلان التوفر حاليا أيضا وثمنهما باهظ.

وكثيرا ما يصل الشاب إلى مخيمي المغازي والنصيرات انطلاقا من دير البلح وسط قطاع غزة بحثا عن الشعير.
ويشكو من ارتفاع ثمن رطل الشعير إن توفر، مبينا أنه يصل إلى 50 شيقلا وهو ما يمثل ربح يوم عمل، بينما كان يشتريه قبل حرب الإبادة بنحو خمسة شواقل فقط.

وبعكس الشعير فإن الأصناف الأخرى لا تسهم في إشباع الحمار أو مده بالطاقة اللازمة للعمل، كما يوضح الشاب.
"لما أطعميه شعير كأنه بيقولي بدي أشتغل، ولما أطعميه بازيلاء معلبة بيوقف وبيبطل يشتغل"، والكلام للسواركة.

ويؤثر ذلك في صحة الحمار، من ناحية زيادة تأثره بالأمراض وإصابته بالجروح وتضاؤل قدرته على المشي، وفق إفادة سائق العربة.

لكن حتى البازيلاء المعلبة المعروضة للبيع آخذة بالتناقص مع تشديد الاحتلال حصاره للقطاع شمالا وجنوبا، ومنعه إدخال السلع والبضائع، وعرقلته وصول معظم المساعدات للغزيين المثقلين بأعباء حرب الإبادة.

وخلف بسطة يفترض أنها مخصصة لبيع الأعلاف، يقف البائع محمد أبو سلعة (22 عاما) خالي الوفاض مع تفاوت توفر الشعير وخلافه.

وكان أبو سلعة يدرس في اختصاص الإدارة والتمويل قبل أن تجبره حرب الإبادة على النزوح من مخيم جباليا شمال القطاع إلى دير البلح، ليمتهن بيع الأعلاف سبيلا لكسب لقمة عيش أسرته، في ظل الارتفاع الحاد في أسعار البضائع الشحيحة.

"شبح المجاعة وصل لكل المخلوقات وليس الإنسان فقط"، بهذا يستهل البائع حديثه مع "فلسطين أون لاين".

ويوضح أن كمية ما يتوفر من الأعلاف حاليا لا يمثل سوى 20% فقط مما كان موجودا قبل حرب الإبادة، وذلك تبعا لسياسة الاحتلال إغلاق الحواجز بين القطاع والأراضي المحتلة سنة 1948، حيث تستورد منها.

وعلى صعيد ثمنها، يقول: هناك فرق شاسع لأن كل أربعة أرطال من التبن كانت تباع قبل الحرب بـ13 شيقلا وارتفع هذا السعر إلى 50 شيقلا حاليا، أما رطل الشعير فكان يبلغ ثمنه ستة شواقل لكنه اليوم بنحو 45 شيقلا.

ولا تتوفر حاليا على بسطة أبو سلعة أي كميات من الشعير.

ويفيد بأن ارتفاع ثمن ما يتوفر من الشعير يؤثر في القدرة الشرائية لأصحاب العربات الذين يعملون طوال النهار ويضطرون في نهاية المطاف إلى شراء كمية أقل بكثير مما يحتاجه الحمار.

وهذا يعني أن صاحب العربة لا يجد ما يطعمه لحماره أو حصانه ما أدى في كثير من الأحيان إلى مرض الحيوان أو موته.
ومع اعتماد معظم المواطنين عليها للتنقل، ارتفعت أثمان الحيوانات التي تجر العربات في قطاع غزة، ما يصعب على أصحاب العربات استبدال حمار أو حصان بآخر في حال مرضه.

وحتى الحيوانات الأخرى كالقطط والكلاب باتت لا تجد ما يسد جوعها في شوارع قطاع غزة كالمعتاد تبعا لخلو النفايات من الأطعمة.
وبهذا النهج الذي لا يستهدف البشر فحسب، تظل الحيوانات أيضا ضحية لحرب الإبادة.