بعد مرور أكثر من 400 يوم على حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، انعقدت القمة العربية الإسلامية المشتركة "غير العادية"، حاملةً معها مطالب للمجتمع الدولي، ممثلًا في مجلس الأمن، بإصدار قرار ملزم لوقف إطلاق النار الفوري، وحظر تصدير الأسلحة إلى (إسرائيل)، مما يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق هذه القرارات، وقدرة الدول العربية والإسلامية في تحويلها إلى خطوات ملموسة.
واتهم البيان الختامي الصادر عن القمة العربية والإسلامية التي دعت إليها وترأستها السعودية لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة ولبنان، (إسرائيلَ) بارتكاب إبادة جماعية في غزة، مؤكدةً أنه لا "سلام" معها قبل انسحابها حتى خط الرابع من يونيو/حزيران 1967.
وكانت العاصمة السعودية الرياضة استضافت في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2023، قمة عربية وإسلامية مشتركة لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولم تستطع تنفيذ ما تعهدت به، بل إن الحرب اشتدت وامتدت إلى لبنان.
لا تلبي التطلعات
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور أحمد رفيق عوض أن القمة العربية الإسلامية كان يُفترض أن يتخذ قرارات عملية وفعالة للضغط على (إسرائيل) وأمريكا وأوروبا لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الإبادة الجماعية وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، ولكنها اكتفت بحوالي 32 قرارًا، جاءت جميعها في إطار المطالبات والإدانة دون إجراءات ملموسة.
وأوضح عوض في حديث لموقع "فلسطين أون لاين"، أن هذه القرارات تفتقر إلى "المخالب والأظافر" على الإطلاق، إذ لا تتضمن تهديدات أو ضغوطًا حقيقية، ولا تشمل إجراءات مثل طرد السفراء أو قطع العلاقات التجارية والتطبيعية مع (إسرائيل).
وأضاف أنه في ظل استمرار القتل والدمار منذ أكثر من 400 يوم، لم يعد هناك أي مجال للمجاملة، وأن القرارات، رغم صحتها وأهميتها، تفتقر لآليات التنفيذ ولا تلبي تطلعات وآمال الشعوب العربية، خصوصًا الشعب الفلسطيني.
وحول قرار الدول العربية والإسلامية التوجه لمجلس الأمن الدولي، أكد الكاتب والمحلل السياسي أن هذا المسار لن يحقق النتائج المرجوة، مشددًا على أن الأهم هو وقف إطلاق النار، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وأعرب عوض عن أسفه لأن أمة عربية وإسلامية كاملة لم تستطع طلب وقف حرب الإبادة من الولايات المتحدة، واصفًا هذا بالعجز الشديد.
وأضاف أن إدخال المياه والغذاء إلى غزة بات يعتمد على الولايات المتحدة، وليس على قرارات الدول العربية، مما يبرز الضعف الكبير في الموقف العربي والإسلامي حيال الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع.
وفيما يتعلق بأدوات الضغط التي تملكها الدول العربية والإسلامية، أشار عوض إلى أن الدول العربية تفتقر إلى الإرادة السياسية اللازمة للتحرك بفعالية، موضحًا أن هذه الدول تتجنب إغضاب الإدارة الأمريكية الجديدة، وتلتزم باتفاقيات سابقة تجعلها مكبلة في اتخاذ خطوات جادة.
وأضاف أن القرارات الـ32 الصادرة عن القمة العربية الإسلامية، تتطلب جيوشًا لتنفيذها، وهي تظل بلا أثر ملموس، مما يظهر أن القمة لم تملك القدرة على إحداث تغيير حقيقي في المشهد.
ولفت إلى أن (إسرائيل) ردت على القمة بشكل مباشر عبر تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن عن نية ضم الضفة الغربية، معتبرًا أن هذا هو الرد الإسرائيلي الواضح على مخرجات القمة، وهو ما يعكس تجاهل (إسرائيل) للموقف العربي والإسلامي.
وكان "سموتريتش، وهو أيضا وزير بوزارة الجيش، إصدار تعليمات لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة الجيش) للبدء بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة على الضفة الغربية، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
وبحسب الصحيفة، فإن سموتريتش تعهد خلال كلمة ألقاها لتهنئة ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية، خلال ترأسه لاجتماع حزب "الصهيونية الدينية"، بأن يكون 2025 عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة" وهو الاسم الذي تطلقه (إسرائيل) على الضفة الغربية.
مخيبة للآمال
الكاتب والمحلل السياسي، سامح عسكر، يصف القمة العربية الإسلامية بأنها مخيبة للآمال، مشيرًا إلى أن كلمات الشجب والتنديد المكررة لم تعكس حجم الأزمة الإنسانية التي يعيشها أبناء شمال قطاع غزة، حيث يعانون من مجاعة لم تُطرح لها حلول عملية.
واعتبر عسكر في منشور على منصة "إكس" أن (إسرائيل) لا تكترث بما يُقال في هذه القمم، لكنها تخشى الفعل الحقيقي.
وأضاف: أن (إسرائيل) تنظر باستخفاف لخطاب العرب المكرر معدوم الفعل والرائحة، لكنها تخضع وترتعد وتتوقف جرائمها إذا تحول الخطاب لبرنامج عمل، ونشاط فعلي بعيدا عن الكاميرات والميكروفونات".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس، أكدت، أمس، على أن مقررات القمة العربية والإسلامية "تستوجب بذل مزيد من الجهود لوقف العدوان ورفع الحصار"، وذلك في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي.
وقالت "حماس"، في بيان، إنها "تؤكد على مطالبة القمة العربية الإسلامية مجلس الأمن بإلزام الكيان الصهيوني بوقف العدوان على قطاع غزة ولبنان"، مطالبة القمة بـ"التحرك الفوري لتجميد مشاركة الاحتلال في الأمم المتحدة، وحظر تصدير السلاح له".
ولفتت حركة حماس إلى أن الشعب الفلسطيني "ينتظر من أشقائه العرب والمسلمين تفعيل الأدوات المُتاحة لفرض وقف العدوان وإغاثته وكسر الحصار عنه ودعم صموده".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن (إسرائيل) -بدعم أميركي مطلق- إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.