رغم مرور نحو 405 أيام على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، وأكثر من 40 يوما على اجتياحه لبلدات شمال قطاع غزة، إلا أن جيش الاحتلال لا زال يتكبد خسائر فادحة في الآليات والأفراد، فيما لا تزال تسطر المقاومة بطولات ملحمية في ميدان القتال، ما يجعل الاحتلال عاجزًا على تحقيق هدف الحرب.
ونفذت المقاومة خلال الأيام الماضية عدة عمليات بطولية في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، استهدفت خلالها عدة آليات عسكرية إسرائيلية وفجرت ناقلات جند، وأجهزت في كمين محكم على 15 جنديا من مسافة صفر غرب بيت لاهيا، كما أجهزة على خمسة جنود في مخيم جباليا إضافة للإجهاز على 7 جنود آخرين بالمخيم، وفق بلاغات عسكرية نشرتها كتائب القسام فضلا عن قصف نقاط تمركز جيش الاحتلال في محور نتساريم وسط قطاع غزة.
حرب استنزاف
وتأتي هذه البطولات امتدادًا لسلسة طويلة من العمليات العسكرية والكمائن التي تنفذها استهدفت خلالها نحو 1900 آلية عسكرية إسرائيلية وفق تقدير خبراء عسكريين، الأمر الذي أربك حسابات الاحتلال، وأدى إلى انسحابه من مناطق توغل بعد تكبده خسائر فادحة.
ورأى الخبير العسكري والاستراتيجية العقيد السوري أحمد حمادة، أن المقاومة لديها إمكانيات واستراتيجية استمرار للمعركة لفترة طويلة، وبأنها وطنت نفسها على حرب استنزاف مع جيش الاحتلال، وبأن الأعمال الانفعالية للجيش لن تؤدي لتحقيق نتائج استراتيجية لجيش الاحتلال أو تحقيق المهام التي أعلن عنها بنيامين نتنياهو بالقضاء على المقاومة.
وقال حمادة: إن "ما نراه اليوم في جباليا وبيت لاهيا، بأن جيش الاحتلال يدفع بقوات ويحاول تقسيم مناطق الشمال وإنشاء ممر جديد يفصل شمال القطاع عن مدينة غزة، وتعزيز القوات بواء إضافي، الغرض منه تقطيع أوصال المنطقة وتطبيق خطة "الجنرالات" المتطرفين من أجل زيادة الجوع والمعاناة ودفع الشعب الفلسطيني للهجرة، وبهدف تفريغ المنطقة من سكانها وارتكاب إبادة وتطهير عرقي".
وأكد أن بطولات المقاومة المستمرة في جباليا وبيت لاهيا، تدلل على أن جيش الاحتلال يقوم بالهدم والتفجير لكنه لا يمتلك معلومات حقيقية عن تسليح وأماكن تواجد المقاومة بشمال القطاع وصبرها وبطولة المقاتلين.
وقال حمادة لـ "فلسطين أون لاين": إن "بطولات المقاومة تؤكد أنها لا تزال موجودة وتقوم بتنفيذ الكمائن وقصف تجمعات الجنود، والتعاون المشترك بين الفصائل، ويمكن القول إن جيش الاحتلال لم يستطع ضرب القوة العسكرية المتواجدة شمال القطاع بعد أكثر من 40 يوما على توغله البري، مما يعني وجود تدريب وبطولات وصبر يتحلى به المقاومون".
ورأى أن العمليات تؤثر على استقرار جيش الاحتلال، وأن جيش الاحتلال بإمكانياته القتالية من دبابات وصواريخ والطائرات والمسيّرات يستطيع التوغل، لكن هذا التوغل يعطي فرصة للمقاومين لاستدراج الدبابات والجنود إلى كمائنهم، بالتالي المسألة ليست في تقدم الآليات وتوغلها إلى العمق بل في قدرتها على بسط السيطرة وانهاء المقاومة.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال تتقدم وتتوغل تحت تأثير ناري شديد من الطيران، ولكن لا يمكن أن يستقر الجيش لأن المقاومة تتواجد في الأنفاق وأماكن عديدة وفي الأبنية المهدمة، وتضرب العبوات الناسفة والقذائف المضادة للأفراد والآليات.
هدف الحرب
وعن تأثير هذه العمليات على وجود جيش الاحتلال شمال القطاع، رأى أن عمليات المقامة تؤثر على معنويات الجنود وتدفع أعدادا كبيرا من جنود الاحتياط لرفض الانخراط في الحرب.
كما أن جيش الاحتلال، وفق حمادة، كان يعتقد أنه يستطيع تحقيق أهداف الحرب بصناعة اليوم التالي بدون حماس والقضاء عليها وانهاء المقاومة واستعادة الجنود في غضون أسابيع فقط، إلا أنه لم يحقق أي منها بعد مرور 405 يوم، ورغم استشهاد عدد لا بأس به من قادة وجنود المقاومة تدمير 70% من قطاع غزة، إلا أن جيش الاحتلال لم يفلح عسكريا في تحقيق الغرض الأساس من وجود بغزة وهو استعادة أسراه.
وصرح أمس الضابط في جيش الاحتلال غيورا آيلاند وهو أحد معدين "خطة الجنرالات"، والذي أكد بأن الطريقة الصحيحة والسليمة لحل كل ما يجري هي انهاء الحرب وسحب جميع الجنود، وأن "النصر المطلق" لن يحصل.
وعقب حمادة على تصريحات إيلاند، بأن ذلك يعكس الواقع الميداني على الارض فبعد أكثر من عام لم يحقق جيش الاحتلال شيئا، وهو يدفع باتجاه حل القضية وفق صفقة معينة، وهذا اعتراف بأن استمرار الحرب لن يعني شيئا ولن يحقق أهداف الاحتلال.