حذّر المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة من كارثة قادمة بقتل مئات الآلاف من الغزيين إن لم يتدخل المجتمع الدولي ويلجم الاحتلال "الإسرائيلي"، منبهًا إلى أن الواقع الإنساني "متدهور ووصل إلى حافة الانهيار الشامل والمقتلة الجماعية لأبناء شعبنا".
وفي حوار مع "فلسطين أون لاين"، اليوم الإثنين، أوضح الثوابتة أن العدوان الحالي على محافظة شمال قطاع غزة جعلها "منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى"، مبينًا في شأن آخر أن ما يتعرض له القطاع الصحي من كارثية ومأساوية فاق كل التوقعات.
ووصف قرار كنيست الاحتلال بحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا بأنه "خطير وكارثي"، فيما عبر عن بالغ "الاستياء والاستهجان من التقصير الخطير الذي يطال المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة في أداء مهامها".
فعلى صعيد استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قال الثوابتة: نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية وأزمة عميقة خلفها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
وبيّن أن مختصر هذه الكارثة هو تنفيذ الاحتلال للأهداف الثلاثة التي وضعها وأولها هو القتل والإبادة وفعلا قتل حتى الآن أكثر من 53,500 مواطن بينهم 10,000 تحت الأنقاض وتحت البنايات المدمرة وفي الطرقات والشوارع ولم يسمح للطواقم الطبية والدفاع المدني بانتشالها منذ سنة كاملة من القتل المستمر.
وأضاف أن الهدف الثاني هو التدمير الشامل لكل القطاعات الحيوية إذ دمر الاحتلال 15 قطاعا حيويا تدميرا شاملا وأبرزها تدمير القطاع الصحي والمستشفيات وقتل الطواقم الطبية، والهدف الثالث هو التهجير القسري وإجبار المواطنين المدنيين على النزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكنية، وهذا كله يندرج تحت الجرائم ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي.
ونبّه إلى أن المواطنين باتوا يعانون من المجاعة وهم بدون طعام ولا غذاء ولا دواء وفقا لمخططات الاحتلال.
وبشأن العدوان على محافظة الشمال، قال الثوابتة: على مدار شهر كامل وأسبوع يواصل جيش الاحتلال عدوانا بريا وجويا وبحريا وبشكل مُركَّبٍ ومكثف على محافظة شمال قطاع غزة، ممثلة بالعدوان على جباليا المخيم وجباليا البلد وجباليا النزلة وبيت لاهيا ومشروع بيت لاهيا وبيت حانون ومحيط هذه المناطق.
وأفاد بأن هذا العدوان المستمر أسفر عن أكثر من 1,800 شهيد و4,000 جريح ومئات المفقودين، وتدمير جميع مستشفيات محافظة شمال القطاع وإخراجها عن الخدمة، واستهداف طواقم الدفاع المدني واعتقال بعضها وإخراجه عن الخدمة أيضا، إضافة إلى تدمير البنية التحتية وشبكات المياه وشبكات الصرف الصحي وشبكات الطرق والشوارع، مما جعل محافظة الشمال منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
وأوضح أن ذلك "يُؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك مخططات الاحتلال الخبيثة بالانتقام من أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم وتهجيره من أرضه مرة ثانية على غرار ما جرى تاريخيا عام 1948م، وأن هذه المخططات مغطاة أمريكيا وبضوءٍ أخضرٍ لارتكاب المزيد من المذابح والمجازر والقتل والإبادة".
وأشار المسؤول الحكومي في غزة إلى أن العدوان لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد ليرتكب الاحتلال المزيد من الجرائم ضد الإنسانية، فقد استخدم سلاح تجويع المدنيين وتعطيشهم، ومنع وصول 4000 شاحنة مساعدات وبضائع إلى محافظة شمال القطاع، وتعمًد تجويع قرابة 400,000 إنسان بينهم أكثر من 100,000 طفل منع عنهم الطعام والماء والدواء وحليب الأطفال.
وأشار إلى استهداف الاحتلال وتدميره عشرات مراكز النزوح والإيواء التي تضم عشرات آلاف النازحين الذين هربوا من منازلهم بحثا عن الأمن والأمان، لكنهم وجدوا أمامهم القتل بكل وسائل الاحتلال من طائرات حربية مقاتلة، أو طائرات الكواد كابتر، أو القناصة، أو الإعدامات الميدانية، أو غير ذلك.
وذكر أن الاحتلال منع الخدمات الإنسانية بشكل كامل، وحرم الطواقم الطبية من الطعام واعتقلها وعذبها، ومنع حملة تطعيم شلل الأطفال.
وعلى صعيد استهداف المنظومة الصحية في محافظة شمال قطاع غزة، قال الثوابتة: إن ما يتعرض له القطاع الصحي من كارثية ومأساوية فاق كل التوقعات، إذ إن الطواقم الطبية في مستشفى كمال عدوان اضطرت مع هذا الواقع إلى ترك مرضى وجرحى يموتون بسبب توقف العمليات الجراحية، وذلك في ظل استمرار القصف المتواصل والاستهداف لمحيط المستشفى طيلة ساعات الليل.
ويضاف إلى ذلك إصابة أربعة من الكوادر الصحية بحروق جرّاء قصف الاحتلال الطابق الثالث للمستشفى، مما تسبب باشتعال النيران بأقسام تضم جرحى ومستلزمات طبية، وفق الثوابتة.
وبحسب إفادته، دمر الاحتلال وأحرق المستشفيات والمراكز الطبية وأخرجها عن الخدمة، وأعدم أكثر من 1000 طبيب وممرض وكادرٍ صحيٍ منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، ومنع إدخال المستلزمات الطبية والأدوية والعلاجات والوقود.
صدمة لملايين اللاجئين
وعن قرار كنيست الاحتلال حظر أونروا، قال الثوابتة: إن ذلك يُمثّل كارثة تاريخية وصدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين داخل وخارج فلسطين والذين ينتظرون عودتهم إلى أراضيهم المحتلة منذ عام 1948م وفقا للقرارات الدولية، وتحدّيا صَارخا للأمم المتحدة وللقانون الدولي، ومساسا مباشرا بالشرعية الدولية.
وأوضح أن هذا القرار يعني استهداف الخدمات التي تقدمها "أونروا" لملايين اللاجئين الفلسطينيين، والتي تتمثل في التعليم وخدمات الرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية وخدمات تحسين المخيمات والبنية التحتية.
كما يستهدف قرار الاحتلال، والحديث لا يزال للثوابتة، خدمات التَّوْظيف وبرامج التشغيل، والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والشباب الذين يعانون من آثار الصراعات والنُّزوح، وخدمات الاستجابة الطارئة في أوقات الأزمات والصراعات.
ووصف ما يجري بأنه "عبث واستهتار وإجرام يمارسه الاحتلال وسيُؤدِّي إلى ارتفاع وتيرة المواجهة وخلق بيئة محلية وإقليمية ساخنة وغير مستقرة على الدَّوام، وسيُخلّف تداعيات وآثار خطيرة".
وطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة بالتحرك الفوري والعاجل لوقف هذه "المهزلة" التي يتجرّأ الاحتلال على ارتكابها أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.
برود تام
وفي السياق عبر الثوابتة "عن بالغ الاستياء والاستهجان من التقصير الخطير الذي يطال المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة في أداء مهامها، إذ إنها تتعامل مع الظروف الخطيرة ببرود تام وبعدم اهتمام مما شجَّع الاحتلال الإسرائيلي على التمادي في مجازره الوحشية ضد المدنيين والنازحين خاصة في محافظة شمال قطاع غزة وجباليا وبيت لاهيا تحديدا".
وأضاف أن هذه المنظمات لم تقدّم ما يلزم من الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية ولم تبذل الحد الأدنى ولا الجهد الكافي من أجل تقديم الدعم الطبي لمساعدة المستشفيات والمرافق الصحية والطواقم الطبية على البقاء والصمود في وجه الاحتلال، ولم تمدها بالمواد الأساسية والمستلزمات الطبية اللازمة لذلك.
واتهم الثوابتة تلك المنظمات بأنها كانت تتفرج على الكارثة الإنسانية في محافظة شمال قطاع غزة تحديدا، دون أن تُحرّك ساكنا، بالإضافة إلى "عجزها المُستغرب والمتمثل في عدم تقديم الدعم للطواقم الطبية في مواجهة النقص الشديد في الأدوية والمستلزمات والطعام والماء، حيث أدى تقصيرها هذا إلى تسريع انهيار المنظومة الصحية بمحافظة شمال قطاع غزة".
وقال: إن المنظمات الدولية لم تنجح في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته، ولم يكن لها دور فعلي وعملي في مواجهة الانتهاكات ضد السكان المدنيين، وأظهرت أنها عاجزة عن تسهيل تواصل الأسر المُشتتة نتيجة حرب الإبادة خاصة في حالات الاعتقال والتهجير حيث دورها المعدوم، فهناك أكثر من 250 مختطفا لدى الاحتلال وآلاف العائلات التي أجبرها الأخير على التهجير القسري دون أن نسمع لها موقفا فاعلا وعمليا.
وطالب كل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة بالالتزام بدورها المنوط بها والقيام به على أكمل وجه.
وعن أثر الاستهداف الممنهج للمنظومة الحكومية في غزة على صعيد القدرة على مواجهة تداعيات الحرب، أوضح الثوابتة أن الوزارات والمؤسسات والأجهزة الحكومية كافة تعمل على قدم وساق في جميع محافظات قطاع غزة، ولم تتوقف ولو للحظة واحدة، وهي تعمل الآن وفقا لخطة الطوارئ الحكومية بالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية.
وتابع: مع استمرارية العمل فإن حرب الإبادة كان لها تأثير سلبي وكارثي على الأداء الحكومي من حيث قتل الاحتلال آلاف الموظفين العاملين في القطاعات الحكومية والبلديات بدون ذنب، فقط من أجل القتل والإبادة وتدمير العمل الحكومي.
وتمَّم حديثه: "بكل الأحوال نحن مستمرون في خدمة شعبنا الفلسطيني العظيم، ولن نتراجع عن تقديم الخدمات لشعبنا الكريم الصامد في وجه هذا العدوان الوحشي الهمجي".